كن 4 صديقات.. من طبقة أقل من المتوسطة.. معا نشأن في الحي البسيط.. معا كافحن كما كن يقلن دائما وهن يضحكن " الكفاح المشرف ".. كن طموحات وطامحات لتغيير كل مايحيط بعالمهن الصغير المهمش من مظاهر القهر.. درسن.. اجتهدن.. جمعتهن باختيارهن أسوار جامعة واحدة وكلية واحدة.. في حفلة تخرجهن التي أقمنها حول كوب شاي "كشري" أقسمن علي أن تأخذ كل منهن بيد الأخري إلي الأعلي مهما طال مشوار الصعود أو تأخر ! سنوات الشقاء المر انطوت.. المظهر اختلف.. طالت إحداهن مشارف إحدي الوظائف البراقة.. رحلة اجتازتها هي بالإصرار والكد واجتزنها هن معها بتجفيف دموعها وشد أزرها وتذكيرها بأن عليها الصمود كي تشد معها إلي القمة ثانيتهن التي هي علي شفا اللحاق بها .. أقسمت أن تفعل.. علي الشاشة أضاءت صورتها في برامج سياسية متعددة.. متحدثة لامعة وألمعية.. بريق الشهرة ازداد.. انقطعت عنهن أخبارها.. غيرت رقم هاتفها.. السكرتيرة وحدها تجيبهن بالإجابة المحفوظة "في مهمة بالخارج "! ثانيتهما يدفعها عنادها للاستمرار.. وهي علي باب الترقية الكبري تسألها الثانيتان : أتلتزمين بعهدنا.. تقسم " بالكفاح المشرف " أن تفعل " خبر اختيارها لتمثيل البلد في الخارج يحتل سطر جريدة.. أنباء عن تكريم من الدولة تتوج مسيرتها الصاعدة.. وعن استقبال مسئول كبير لها وعن تكليف أكبر.. تحتفل ثلاثتهن.. يتذكرن كيف تنكرت لهن الصديقة الغائبة في فرض الخيانة.. تقسم لهن أنها لن تكون مثيلتها.. تذكرهن لقد اجتزن الصعب من الزمن معا والحسرة من الصديقة التي كانت تملك ترشيحي بإشارة منها لتختصر عليّ مسافة الصعود.. لذا لن أخذلكما ستلحقان بي فورا.. توصية بسيطة تحدث المعجزات .. المحظور يقع لامفر.. السيدة المهمة جدا تختفي عن الأنظار غير المهمة، تطالعهم صورها في أخبار المحافظات، وهي تعد بتغيير واقع للعشوائيات التي آتين منها جميعا، وبشارة بإعادة حقوق الآدمية لسكانها، افتتاحات وهمية.. ونجاحات مزيفة.. وياللا الغرابة عناق حار علي صفحات الجرائد بينها وبين صديقتهن الأولي " النجاح لايصافح إلا النجاح "! كوب الشاي هذه المرة في احتفال الصديقتين المتبقيتين "شاي فتلة من نوع أرقي من الشاي الكشري إلي جانبه تورتة صغيرة خجولة.. الاحتفال بعيد ميلاد الثالثة والتي تقول لصديقتها الرابعة المتبقية.. افتحي التليفزيون علي قناة الأسرة.. يسألونني في برنامج عن أمراض الأطفال " انترفيو" بسيط علي الماشي كده! تطالع بزهو صورتها علي الشاشة.. تحدث نفسها يالي من وجه جميل ومشرق بل ومشرف.. تسارع بالاستئذان، وهي تتحدث مع المخرج بدلال : قابلني حالا.. أريد منك أن تخصص لي فقرة كاملة يوميا وإلا ! تجري للقاء المنتج القطاع الخاص.. تسألها الصديقة الرابعة المتحلقة وحدها حول شمعة الاحتفال والتورتة.. وعيد ميلادك من يطفئ الشمعة ؟ تجيب : أطفئيها أنت.. ولاتنسي أن تسجلي لي الحلقة.. ولاتضيعي الباقي من عمرك.. "دوري عن زوج ثري يلحقك بدل ما تعنسي ".. تغلق المذهولة الباب الذي نسته الأخري.. تغلقه خلفها.. وخلف كل صداقاتها.. ستظل تعمل كمتطوعة مع الأطفال المحرومين القاطنين في المقابر.. تندمج في تسجيل ملاحظاتها للدكتوراة حول مستقبلهم.. ستتحسن أحوالهم بعدها بالتأكيد.. سيتحقق الإنجاز الحقيقي يوما ! مسك الكلام : قد تغير الشهرة واقعنا.. ولكنها لاتمحو ماضينا .