رغم الحزن والغضب اللذين يسكنان قلوبنا وصدورنا جميعا فعلينا جميعا أن نتمسك بالأمل في إيقاف هذه المأساة التي تضع الوطن علي حافة الفوضي والانهيار. اسهل الاشياء ان نتحول جميعا في هذه اللحظة الأليمة في تاريخ الوطن الي مشعلي حرائق أو ناشرين للغضب، أو مدافعين عن الخطأ أو مبررين للجرائم أو ان نلوذ بالصمت متفرغين لحساب المكاسب التي حققناها أو التي سنحققها بسبب اخطاء الآخرين.. وجرائمهم في حق الوطن وفي حق الثورة! واصعب الاشياء ان ندرك ان هذه لحظة لاستعادة العقل الذي غاب عن الجميع في الايام الماضية، وان العنف اذا لم يتوقف علي الفور فان العواقب وخيمة، وان الخيار امامنا الان بين مشهدين: مشهد تسوده طلقات الرصاص وقنابل المولوتوف والضرب والسحل. ومشهد آخر حيث شباب الثوار الحقيقيين مع جنود الجيش مع المثقفين والاهالي وهم يقتحمون النيران المشتعلة في المجمع العلمي لانقاذ ما يمكن انقاذه بعد هذه الجريمة البشعة التي لن ينساها التاريخ ابدا. الخيار محدد بين هذين الطريقين.. أن يتحول الجميع الي مشعلي حرائق تلتهم الوطن أو ان نطفئ الحريق ونوقف العنف ونمنع الكارثة من ان تكتمل، ثم نبدأ الحساب علي كل ما وقع من جرائم ونبدأ البحث عن مسار جديد بعد عشرة شهور من الادارة السيئة أوصلتنا الي حافة الفوضي! نعم.. دماء الشهداء لا يمكن ان تذهب هدرا. اهانتنا جميعا بضرب وسحل الفتيات وتعرية أجسادهن. فضيحة لا يمكن التسامح فيها. اقتحام المؤسسات واحراق المجمع العلمي مأساة كاملة. العنف الذي لا يمكن تبريره والاهانات التي لا يمكن قبولها. غياب العقل السياسي وحضور لغة القوة التي يتحول بها اي خلاف الي شلال دم. كل ذلك لابد ان يخضع للمحاسبة، وقبل ذلك كله الكارثة التي سندفع ثمنها غاليا حين يوضع الجيش في هذا الموقف ويتم دفعه للصدام مع المدنيين. الحساب سيتم ولا يمكن هذه المرة أن تتوه الحقائق كما حدث في كوارث سابقة، أو نكتفي بالحديث عن الطرف الثالث او اللهو الخفي، ولكن المهمة الاولي الآن هي ايقاف العنف وحقن الدماء، وبعدها البحث عن مسار جديد بعد عشرة شهور تركتنا في النهاية امام قوي الثورة المضادة وهي تعربد كما تشاء وقوي الثورة الحقيقية وهي تبحث عن وسيلة تنقذ الثورة من أن تتحول الي اعادة انتاج النظام القديم الذي سقط.. ولم يسقط!!