كأني بالدكتور الجنزوري يقف في عرض الطريق عاصبا احدي عينيه.. مادا يده يطلب من المارة أن يدلوه علي وزير يصلح لوزارة الداخلية أو الاعلام أو حتي البيئة قائلا: وزير يا ولاد الحلال. المشاورات التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة طالت لأكثر من أسبوع وكانت من قبل لا تزيد فترة المشاورات علي يومين فقط.. لان الجميع كان يتهافت علي منصب الوزير.. أما الآن فإن الدكتور الجنزوري يجد معاناة شديدة في اختيار أعضاء حكومته لكثرة الاعتذارات ممن يصلحون للمنصب.. وحتي من يوافق علي تولي المنصب يجد معارضة شديدة من الشارع.. بل ومظاهرات أمام مجلس الوزراء ومعهد التخطيط مثلما حدث مع وزيري الزراعة والقوي العاملة.. وما حدث من اعتراضات علي وزير الاعلام وغيرهم.. والرجل نفسه عاني من اعتراضات كثيرة من ميدان التحرير ضده ومظاهرات ترفض تشكيله لحكومة الانقاذ. وأخشي ما أخشاه أن يزهق الدكتور الجنزوري وينفد صبره ويخرج علي ممثلي وسائل الاعلام المتواجدين في معهد التخطيط ليعلن لهم عن اعتذاره عن تشكيل الحكومة لفشله في العثور علي وزير ترضي عنه مختلف التيارات السياسية الموجودة في الشارع والمقيمة في المحطات الفضائية. إن الدكتور الجنزوري محارب قديم واجه كثيرا من التحديات منذ أن عين في منصب المحافظ ثم مناصب الوزير ونائب رئيس الوزراء ورئيس الحكومة.. ومعلوماتي عنه انه لا يلقي سلاحه بسهولة.. ويقبل التحديات ويدافع باستماتة عن وجهة نظره القائمة علي التخطيط السليم والرؤية الثاقبة.. ولانه يستشير أهل الخبرة والعلم فيما يغيب عنه من معلومات.. ولكنه في هذه المرة تراجع أكثر من مرة في اختياراته لمن يشغلون منصب الوزير.. وكثرة التبديل والتغيير قد لا يأتي بحكومة متوافقة متجانسة.. ولن تكون بذلك حكومة انقاذ.. بل قد يصعب علي ربانها قيادتها.. ويدفع الشعب ثمن قرارات صادرة عن الحكومة المتنافرة.. أو الحكومة المرتعشة. ان التحديات أمام حكومة الجنزوري التي قد يعلن عن تشكيلها وتحلف اليمين القانونية اليوم.. وقد تكون حلفت اليمين أمس.. كبيرة وعديدة علي رأسها اعادة الأمن والاستقرار إلي الشارع المصري.. والنهوض بالاقتصاد من وهدته بعد أن ظللنا نصرف من اللحم الحي »الاحتياطي الاستراتيجي من النقد الأجنبي« طوال الشهور الماضية لينخفض الاحتياطي من 63 مليار دولار إلي 02 مليارا فقط.. كما نشرت الصحف صباح الاثنين الماضي.. ومعني هذا اننا لا نحقق أي تنمية حقيقية.. ولهذا فإن ملف الاقتصاد لا يقل أهمية عن ملف الأمن.. إلي جانب تحقيق العدالة الاجتماعية التي نادي بها ثوار يناير.. إلي جانب السير بالبلاد في طريق الديمقراطية الحقة واستكمال مسيرة الانتخابات بنزاهة وحرية لنتمكن من نقل السلطة من المجلس العسكري إلي سلطة مدنية منتخبة.. فهل ينجح الدكتور الجنزوري في الانتهاء من تشكيل حكومته ليحمل علي عاتقه تنفيذ باقي الملفات الشائكة.. أرجو ذلك.