من الكلمات التي تتردد الآن وتحمل معان مزدوجة »العسكر«، »يسقط حكم العسكر« رغم ان الكلمة بمفردها قد لا تدل علي معان محددة، لكنها في مصر وعبر تاريخها يصبح لها دلالات أخري، تستدعي الكلمة تاريخاً من الظلم، خاصة في زمن الاحتلال التركي، عندما كانت عصابات الانكشارية تعيث فساداً في مصر، والجنود الأتراك من شتي الطوائف يغتصبون النساء علي مداخل المساجد، بل ويغتصبون الرجال أيضاً، خلال الحكم العثماني تلاشت الدولة المصرية وحلت العصابات سواء كانت عثمانية أو مملوكية، ونقص عدد مصر منه ثمانية ملايين عند غزو سليم الأول لها في القرن السادس عشر إلي اثنين مليون ونصف المليون عندما جاء نابليون بونابرت، تستدعي كلمة العسكر أيضاً فترة الاحتلال البريطاني والتي امتدت سبعين عاماً عندما أقام الجيش البريطاني كقوة احتلال، وتتضمن أيضاً موقفاً ضد ثورة يوليو لأن الذي أشعلها ضباط الجيش وجنوده، وحكام مصر الذين تعاقبوا خلال الستين عاماً الأخيرة ينتمون إلي الجيش، لا أشك لحظة في أن أحد الأهداف الكامنة في ثورة يناير خلال مرحلة نقائها كان ضد الحكم العسكري سواء كان مباشراً أو غير مباشر، كما أنه يحوي رفض لمجيء رئيس مصر من المؤسسة العسكرية، والتطلع إلي رئيس مدني، لكن قبل التطرق إلي هذه النقطة، هل تنطبق كلمة »العسكر« علي كل العصور، أي هل يتساوي الانكشارية العثمانيون مع ضباط وجنود الجيش المصري بدءاً من 2591 وحتي الآن؟، إن الكلمة بإيقاعها الذي يتردد خلال المظاهرات الأخيرة تتضمن قدراً من الإهانة الموجهة للجيش، الخيط دقيق جداً بين رفض الدكتاتورية العسكرية، أو وجود القادة العسكريين الذين لم يعد توليهم مقاليد السلطة من سمات العصر الذي نعيش فيه، كذلك من الخطأ الخلط بين المراحل الثلاث لحكم عبدالناصر والسادات ومبارك، الثلاثة جاءوا من الجيش، لكن لكل منهم خصائصه ودوره ورؤيته، فلا يمكن المقارنة بين عبدالناصر الذي مات لا يملك بيته وليس لديه من متاع الدنيا شيئاً، وبين السادات المرفه ومبارك وفساد عصره المنطلق منه، لقد وصل التجاوز ضد المجلس العسكري حداً يطال الجيش المصري كله الذي أصبح أفراده يشعرون بالإهانة، وهذا أمر جديد له عواقب خطيرة ينبغي أن تدق أجراس التحذير منها.