الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس جنوب السودان سلفا كير إلي إسرائيل لم تكن مفاجئة ، بل تحصيل حاصل ، فالعلاقات بين الجنوب وإسرائيل قديمة قدم التمرد الجنوبي علي الخرطوم ، كما أن الخبراء الإسرائيليين منتشرون في مختلف المجالات في جنوب السودان ، الجديد في الأمر هو انتقال العلاقات بين تل ابيب وجوبا من مرحلة الخفاء إلي العلانية. علي الرغم من أن السودان ليس دولة مواجهة ولم يشتبك مع إسرائيل يوما ما ، إلا أن إسرائيل تري أن أهميته تكمن في أنه يمثل عمقا استراتيجيا محتملا لمصر ولذلك كان لابد من إضعافه بكل السبل. وتسعي إسرائيل من خلال وجودها في جنوب السودان إلي تحقيق العديد من الأهداف منها التأثير علي حقوق مصر في ملف مياه النيل ، كما تسعي لتنفيذ المرحلة الثانية من تقسيم السودان ، وكذلك إلي تثبيت الانفصال عن الشمال وقطع الطريق علي احتمال العودة إلي الوحدة. لم يكن من قبيل المصادفة أن تتزامن زيارة كير لإسرائيل مع مقتل اللواء جورج أتور، قائد التمرد في الجنوب ، فهي أول "مكافأة " تقدمها تل أبيب للدولة الوليدة علي الزيارة ، كما أنها أكبر دليل علي النفوذ الإسرائيلي في الجنوب. ليس هناك ما يدعو للدهشة من زيارة سلفا كير لإسرائيل ولا حتي زيارة بنيامين نتنياهو للجنوب علي اعتبار انه سيرد الزيارة ، ولكن ثمة تخوف من تأثير هذه الزيارات علي علاقاتنا مع دولة الجنوب ..نحن الآن نترك المجال واسعاً لإسرائيل لتعيث فساداً في عمقنا الاستراتيجي ، ثم نتباكي بعد ذلك علي علاقات الأخوة ولكن بعد فوات الآوان.