أخطر ما يسيء إلي الاسلام الآن هم الوهابيون الذين نطلق عليهم تدليلا صفة »السلفيين« وهم أحد تيارات الاسلام السياسي التي تسعي إلي اقامة حكم ديني ذي مرجعية دينية، يبدو هؤلاء وخاصة المتحدثين باسمهم مثل أهل الكهف الذين راحوا في السبات أعواماتزيد علي الثلاثمائة ومعهم كلبهم، وعندما استيقظوا شعروا بالجوع فأرسلوا أحدهم الي الاسواق ليأتيهم بطعام، وعاد بعد حين ليقص عليهم ما رأي، كل شيء مختلف، العملة لم يتعرف عليها أحد، اللغة تبدلت، مظهر القوم، هنا ادرك الفتية الذين آمنوا بربهم ان الزمن ليس زمنهم، فأقدموا علي ما لم يقدم عليه الوهابيون المصريون الآن، حركوا الحجر ليسدوا مدخل الكهف، وهذه المرة كان الدخول إلي السبات العميق بقرار من داخلهم هم، لكن أهل الكهف المعاصرين يسعون بيننا ليس ليفسدوا العصر ولكن ليشوهوا الاسلام كدين ويجعلوا المسلمين مصدرا للتخلف ويضعوهم في تعارض مع العصر، انني مفتون بقصة أهل الكهف التي وردت في القرآن الكريم، واستلهمها توفيق الحكيم في مسرحية رائعة صدرت في الثلاثينيات. جوهر القصة إن لكل انسان زمانه، وعندما يعود في زمن مغاير يصبح غريبا، لا مكان له، وعندما يمتد العمر ببعض البشر فإنهم يشعرون بتقطع الاسباب، ويصبح الموت قرارا داخليا يتسق مع اقتراب الاعمار من نهاياتها، هؤلاء السلفيون الذين يستمدون روح المذهب الوهابي والمدعومون ماليا من مصادره، يريدون استعادة سير السلف الصالح بمفرداتها التي كانت تصلح لأزمنتهم هم وليس للأزمنة المعاصرة الآن، هذه دعوة مضادة لجوهر الدين الاسلامي الذي يدعو إلي التجديد، ومسايرة الحياة، ويعتمد التغيير سنة للكون وقانون »كل يوم هو في شأن«. يقع الوهابيون الجدد في مصر في تناقض عجيب، فهم يستخدمون كل وسائل العصر الذي يرفضونه، ولا يتصرفون بوعي مثل السلف الصالح الأقرب إليهم وهم أهل الكهف.