يعتبر موضوع تثبيبت العمالة المؤقتة من أحد التحديات التي تواجه الحكومة الحالية باعتبارها تخص قطاعًا عريضًا من العاملين بالدولة فيما يزيد علي 480.000 ألف موظف حكومي في ظل جهاز حكومي متضخم ومترهل. أصبح الجهاز يستوعب أربعة أضعاف احتياجاته من العاملين نتيجة سياسات الدولة التعليمية منذ الخمسينات في ضمان وظيفة لكل خريج جامعي، حتي وصل عدد العاملين به إلي ما يزيد عن 6.250 مليون، أي موظف واحد لكل 12 مواطنا مقارنة بدول أخري مماثلة لنا في الظروف، حيث تكون النسبة لهذه الدول موظفا واحدا لكل 40 أو 50 مواطنًا، بينما قدرت احتياجاتنا للعاملين لتقديم الخدمات الحكومية لما يقرب من 1.5 مليون، الأمر الذي ترتب عليه مشكلة الرسوب الوظيفي وضعف أجور العاملين مقارنة بارتفاع الأسعار، والذي نتج عنه أيضا وقف التعيينات بالحكومة منذ عام 2000 وعدم قدرة الحكومة علي تعيين العمالة المؤقتة في ظل ضعف موازنة الدولة للأجور، وعدم قدرة جهاز الدولة علي استيعاب أي عمالة زائدة، وعدم إحساس الموظف الحكومي بالأمان، وضعف إنتاجيته. وإذا ما أمعنا النظر في تحليل الوضع الراهن بالنسبة للبدائل المتاحة للعمالة المؤقتة بالحكومة للعمل بالقطاع الخاص أو في المشروعات الصغيرة بالنسبة للشباب باعتبارهما البدائل الممكنة لاستيعاب العمالة الزائدة علي حاجة الحكومة سنجد دائما فجوة بين حاجة القطاع الخاص لنوعية وتنافسية العمالة التي يطلبها وبين المتاح من هذه العمالة في سوق العمل، مما أدي إلي عدم استطاعة القطاع الخاص استيعاب أعداد الخريجين الزائدة عن حاجة الحكومة؛ لضعف مهارات الكوادر من الخريجين بالجامعات والمعاهد الفنية، بالإضافة إلي ذلك لم ينجح القطاع الخاص في جذب فئة الشباب من العمالة المؤقتة بالحكومة للعمل معه مقارنة بالعمل الحكومي؛ نظرا لضعف الضمانات الوظيفية المقدمة منه للمتقدمين للوظائف، أو بسبب طول ساعات العمل لديه، فقد تصل إلي 10 ساعات مقارنة بالأجر، الأمر الذي أدي إلي عزوف فئة كبيرة من الشباب عن العمل بالقطاع الخاص، وعدم قدرة القطاع الخاص علي استيعاب أعداد العاطلين أو المؤقتين الباحثين عن عمل ثابت.. وبناء علي توصيف الوضع الراهن بما فيه من تحديات وإشكاليات، أوصي ببعض الاقتراحات بشأن العمالة المؤقتة: أولا- ضرورة حفظ حقوق العمالة المؤقتة في الضمانات الوظيفية فيما يخص الأجور والحوافز من خلال تخصيص بعض الزيادات لهم في الأجور والحوافز التي يمكن توفيرها من خلال إعادة تعديل وتصحيح أي خلل قائم في توزيع الأجور لكي يضمن عنصر العدالة والشفافية لهم، مع توفير بعض الضمانات الوظيفية الأخري مثل العلاج الصحي أو المعاش، أو مكافأة نهاية الخدمة من خلال إشراك الموظف فيها بجزء من راتبه الشهري مثلما يتبع في أغلب الدول المتقدمة، وضرورة الاهتمام برفع تنافسيتهم لتأهيلهم لسوق العمل. ثانيا- تحفيز القطاع الخاص (كتسهيلات بالضرائب أو القروض) لتوفير الضمانات الوظيفية لجذب العمالة المؤقتة أو الزائدة بالحكومة، حتي لو تطلب ذلك إدماج هذه العمالة في برامج التدريب أو التطوير لديهم لرفع تنافسيتهم، ويكون ذلك من خلال متابعة هيئة أو مجلس قومي للموارد البشرية من المتخصصين. ثالثا: سرعة إزالة كل القيود للستثمرين المصريين والأجانب في المشروعات التي تولد فرص عمل، وتحفيز هؤلاء للمستثمرين من خلال بعض المزايا الحكومية لاستيعاب 10٪ من العمالة المؤقتة بالحكومة. (ويمكن أن يختص المجلس القومي للموارد البشرية بالتنسيق لهذا الدور ومتابعة آليات تنفيذه). رابعا: زيادة استثمارات الحكومة في المشروعات التنموية (مثل ممر التنمية أو المشروعات الزراعية أو السياحة السيناوية) لفتح فرص عمل جديدة لاستيعاب العمالة المؤقتة الزائدة. خامسا: تدارك كل السلبيات السابقة بالمشروعات الصغيرة للشباب من خلال دعم المتخصصين له بالمجلس القومي للموارد البشرية لكي يكون متنفسا آخر لإستيعاب العمالة المؤقته بالحكومة.