ليس من قبيل المبالغة إطلاق لفظ "معجزة" علي تجربة سنغافورة التي تحولت خلال سنوات من مجموعة جزرلا تتعدي مساحتها 700 كيلومتر تعاني من انقسامات عرقية بين سكانها إلي أحد النمور الاسيوية. القصة كما رواها "لي كوان يو" مؤسس سنغافورة و صانع معجزتها الاقتصادية في مذكراته تلخصت في بناء جيش قوي هو أحد دعائم النهضة ، وبناء اقتصاد وطني قوي. يقول الوزير المفكر -كما يطلق عليه السنغافوريون- إن بناء مثل هذا الاقتصاد في بلد يفتقر إلي الثروات الطبيعية كان معضلة ، إلا اننا تغلبنا عليها عبر العمل علي جذب المستثمرين من خلال إنشاء بني تحتية بمواصفات عالمية ممتازة ، وخلق بيئة من الاستقرار الأمني والسياسي في ظل حكم ديمقراطي ، وخفض معدلات الفساد في الأجهزة الإدارية. عندما أراد السنغافوريون إقامة مشروع قومي ، بحثوا عن الإمكانيات والثروات فلم يجدوا سوي "الموقع الجغرافي" كجزيرة يبلغ طول سواحلها 180 كيلومترا ، حولوا شواطئها إلي أهم الموانئ التجارية في جنوب شرق آسيا . يؤكد كوان يو أهمية الكفاءات الوطنية في بناء الدولة فهو يقول " بعد سنوات أدركت أنني كلما اخترت أصحاب المواهب كوزراء وإداريين ومهنيين ، كلما كانت سياساتنا أكثر فعالية ونجاح ". الكتابة عن قصة نهوض سنغافورة ليست من باب التسلية ، لكنها درس يمكن الاستفادة منه ، فنحن الآن نقف علي أعتاب الجمهورية الجديدة ، لدينا من الثروات الطبيعية ، الموارد البشرية ، الموقع ، التاريخ ، الحضارة ، ما يؤهلنا لنكون في مصاف الدول المتقدمة ولكن نحتاج لمن يستطيع أن يدير هذه الإمكانات ..نحتاج إلي الوزير المفكر .