لا ينبغي للثامن والعشرين من ديسمبر أن يمر بلا توقف وتأمل، ففي مثل ذلك اليوم من العام 1948، ارتكب الإخوان المسلمون جريمة من أبشع وأخطر جرائمهم، وقتلوا رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، القتل هو اللغة الوحيدة التي يتقنها الاخوان الارهابيون في الحوار مع الخصوم والمعارضين، والاغتيال الآثم هو ردهم العملي علي القرار الذي اتخذه النقراشي بحل الجماعة، مستندا إلي جملة من الحيثيات التي تبرهن علي خطورتهم وتهديدهم للاستقرار وشروعهم في تخزين الأسلحة للقيام بعمل انقلابي. كان ميسورا علي البنا وأعوانه أن يلجأوا إلي القضاء، دون النظر إلي أنهم لا يعترفون به ولا يحترمون القانون وكان متاحا أن يستعينوا بالصحافة لمخاطبة الرأي العام، وهو السلم الذي يصعدون عليه دائما للخداع والتمويه، لكنهم وجدوا مناسبة لاستعراض العضلات، وخانهم الذكاء الذي يفتقدونه فتوهموا أن جريمتهم ستمر هكذا بلا عقاب، ويكتفي فيها بالعتاب! النقراشي ليس الضحية الأولي أو الأخيرة، فالإخوان الارهابيون المنافقون أصحاب سجل حافل تمتلئ صفحاته بسفك الدماء، وإذا مالوا إلي ادعاء الوداعة والمسالمة أحيانا فإنهم يمارسون ذلك من باب «التقية»، وفي انتظار اللحظة المناسبة التي ينقضون فيها للتنكيل بكل من يعارضهم ويفضحهم، موقنين بأن كل من يختلف معهم كافر يستحق القتل بلا محاكمة. واهم من يتصور أن الإخوان يجمعون في صفوفهم بين الصقور والحمائم، فالخلاف الداخلي لا يتجاوز التباين في وجهات النظر حول المواءمة، فإذا كان الصوت الغالب في المجتمع هو الانتصار للديمقراطية والمواطنة والدستور والدولة المدنية فإنهم يجاهرون بالنفاق ويدعون الإيمان بكل ما يضيقون به، وفي أعماقهم يقين بأن الوصول إلي السلطة هو الكفيل بتحقيق مآربهم وأفكارهم، حيث الخلافة والدولة الدينية وحكم المرشد المعصوم واحتقار المرأة وغير المسلم. فضح الإخوان واجب وطني وليس صراعا سياسيا فهم ليسوا طرفا في الحياة السياسية الشرعية بل إنهم خارجون وخوارج لا هدف لهم إلا العودة بالمجتمع المصري إلي العصور الوسطي والقيم الجاهلية، فمن الذي يرضي بفكر هؤلاء؟ ومن يقتنع بأنهم جادون في العمل داخل ساحة سياسية تحكمها أصول وقواعد؟!