العالم كله يحاول أن يخاطبنا ويؤثر فينا، ونحن نرفض أن نؤثر فيه...! هذا الكلام سببه ما قرأته أمس عن أن شهر يونيو المقبل سيشهد انطلاق أول قناة تليفزيون افريقية إخبارية ناطقة باللغة العربية، واطلق المسئولون عن القناة الوليدة اسم »القارة« عليها. وقال رئيس القناة الجديدة ان »القارة« هي القناة الافريقية الاولي باللغة العربية، التي تنفرد بتقديم تغطية شاملة للحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في افريقيا وتبث باللغة العربية علي مدار الساعة. هذه القناة لن تكون آخر القنوات الموجهة للعرب للتأثير في قراراتهم ونقل وجهة نظر الآخرين الينا، فقبل ذلك كانت هناك قنوات فرنسية وروسية وصينية وبريطانية واخيرا تركية، كلها موجهة للعرب بلغتهم والسؤال.. ماذا فعلنا نحن للعالم، هل حاولنا التأثير فيه، هل سعينا لنقل وجهة نظرنا اليهم، هل فكرنا في اطلاق قنوات فضائية بلغات العالم للدفاع عن مصالحنا.. الاجابة في نفس الخبر الذي قرأته أمس، حيث قال الدكتور محمود علم الدين رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة ان مصر لديها مشروع متكامل جاهز لإنشاء قناة افريقية باللغة العربية سبق ان اعده وزراء الإعلام الافارقة. وقال علم الدين ان المشروع موجود منذ عامين، ولكن تم تجميده ولم ير النور حتي الآن دون اسباب موضحا ان المشروع يعد فرصة جيدة في ظل الوضع الحالي، وسيكون اضافة لسياسة الدولة الرامية إلي القارة الافريقية لتبني المشروع وإطلاق القناة. المعني هنا ان ما يحدث حاليا من دول حوض النيل ومحاولتها للنيل من حقوق مصر والسودان التاريخية في نهر النيل كشف لنا أننا كنا غائبين تماما عن الساحة الاعلامية في افريقيا سنوات طويلة، واننا كنا نجلس متفرجين بينما كان الاخرون يتحركون بمنتهي الحرية علي هذه الساحة. المعني واضح ايضا ان غيابنا علي الساحة الافريقية اعلاميا هو الذي جعلنا الان نسارع إلي شرح وجهة النظر المصرية بشتي الطرق وبكل الوسائل، فالقاهرة تشهد نشاطا سياسيا مكثفا للتعامل مع ازمة مياه النيل بعد وصول عدد الدول الموقعة علي الاتفاقية الجديدة لإعادة تقسيم مياه النهر إلي خمس دول، فقد التقي الرئيس مبارك برئيس الوزراء الكيني رايلا أودينجا، الذي عقد ايضا جلسة مباحثات مع الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء، تتناول ملف التعاون بين دول حوض النيل والتقي الرئيس ايضا بالرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا وقبلها التقي بعمرو موسي لبحث تدخل الجامعة العربية في الخلاف بين دول حوض النيل ومصر والسودان. واقول هذا لكي اوضح اننا نبذل حاليا جهدا خارقا علي كل المستويات للدفاع عن وجهة نظرنا، وقد كان من الممكن ان نبذل جهدا اقل منذ سنوات لو تنبهنا لدور الاعلام في تغيير الرأي العام وقيادته. ولعل ازمة النيل تنبهنا إلي ضرورة الاهتمام بالاعلام وانشاء قنوات فضائية موجهة بلغات الدول التي لنا مصالح معها للتأثير في قراراتها وخلق رأي عام مؤيد لقضايانا.