طيب الله تعالى ثراك يا متنبى فكم كنت عظيماً حينما قلت منذ ألف عام "كم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا", فوالله مازالت مضحكات مصر تملأ أرجاء الكون, ومازال البكاء يملأ عيوننا حسرة وذلة أمام شعوب العالم من حولنا, وكم أشفق على هؤلاء العلماء المصريون الذين خرجوا من عنق زجاجة الموت فى مصر إلى الحياة فى العالم الحر, حينما يسمعون هذه المضحكات المبكيات تخرج من أفواه رجالات الحكم الذين فرضتهم علينا لجنة السياسات والعلاقات والصداقات والاتفاقات وخد وهات! وآخر هذه المضحكات المبكيات ما قاله وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إن مصر حققت تطوراً كبيراً فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتخطى حدودها ليلمسه العالم، وأضاف أنه رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، التى يعانى منها العالم حاليا، إلا أن مصر تمتلك المقومات التى تؤهلها للمواجهة وأن تدخل عصر الإبداع التكنولوجى، وإن ذلك تأكد فى المباحثات التى أجراها الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى كل من دبلن بأيرلندا وبرلين فى ألمانيا! بالله عليك أليست هذه خفة ظل من وزيرنا بالشباب، أن يقول لنا هذه النكتة على صفحات الجرائد، وهل كان الرجل يحتاج للسفر لدول أوروبا حتى يتأكد أن مصر دخلت عصر الإبداع الإلكترونى؟ ألم يكن من الأوفر أن يزف لنا هذه البشرى هنا بدون سفر ومباحثات وبدلات ومصاريف بالعملة الصعبة مثل باقى وزراء لجنة السياسات الذين أخبرونا أن مصر لن تتأثر بالأزمة المالية العالمية تماماً كما تقول أنت الآن! ويبدو أننا يجب أن نشكل هذه الأزمة المالية العالمية لأنها ساعدتنا على فهم أسباب اختيار وزراء لجنة السياسات التى كنا نظنها لا تزيد على الخدمات والعلاقات بين الأصدقاء! ويضيف وزيرنا أن جامعات مصر تنتج ربع مليون خريج سنوياً، وأنه بالتعاون بين وزارتى الاتصالات والتعليم العالى فى مصر يتم تنفيذ عدد من البرامج التدريبية لصقل مهارات الخرجين فى مهارات تكنولوجيا المعلومات ووفق أحدث التكنولوجيا العالمية! ويبدو أن وزير لجنة السياسات لم يقرأ بيان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بمناسبة اليوم العالمى للإنترنت الذى يوافق السابع من فبراير، والذى تضمن أن 85% من الشعب المصرى لا يستخدمون الحاسب الآلى، وأن غالبية الاستخدامات تنحصر فى الألعاب الإلكترونية والمحادثات وسماع الأغانى والأفلام! ويبدو كذلك أنه لم يقرأ الدراسات التى تؤكد وجود عقبات أمام انتشار استخدام الإنترنت فى مصر بسبب ارتفاع أسعار أجهزة الحاسوب وتكاليف خدمات الإنترنت، وذلك فى دراسة أجريت عن اتصال أهالى المنازل فى مناطق مصر الحضرية بالإنترنت. ويعد الفشل الحقيقى الذى يجب أن يجلب حمرة الخجل على وجه حكومتنا كلها، هو فشل التعليم الإلكترونى فى مصر، وفشل خطط استخدام الحاسب الآلى فى المدارس والجامعات، وانتشار الأجهزة وقطع الغيار الفاسدة والتالفة فى سوق الحاسب الآلى فى مصر. أما الإنجازات الفردية لبعض الشباب المصرى الواعد فى البرمجيات فهى بعيدة الصلة عن الوزارة وإنجازاتها ولا يليق أن تنسب لها نجاحات فردية لم يكن لها أى فضل عليها. لذلك ندعو كل الوزراء بمراجعة تصريحاتهم الإعلامية حفاظاً علينا من أمراض الضغط والسكر والقلب.
