أصبحت صورة »مبارك نائما« من ابشع الصور المؤذية لعيني وقلبي وانا اراه يتهافت علي كسب بعض التعاطف أو الشفقة من الناس.. واتساءل كيف يقبل وهو قائد عسكري كبير يفترض ان يكون نبض عروقه كبرياء وعزة وشمم ان يصّر علي وضع نفسه في هذه الصورة المهينة ظنا منه ان ذلك قد يمنحه بعض التعاطف والإشفاق! اتذكر جيدا كيف كان مبارك يظهر امام الاعلام في المانيا وهو يناقش فريق الاطباء المعالجين له بمستشفي هايدلبرج وكان وقتها مريضا بالسرطان ومع ذلك كان يجلس إلي طاولة ويستقبل مساعديه وافراد اسرته ويسمح بتصويره وهو يرد علي التليفون ليعطي للناس الانطباع بقوته وقدرته.. فإذا به الان يرضي بالمهانة والذل وبدلا من ان يقف علي قدميه بشجاعة ليدافع عن نفسه يرضي بهذه الصورة المخزية وهم »يجرجروه« في تمثيلية سخيفة يفرضها علينا إلي جلسات محاكمته وهو راقد علي فراش منذ عشرة أشهر ليعطي الانطباع بمرضه! لقد شوهد مبارك جالسا علي مقعد في قاعة الاستراحة قبل انعقاد الجلسة وما أن اعلنوه بوقت المحاكمة حتي وقف ثم نام علي سريره واغمض عينيه في تخاذل مؤلم لقائد عسكري يطمع في الاحتماء بإشفاق الناس عليه ربما امتثالا لنصيحة من محاميه أو من خبير في العلاقات العامة نبهه للاستفادة من هذه الفرصة. وقد كانت بالفعل نصيحة مجدية في البداية.. فقد مصمص البعض شفتيه وقال: سبحان المعز المذل. وقال اخرون ان مثله لا يستحق هذا الهوان! ويبدو انه اراد ان يستدر المزيد من تعاطف الناس ولكن تكشفت الحقيقة بعد ذلك لدرجة ان نفس من تعاطفوا معه عادوا ليتهموه بالتمارض وبأنه يمثل حتي لا ينقلوه إلي مستشفي ليمان طره مع المرضي المسجونين وقالوا انه »يستموت« منذ شهور بسبب ارتجاع اذيني في القلب نصف المصريين يعانون من مثله! ورغم ذلك فالسؤال البسيط جدا الان هل يستحق مريض بارتجاع اذيني ان يقيم في الجناح الرئاسي بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة؟ وهل وجوده في هذا الجناح الباهظ التكلفة مكافأة له ام انه عقوبة جديدة يمارسها هو ضد شعب مصر كله الذي تعاني خزينته ومع ذلك يستمر في الانفاق عليه بهذا البذخ! لقد تحول السؤال علي ألسنتنا. فلم يعد: متي يسدد حسني مبارك الثمن؟ وانما اصبح: هل يسدد حسني مبارك الثمن؟! ويضربنا بعد ذلك كله مس من الجنون ونحن نري التحية العسكرية تؤدي له وكأنه رئيس حقيقي! حتي اولاده لا نجد في اعينهم مسحة انكسار أو احساس بالندم. بل بالتحدي وكأن ما غنموه من اموالنا كان حلا لهم والدهشة موصولة بزوجته التي تتحرك بطائرة خاصة لاي مكان ترتب وتظبط تحت »الرعاية« المشددة من الذي سمح لها بذلك.. ولماذا؟ ثم انظر كيف يتم ترتيب لقاء الاب بأولاده في المحكمة لكي يشبع غريزته الابوية ويتشاور معهم في امور المستقبل! انها كلها صور استفزاز وتحد ليس له مثيل للشعب تجعله يتساءل بصوت صارخ: أين الثورة؟! لقد صفقت بحرارة لممثل النيابة العامة وهو يصف حسني مبارك بانه فرعون مستبد غاشم.. ولكنه نسي ان يقول عن نومته مغمض العينين في القفص إنه ايضا محتال كبير! وصدقت ممثل النيابة وهو يصف افعاله بقوله انه اهان نفسه واطاح بماضيه وانتهي مشواره بالذل والانكسار ثم يضيف ان مبارك سعي للتوريث وأفسد السلطة وحمي الفاسدين واصدر قرارات زادت الاغنياء غني والفقراء فقرا وافقدت سياساته مصر مكانتها في العالم!! نعم للاسف هذا هو ما آل اليه حسني مبارك ذلك الكهل المغمض العينين علي سرير يدعي انه لا يستطيع ان يتركه حتي في قاعة محاكمته ولو علي كرسي متحرك ليواجه مصيره كقائد عسكري شجاع! يا خسارة الرجالة!!