قال الشاعر المصري في ظروف مثل الظروف التي تمر بها مصر الآن وذلك اثناء العصر المملوكي: فكم ذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكا والمضحكات المبكيات التي تنتشر الآن في مصر تعكسها الأخبار التي تنهال من القاهرة والمحافظات.. القوي السياسية تنظم مجموعات لتكون حائط صد بين المتظاهرين وقوات الأمن وذلك لحماية الشرطة من المتظاهرين. وبذلك انعكست الآية.. وأصبح المضحك سببا للبكاء.. لقد انشئت الشرطة في الأصل لتحمي المواطنين وتنشر الأمن في ربوع الوطن ولكن الذي حدث في ميدان التحرير قدم لنا شيئا جديدا، لقد أصبحت الشرطة هدف المتظاهرين وأصبحت في أشد الحاجة إلي من يحميها من غضب الثوار ولكل شيء سبب.. والأسباب التي ادت بالشرطة المصرية إلي هذا المصير المخزي كثيرة ومخجلة.. بعد 52 يناير سيطر الخوف علي رجال الشرطة واختفت من الشوارع والميادين وتولي الشعب حماية نفسه ونظم الشباب في كل شارع لجنة أو أكثر لحماية المواطنين من شر البلطجية وقالت الشرطة انها في حاجة لبعض الوقت لتستعيد رشدها وتنظم صفوفها وتعيد هيكلة نفسها.. وصبر الشعب وانتظر.. وبدأت ملامح الانضباط تعود للشارع وبدأنا نشاهد بعض رجال الشرطة في الشوارع رغم انهم كانوا مجرد »منظر«.. وجاءت أحداث التحرير الأخيرة خرجت مليونية المطلب الواحد وانصرفت مع المساء وبقي حوالي المائة شخص من أسر مصابي الثورة.. وهم بهذا العدد الضئيل ومعظمهم من النساء والأطفال لم يكونوا يمثلون أي خطر لا علي الشرطة ولا علي المواطنين ولكن لأمر ما وفي غبش الفجر انقضت عليهم قوات الأمن المركزي بعنف شديد وبضراوة غير مبررة أحرقت خيامهم وحطمت عظامهم.. وانفجرت الأزمة التي تصاعدت بصورة مخيفة تقف بمصر الآن علي حافة هاوية سحيقة لا يعلم إلا الله وحده نهايتها أو تداعياتها. لا يمكن لأي منطق ان يبرر ما فعلته الشرطة.. فالاشارات واضحة وجلية تقول ان هناك أصابع خفية وسط صفوف الشرطة تستهدف الوصول بالبلد إلي ما وصل إليه.. هناك قوي خفية وسط صفوف الشرطة كانت وراء عدم اعادة الانضباط لجموعها.. هناك أصابع خفية ومجموعات منظمة وسط الشرطة كانت وراء فتح السجون واطلاق 71 ألف مسجل خطر وبلطجي ومحكوم لينشروا الرعب في الشوارع.. هناك مجموعات في الشرطة تري بأعينها العصابات التي تسرق السيارات وتكدسها في ساحات شاسعة في الصف وفي القليوبية دون أن تحاول الاقتراب منها.. هناك مجموعات في الشرطة تسببت فيما حدث في التحرير في محاولة لافساد الانتخابات التي تجري اليوم والتي لا أحد يعلم ما سوف تسفر عنه. هناك مجموعات في الشرطة تريد للفوضي ان تنتشر وللرعب ان يسود وللشعب ان يأسف علي النظام الفاسد السابق.. هناك مجموعات وسط الشرطة لا تريد لهذا البلد أي استقرار أو أمن أو خير. ان الشرطة لو كانت حقا تريد اصلاح نفسها ولو كانت حقا علي مستوي الثورة التي أيقظت الشعب في 52 يناير لبدأت بما كان يجب ان تبدأ به وهو جمع البلطجية ووضعهم في المعتقلات.. ان لديها الكشوف الدقيقة بأسماء وعناوين وجرائم 71 ألف بلطجي يعيثون الآن في الأرض فسادا.. كان المفترض ان تبدأ الشرطة بجمع هؤلاء المجرمين وابعادهم عن الشارع.. لو فعلت ذلك لما تمكن هؤلاء من احراق اقسام الشرطة ولما تمكن اعضاء الحزب الوطني الخائن من تجنيدهم لاحباط كل محاولة للانطلاق وللاصلاح ولاعادة الأمور إلي نصابها.. في السويس قبض علي 06 شخصا اعترفوا أن بعض الاشخاص اعطوهم أموالا وطلبوا منهم الانقضاض علي السويس لسلبها ونهبها.. مَنْ هؤلاء الاشخاص؟.. لماذا لم تعلن اسماؤهم علي الفور.. هل تحمي الشرطة بعض الأشخاص الذين يصل ما فعلوه إلي مستوي الخيانة العظمي؟.. ان الشرطة لو كانت قد بدأت بما كان يجب ان تبدأ به وهو جمع البلطجية لجنبت البلاد الكثير من الكوارث ولكان ذلك أول واجب من الواجبات الملقاة علي عاتقها.. اريد فقط من يقول لي من رجال الشرطة: لماذا تركوا البلطجية وهم يعرفونهم بالاسم؟ أريد من يقول لي: لماذا تركتهم الشرطة وهي تراهم في كل يوم يشيعون الفوضي في كل مكان.. أريد من يقول لي من رجال الشرطة: لماذا تطارد شبابا مسالما وبريئا.. وتترك المجرمين العتاة الذين هم سبب كل ما يجري ووراء كل ما يحدث.. أنا واثق أن معظم الذين هاجموا الشرطة هم من هؤلاء البلطجية الذين تركتهم الشرطة في الأصل يخطفون ويسرقون ويقتلون.. هل تتصور أن جميع المواطنين الشرفاء لا يحمل أي منهم أي سلاح لأن الشرطة ترفض رفضا قاطعا منح أي ترخيص مع ان جميع البلطجية وهم بعشرات الآلاف مسلحون بكل أنواع الأسلحة.. أسئلة حائرة لا تجد اجابة ويبدو ان قدر شعب مصر أن يحمل هم الجميع.. وان علي المواطنين الآن أن يتولوا حماية رجال الشرطة الذين فشلوا في حماية وزارتهم التي كان يمكن أن تسقط لولا الجيش. ولله الأمر.