د . آيه ماهر تستدعي الأحداث المؤسفة والمرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر الآن تكاتف ووعي وطني من جميع أطياف المجتمع، فالمواطن المصري عليه دور رئيسي وواجب وطني لكي نعبر هذه المرحلة بسلام، ويأتي دور منظمات المجتمع المدني بأشمله في إعلاء مصلحة الوطن قبل المصلحة الشخصية بما فيها من أحزاب ومؤسسات إعلامية ومؤسسات دينية وأندية وجمعيات أهلية وغيرها. ولا يخفي دور المؤسسات الخاصة في المسئولية الاجتماعية في هذه المرحلة مؤازرة للأدوار الحكومية . وإذا ما أمعنا النظر في أهم النقاط التي يجب أن يتداركها المواطن في هذه المرحلة فنجدها تتلخص في : 1-الشائعات: فكثيرا ما نجد وفي هذه المرحلة بالذات ترويجا للكثير من الشائعات بخصوص بعض الاحداث، وللأسف الشديد يتم تداولها من شخص لآخر دون دراية لصحة المصدر وهو الشيء الذي يثير البلبلة ويزيد من احتقان الكثير من الأمور التي كادت أن تهدأ، وأعتقد في تصديق أو نقل هذه الشائعات جزء نفسي يرجع لرغبة بعض الأفراد في نشر جو من الإثارة أو كسر لروتينهم اليومي بالتحليلات غير المعتادة أو لجذب انتباه الأخرين لهم بأن لديهم دائما آخر الأخبار، فأصبحنا نسمع لكثير من الشائعات التي لا يمكن أن يصدقها عقل أو منطق في وسائل الإعلام المختلفة وفي مجالس النوادي وأماكن العمل، وأري أن المواطن الواعي دور رئيسي وواجب وطني في معالجة هذا الخلل المجتمعي من خلال عدم تداوله أو نشره لأن مثل هذه الشائعات تؤدي إلي تفاقم الاحداث بدلا من حلها.
2- تصلب الرأي: بدا واضحا تصلب الرأي علي أتهه الأمور بين أطياف المجتمع المختلفة لضعف قدرة المجتمع المصري علي تقبل رأي الآخر أو احترام حرية الآخر في التعبير عن رآيه، وللأسف الشديد تجد هذه الصفة أيضا بين الطبقة المثقفة في المجتمع، فإن اختلفت في الرأي مع أحد مثلا بخصوص مرشح للرياسة أو طرح رأيك الشخصي تجاه الأحداث الجارية، أصبح يتعامل معك كما لو إنك خصم له أو طرف معادي دون أي منطق يذكر، وأعتقد أننا كمجتمع لابد أن نعي أننا في أشد الحاجة لمعالجة المشكلة السلوكية لتصلب الرأي بداخلنا بالتدرب علي استيعاب آراء الآخرين وتعلم مهارات وفنون التفاوض منذ نعومة أظافرنا في المدرسة والأسرة وسائر مؤسساتنا.
3- تقليل ساعات الإنتاجية: لقد أخذ بعض الأفراد من الأحداث الجارية حجة لهم لتقليل ساعات العمل أو التزويغ من الأعمال المنوطة إليهم، وهو أمر ليس له علاقة بالأحداث بقدر ما له علاقة برغبة هؤلاء الأشخاص في التهويل للمواقف أو الأحداث الجارية ليمنحوا لأنفسهم بعض أوقات الراحة أو من باب كسر روتين العمل اليومي، فأصبحنا نسمع بعض الترديدات التي لا أساس لها من الصحة مثل "لا يوجد مواصلات" أو "لابد أن أنهي عملي مبكرا ربنا يستر النهارده" وهو الأمر الذي يستدعي الرقابة القوية وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب بجدية من قبل المسئولين بالمؤسسات المختلفة لعدم المساس بإنتاجية وقدسية العمل وخصوصا في مثل هذه الأوقات التي يتطلب فيها زيادة إنتاجيتنا. 4- مشاركة فوضي المرور: مازلنا في أشد الاحتياج لنشر ثقافة ابدأ بنفسك، فكثيرا ما نجد بعض الفوضي في شوارع القاهرة التي تعوق سريان المرور، وكثيرا ما نجد في ظل غياب هذا الإنضباط بالشارع المصري، مشاركة للفوضي من الكثيرين من حيث كسر الإشارات والدخول عكس الطريق، الأمر الذي يتطلب وعي مجتمعي ورقابة أكثر من قبل الجهات المعنية مع تطبيق غرامات عالية فورية للمشاركين للفوضي.
5- المشاركة الوجدانية والفعلية للأحداث: مازالت بعض الطبقات المجتمعية وبالأخص في بعض الطبقات الغنية في عزلة عن الازمة الأقتصادية التي تمر بها البلاد، فتجدهم مثلما تعودوا يصرون علي السفر للخارج لشراء بعض متعلقاتهم الموسمية من الخارج، بل يبالغون في شراء السلع الترفيهية بأعلي الأسعار أو يقومون أفراحهم في أغلي الفنادق بشكل مبالغ فيه جدا من الصرف والبزخ في وقت لا تسمح ظروف البلد أوما يعانيه الشباب الآن من أزمات اقتصادية بمزاولة هؤلاء لحبهم للمظاهر. فأعتقد انه آن الآوان الآن للمشاركة المجتمعية من الجميع من خلال شراء المنتج المصري وعدم المبالغة في مظاهر الصرف والبزخ مراعاة لظروف الشباب وأيضا مؤازرة للأحداث التي تمر بها البلاد. وأعتقد أننا في أشد الحاجة لنشر ثقافة العطاء والمشاركة في بعض فئات المجتمع، وتصحيح مفاهيمهم بأن السعادة الحقيقية تكون من خلال مساعدة الأخرين وتحسين أوضاعهم المعيشية وليس بالبذخ والصرف علي المظاهر. فالواجب الوطني فرض علي كل مواطن مصري لكي نستطيع العبور من الازمة بسلام، ويأتي هنا دور منظمات المجتمع المدني في تقويم مثل هذه السلوكيات المجتمعية وحشد الطاقات لها ودور الاعلام الواعي في البناء وليس الهدم وإشاعة جو البلبلة والفوضي, ويأتي أيضا دور المؤسسات الخاصة في الموازنة بين حقهم في الربحية وحق المجتمع عليهم في المشاركة المجتمعية وبالأخص في وقت الازمات. فنراعي الله في ضمائرنا للوطن حتي ننال رعاية الله لنا.