مصر.. بداية .. أم نهاية ؟! الاقتصاد المصري في الحضيض والإخوان والسلفيون يقتلون السياحة ويهربون الاستثمارات وينشغلون بالنقاب! الخومينيون اشتروا شعبهم بعائدات النفط الهائلة والإسلاميون في مصر ليس لديهم هذه الموارد من الصعب قبول عملية حصد الإخوان المسلمين وحتي الجماعة الأكثر تشددا منها " السلفيين " ل65 ٪ من أصوات الجولة الأولي من أول انتخابات برلمانية منذ تنحي الرئيس السابق مبارك علي أنها مفاجأة. ففي ضوء قمع أنظمة الحكم العسكرية العربية لجميع الأحزاب السياسية العلمانية في العالم العربي، علي مدي الخمسين سنة الماضية، فقد كانت أصبحت الفرصة ضئيلة في أي دولة عربية للانتقال من مبارك إلي جيفرسون، دون المرور بشكل ما من الخومينية. ويجب أن ننتظر لمعرفة ما إذا كانت هذه هي نهاية الثورة المصرية من أجل الديمقراطية، أو إذا كانت مرحلة من مراحلها، أو تعبيرا سياسيا دينيا سيتعايش مع أجندات المؤسسة العسكرية والإصلاحية العلمانية. أسئلة دون أجوبة! وحسب قوانين الجاذبية، فإنه يبقي علي جميع المرشحين للرئاسة ممن يريدون حكم مصر أن يبرهنوا علي أحقيتهم بالحكم، وهذا ما يجعلني اليوم أتابع ما يجري هناك، والذي يطرح من الأسئلة أكثر ما يقدم من إجابات. السؤال الأول: هل الأحزاب العلمانية الإصلاحية التي قادت ثورة ميدان التحرير في وقت مبكر من هذا العام وكذلك شهر نوفمبر الماضي تعلمت من أخطائها؟ فحسب ما جاء في في استطلاع للرأي أجراه مركز أبحاث كارنيجي الشهر الماضي، فإن المصريين عندما سئلوا الشهر الماضي عما إذا كان متظاهري التحرير استمرارهم ضروري لتحقيق أهداف الثورة، أم أنهم مزعجون غير مرغوب فيهم " في وقت تحتاج فيه مصر الاستقرار والاستشفاء الاقتصادي " فإن نسبة المؤيدين لاستمرار التظاهر كانت 35٪ بينما من يريدون فض التظاهر من أجل الاستشفاء الاقتصادي بلغت 53 ٪. ولكن المتظاهرون الإصلاحيون العلمانيون من أجل الديمقراطية والذين أحيوا ميدان التحرير الشهر الماضي يستحقون التقدير كأصحاب فضل في دفع العسكريين لتخفيف قبضتهم علي السلطة. ولكن هذا قد جاء فيما يبدو علي حساب إبعاد أصوات بعض المصريين من أصحاب العقول الرجعية.- الذين لا يزالون يراهنون علي المؤسسة العسكرية كضامن للاستقرار ويبدو أن هذا قد حد من قدرة الإصلاحيين العلمانيين علي المنافسة في أول جولة من الانتخابات. فقد جاءت الكتلة الليبرالية المصرية في المركز الثالث ب 15 ٪ من أصوات الناخبين. ومن هنا يحتاج الإصلاحيون العلمانيون الآن تنظيم أنفسهم وتوحيد صفوفهم. الاقتصاد المصري يئن! السؤال الثاني: هل لدي الأحزاب الإسلامية المصرية التي يمكن أن تهيمن علي حكومة المستقبل أي فكرة عن سبل رفع معدلات النمو الاقتصادي في وقت يئن فيه الاقتصاد المصري؟ فمصر اليوم تحرق من احتياطيها من النقد الأجنبي مليار دولار كل شهر،مما جعل هذا الاحتياطي ينهار حتي وصل إلي حوالي 21 مليار دولار.كما وصل الجنيه المصري إلي أدني مستوي له خلال سبع سنوات. وبلغ معدل البطالة بين أوساط الشباب إلي 25 ٪ وانهارت السياحة المصرية، التي كانت قد حققت العام الماضي 35 مليار دولار، وبلغت نسبة إشغالات الفنادق أدني معدلاتها. ورغم ذلك، فإن التركيز الأكبر للسلفيين الآن ليس علي النهوض بالاقتصاد، وإنما التفريق بين الجنسين في الأماكن العامة، وتحريم الكحوليات والتركيز علي حتمية ارتداء المرأة النقاب. ويبدو الإخوان المسلمون أقل تشددا في هذا، ولكنهم أبعد ما يكونون عن الفكر الليبرالي. وهنا تتجلي المعضلة ، كيف يمكن لهؤلاء وبهذا الفكر الذي يرمي إلي تنفيذ أجندة دينية واجتماعية متطرفة أو متشددة أن يقود مصر، لتستعيد أكبر مصادر دخلها، وإقناع المستثمرين للمجيء إلي مصر من شتي أنحاء العالم، وضخ أموالهم في بيئة يسيطر عليها هذا الفكر، ناهيك عن إقناع الدول التي تقدم مساعدات مباشرة أو غير مباشرة إلي مصر كدول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة مثلا بالاستمرار؟! الحقيقة أنني لا أعرف الإجابة، ولكنني أعرف أن السبب في تمكن القوي الخومينية في إيران من الاستمرار في الهيمنة علي هذا البلد تكمن في ضخامة عائداتها البترولية، والتي مكنت آيات الله الخومينيين من شراء مواطنيها وتجاهل الخارج، ولكن حتي هؤلاء يواجهون عصيانا شعبيا. كما أن مصر ليس لديها هذه الموارد كما في إيران. طمأنة الداخل والخارج وقد ناشد الدكتور محمد البرادعي الإخوان والسلفيين العمل علي طمأنة الداخل والخارج حتي يحافظوا علي تماسك المجتمع وضمان تدفق الاستثمارات علي مصر. السؤال الثالث: هل تتبع مصر النموذج العراقي؟.. فقد اكتسحت الأحزاب الدينية أيضا أول اننتخابات، ثم أساءوا الأداء، ومن ثم انقلب عليهم العراقيون، وفضلوا عليهم الأحزاب والقوي الليبرالية. فهل يحدث هذا مع القوي الإسلامية المصرية فيما بعد. وفي النهاية، استطيع أن أقول إن الإخوان والسلفييين قد عاشوا طويلا تحت الأرض، واعتادوا حبس أنفسهم داخل مفهوم " الإسلام هو الحل "، ولكنهم الآن ينتقلون من الممرات الأرضية إلي حيث الشارع العربي، ولذلك عليهم ضمان مركز تنافسي لمصر علي مستوي الاقتصاد العالمي، والنهوض ب85 مليون مصري ثلثهم يعانون الأمية، والتي ستتضاعف ما لم يتحركوا علي طريق النهوض بمصر.