في الوقت الذي انتظرنا فيه ولادة مصر الجديدة .. مصر العدالة والحرية والكرامة .. في الوقت الذي انتظرنا فيه أن تنتفض بلدنا من أجل تعليم وصحة أفضل لنا.. في الوقت الذي انتظرنا فيه أن تخلع بلدنا عن ذاتها رداء العنف ..وأن تتقدم أحوال عملنا وإنتاجنا وتستقر أوضاعنا .. وأن تسترد مصرنا وضعها العالمي والاقليمي والوطني .. وأن يتحسن وجه الثقافة المصرية وتسود بيننا الرؤي الحضارية المصرية الحديثة .. في الوقت الذي انتظرنا فيه التفاخر بديننا بين الأمم، وبضرب نموذج إنساني رائع للإنسان المتدين الواعي والمؤمن الراقي في الفكر والتصرف والتعاملات .. وانتظرنا فيه أن تعود للدولة هيبتها وللمواطن كرامته .. في الوقت الذي انتظرنا فيه أن يأخذ الغني بيد الفقير، والمُتعلم بيد الأُمي، والكبير بيد الصغير .. وألا يفرق بين أبناء الوطن الواحد دين ولادُنيا.. في الوقت الذي انتظرنا فيه أن نُزيح عن الوطن أعباء حاكم ظالم، ورجال حُكم طُغاة.. وأن يتحقق أمن داخلي يشمل أركان الوطن، وأمن خارجي يصون خطوطه.. وأن نكُف عن العزوف السياسي لبناء الوطن.. وأن نقضي علي الفساد ونحقق العدالة. في الوقت الذي انتظرنا أن يتطور بحثُنا العلمي، وينطلق عُلماؤنا بنا إلي حيث يتنافس أهل المُستقبل .. وأن نستفيد بطاقة قصوي من مواردنا الطبيعية والبشرية.. وحلمنا بالعامل يفتخر بإنتاجه، والفلاح بزراعته، والاقتصادي برفع شأن بلده، والضابط بشارته، والطالب بكراسته.. وانتظرنا من يرفع عنا عار قمامتنا تهدر قيمة نظافتنا في شوارعنا.. في الوقت الذي انتظرنا فيه إعلاما راقيا هادفا تنمويا، يُعلمنا ويُعلي شأننا و شأن وطننا.. وشبابنا يفتخرون بوطنهم، وشيوخنا يحتمون به، وأطفالنا يفتخرون بالانتماء له.. وأن تسود قيم الحُب والتسامح والخير بيننا.. في هذا الوقت، وهذا الوقت بالتحديد، وبعد ثورة قمنا بها أذهلت العالم منها ومنا.. توقف نبض البلد، وصوتها،وحُلمها، وعجلة إنتاجها، ودفة قيادة سفينتها، وحركة دورانها عند سؤال واحد سؤال عن المايوه؟!! سؤال يفضح سائلُه، ومُجيبه، ويفضح ثقافتنا، ويكشف غيبوبتنا، ويُظهرحقيقة حجمنا بين الأمم، ويكشف سر تخلُفنا، ويُخجلنا من أنفسنا، ويكشف جهلنا، ويجيب عن لماذا تراجعنا وتدهورت بلدنا وغابت فطنتنا وضاعت هيبتنا، وابتُذلت كرامتنا، وتراجعت رؤيتنا، وانحدرت مفاهيمنا، وتدهورت أجيالنا! سؤال يجعل من أذهلته قدرتنا العبقرية علي تفجير ثورتنا، مذهولا أيضا من قدرتنا الخارقة علي هدمها وتخريبها والقضاء عليها. سؤال .. لم يتخصص فيه علي مدي الحضارات الإنسانية عامة، أو الرسالات الدينية خاصة، صاحب رسالة، أو فقيه أو مُشرع، أومُفكر، أو نابه، أو عالم .. إلا في أيامنا هذه، وبعد ثورتنا هذه التي دفع فيها شُهداؤنا ثمنا لها أرواحهم، وفقدوا عيونهم من أجل رؤية أحلامها تتحقق ؟ سؤال، انشغلت به تساؤلاتنا، وإجاباتنا، ومفكرونا، ومجالسنا، وفضائياتنا، وناخبونا، ومرشحو رئاستنا، ويا لعارنا ! سؤال سوف تشتعل من أجله مجادلات وطنية، عن مواصفاته وأشكاله، وأنواعه، وكيف نُهدر حياة من يرتديه أو يُصنّعه أو يستورده، أو يُخبئه في حقيبته الخاصة أو دولابه أو يرسم له صورة في خياله ! سؤال سوف يقتضي أن ننشئ له دستورا يقيد حركته، وقانونا تشريعيا يعاقب عليه، وقضاة يحكمون ضده، ومحامين يدافعون عن حقوق من اشتُبه به في قضية التحريض عليه، وحبل نشُده دون رحمة حول رقبة من تجرأ علي النطق باسمه ! ياسادة .. حرام .. ولكن هل تعرفون جميعا حقا معني الحرام ؟
مسك الكلام .. سيُحاسب الله .. وبإذن الله .. من ضيع مصر وهيبتها،وأهلها، ودينها،وأرضها، وبعثر بين الأقوام كرامتها !