تعتبر المرحلة القادمة مرحة حاسمة وحرجة في تاريخ مصر، فلا وقت ولا داعي لإهدار الطاقات وإهدار الأموال في التحدث عن مشاكلنا التي قتلت بحثا في الاجتماعات المطولة والمؤتمرات والندوات أو الاعتصامات أو الخلافات المختلفة، أوالنقد المستمر واصطياد الأخطاء. مازالت مشكلة تشغيل الشباب علي رأس أولويات الدولة بما فيها الحكومة الانتقالية للدكتور الجنزوري، فكان التركيز من خلال اللجان الوزارية علي المشروعات الزراعية والصناعية الكبري التي تنعش الاقتصاد وتولد فرص عمل. وبالرغم من إيماني الشديد واعتزازي بشبابنا المصري الأصيل إلا أنني أتمني أن تختفي بعض السلوكيات السلبية التي واجهتني من قبل بعض الشباب أثناء تنظيمي لبعض الملتقيات الوظيفية علي المستوي القومي في السنوات السابقة، حيث كنت دائما ما أقابل بعض الشباب الذي كان دائما يشتكي من عدم وجود أي فرصة عمل له لسنوات، وعندما يأتي لهم بفرصة للعمل بأحد المصانع مثلا في قطاع العزل والنسيج أو في قطاع البناء بأجر أو في الوظائف الخدمية بالفنادق الكبري بأجر لا يقل عن 900 جم، فيرفضون الالتحاق بمثل هذه الوظائف أو يلتحقون بها علي مضض، ويصاحب هذا السلوك عدم الالتزام في الحضور أو انقطاع عن العمل أملا في الحصول علي وظيفة حكومية بأقل في الأجر من 700 جم وأقل في الالتزام والتعسف أو أملا في الحصول علي وظيفة بإحدي الشركات المتعددة الجنسيات الكبري أو شركات البترول بأجر عال مع عدم التقدير لمدي تنافسيتهم وقدراتهم لمتطلبات هذه الوظائف فيصابون بالاحباط والاصرار علي مواقفهم دون النظر إلي أسباب المشكلة، وبالرغم من ذلك، فأعتقد أن المرحلة القادمة وما شهدناه من شبابنا الواعي علي مر الشهور السابقة من حبه الشديد للوطن من خلال مشاهد اللجان الشعبية وتنظيف الشوارع أو تقديم العون لمصابي الثورة كفيل بأن يبدل كل هذه السلوكيات السلبية بسلوكيات أكثر إيجابية. فنجاح المرحلة القادمة يعتمد علي العمل الجاد والتنفيذ و تقسيم الأدوار المجتمعية لحل الكثير من مشاكنا، وتغيير النمط التقليدي للوظائف وتغيير الكثير من السلوكيات وقيم العمل السلبية لدينا في ضعف الالتزام واستعجال النتائج والطموحات أو الاستسهال، ، وأعتقد أنه لا داعي أن أطيل التحليل للوضع الراهن لبطالة الشباب لأنها معروفة لدي الجميع، حيث سيكون تركيزي أكثر علي المقترحات طبقا لأدوارهم في المرحلة القادمة التي تتمثل أولا- في الشباب: 1- تغيير النمط التقليدي للوظائف المكتبية إلي الوظائف الحرفية أو التي تعاني عجزا شديدا في مصانعنا لدرجة ان بعض المصانع علي وشك الإغلاق في بعض مصانع الغزل والنسيج أو البناء أو في مجال الزراعة التي تحتاجها الدولة في المرحلة القادمة أو بعض الوظائف الخدمية الأخري والتي تعاني عجزا فيها مثل وظيفة جليس للمسنين أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو في مجال التمريض. 2- التدريب أثناء الدراسة في فترات الاجازة في الوظائف المتاحة حتي لو بسعر رمزي أو في مجال العمل الطوعي لرفع تنافسيته. 3- الدراسة الجيدة لمشروعاتهم واستشارة أهل الخبرة لهم. 4- دراسة إمكانية الدخول في بعض مجالات العمل الالكترونية الحديثة مثل التجارة الالكترونية أو العمل عن بعد. 5- العمل علي تطوير ذاتهم من خلال حضور الندوات المختلفة بالمكتبات العامة والمراكز الشبابية لتعلم الجوانب المكملة للتنافسية من إدارة الوقت واتخاذ القرار وغيرها . 6-تدريب النفس علي الالتزام بالقيم المجتمعية للعمل وعدم الاستسهال مع التقدير المنطقي للأمور. ثانيا: يأتي دور منظمات المجتمع المدني في 1- التنسيق فيما بينهم من خلال الاتحاد العام للجمعيات لمعرفة القطاعات التي يستوجب الدخول فيها من حيث تعليم المهنة أو الحرف أو التدريب. 2- الاهتمام بالتدريب التنافسي وليس أي تدريب في المجالات الصناعية والحرفية التي تحتاجها الدولة لتسهم في فتح مجالات عمل في البناء والتشييد و الغزل والنسيج والحرف المختلفة (النجارة ، السباكة....) وأيضا الخدمي في مجالات التمريض وخدمة المسنين، وذوي الاعاقة. 2- تقديم الدعم الفني والمادي للشباب في المشروعات الصغيرة . 3- عقد الملتقيات الوظيفية للشباب وبالاخص في القطاعات التي تحتاجها الدولة. 4- تعظيم قيم العمل في جميع مؤسساتنا وتوفير التدريب اللازم لشبابنا للتحلي بالمهارات اللازمة للعمل ورفع تنافسيتهم فيما تعرف بالسوفت سكيلز وتوعيته بتغيير النمط التقليدي للوظائف. ثالثا: يأتي دور القطاع الخاص في هذه المرحلة في تحسين الضمانات الوظيفية للعمل وحفظ حقوق العاملين لجذب الشباب للعمل معهم، مع 2- زيادة المسئولية المجتمعية من خلال فتح مجالات لتدريب الشباب أثناء الدراسة و3- التركيز علي المشروعات الزراعية أو الصناعية التي تولد فرص عمل للشباب وليست الخدمية مثل المنتجعات والقري السياحية التي يتم الاستفادة منها شهرين في العام. وأخيراً يأتي دور الحكومة كمنظم ومقوم لكل من أدوار القطاع الخاص والمجتمع المدني والشباب مع التركيز في المرحلة القادمة علي الاستثمار في المشروعات الزراعية والصناعية الكبري والتركيز علي التعليم الاساسي والفني من خلال الدعم الكافي له وتشجيع الاعلام للانماط العملية للوظائف، مع إنشاء هيئة أو مجلس أعلي للموارد البشرية ليكون من أهم اختصاصته رفع تنافسية الشباب وتوظيفه والتنسيق بين الأجهزة المعنية بذلك.