قفزت أنباء الضربة العسكرية الإسرائيلية الوشيكة لمنشآت إيران النووية إلي صدر الصحف العالمية أمس. احتلت هذه الأنباء مساحات واسعة من الصفحات الأولي والداخلية، وكأن أحداث العالم قد تم اختزالها في هذه الضربة المحتملة ضد دولة نفطية كبري ، وسيناريو الرد الإيراني، خاصة مع حلول فصل الشتاء، وما أدراك ما فصل الشتاء، وسط حرب قد تطول تداعياتها دولا نفطية كبري أخري تمثل شريان الطاقة الرئيسي للعالم وهي دول الخليج العربية. احتمالات توجيه إسرائيل ضربة عسكرية وشيكة لمنشآت إيران النووية كان له النصيب الأعظم من اهتمامات الصحف البريطانية أمس الخميس ومن بينها "إندبندت"، التي قالت إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول إمكانية نجاح إيران في إنتاج سلاح نووي يطرح أسئلة عن السيناريوهات المحتملة في حال فشل المساعي الدولية والعقوبات في ثني طهران عن السير قدما في برنامجها النووي. وتقول الصحيفة إن فشل الغرب في فرض العقوبات المناسبة علي طهران دفع إسرائيل إلي اتخاذ قرارها بتنفيذ تهديدها بشن هجوم علي البرنامج النووي الإيراني علي وجه العجلة فيما يبدو. ولكن أخطر ما كشفت عنه "إندبندنت" هو نقلها تصريحات عن مسئول في وزارة الخارجية البريطانية يقول فيها إن هناك احتمالا جديا بقيام إسرائيل بتوجيه ضربة لإيران قبل نهاية العام الجاري، فيما يشير مسئول عسكري بريطاني آخر أيضا إلي أن إسرائيل اتخذت قرارها بتوجيه هذه الضربة بأسرع ما يمكنها وإدراكا بأن تأخرها سوف يجعل ذلك أكثر صعوبة إذا ما اشتد الشتاء في الشرق الأوسط. ويضيف المسئول العسكري البريطاني الذي لم تكشف "إندبندنت" عن اسمه: "إذا تم اتخاذ القرار في إسرائيل فإنه سيكون سياسيا، وليس عسكريا، لأن العديد من القادة العسكريين في الجيش الإسرائيلي الذين التقيت بهم لديهم شكوك حول إمكانية القيام بهذا الهجوم ومدي نجاحه". وتحت عنوان يقرأ: "حقيقة إيران"، كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها تقول إن المعضلة الآن التي تؤسس لضربة إسرائيلية بمباركة أمريكية ودولية هي التقرير "المؤسس" و"الدافع" و"المحرض" علي ضرب إيران والصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمشفوع بتقديم دراماتيكي لمديرها يحيي أمانو، وبمساعدة عشر وكالات معنية فرعية، وبشهادات شهود، ومقابلات مع معنيين مطلعين، والذي جاء فيما يزيد علي ألف صفحة. وقالت "نيويورك تايمز" خلاصة الأمر ان التقرير يقدم لمجلس الأمن حالة تستوفي الشروط لإقامة الحد علي إيران، ويعطي إسرائيل ما تريده لمهاجمتها نوويا. وفي نفس السياق كتب برايان وايتكر كبير محللي صحيفة "جارديان البريطانية تحت عنوان يقرأ: "لماذا يفترض الإعلام الأمريكي الأسوأ في إيران" يقول إن ما يحدث الآن في أمريكا من دق ناقوس الحرب باتخاذ النووي ذريعة هو نفسه ما حدث عام 2003 عندما فعل نفس الشيء لتهيئة الرأي العام لضرب العراق عسكريا، وقد تم لنكتشف في النهاية أن "البعبع" النووي العراقي كان وهما، وأن جميع التقارير المؤكدة ل "توحشه" كانت زائفة، ولم ينفع ندم من شاركوا في هذه الكارثة أحدا، وحاول نفس الإعلام الأمريكي التطهر من خطيئته، بعد فوات الآوان، وها هو الآن يعاود الكرة، ولكن هذه المرة مع إيران!! من ناحية أخري، حذرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية من أن ضرب إيران أسرع مما يتصوره العالم. وقالت عبر تقرير لمراسلها في تل أبيب إن نتنياهو يبدو هذه المرة مصمما علي توجيه ضربة عسكرية لإيران. وكشف المراسل عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يقوم الآن بتجييش المجتمع الإسرائيلي بادعاء أن "هولوكوست" جديدة في الطريق مالم يتم كبح جماح إيران، وقصف منشآتها النووية، منعا لإنتاج سلاح نووي يهدد في النهاية وجود الدولة اليهودية. وأضاف المراسل أن ضرب إيران من وجهة نظر نتنياهو يصنع منه بطلا تاريخيا في إسرائيل باعتباره "الزعيم" اليهودي الذي منع "الهولوكوست"، كما أنه يعطيه أنبوبة أكسجين لاستمراره في السلطة وسط أسوأ أوضاع اقتصادية واجتماعية متأزمة في إسرائيل منذ سنوات طويلة! وكشف المراسل الألماني أن المجتمع الإسرائيلي لأول مرة يبدو متحمسا لمسايرة حكومة ما في خطتها لضرب إيران. وقال إن الأمر لو استمر علي هذا النمط المتصاعد، فإن أحدا لن يحول دون قصف إيران، خلال فترة وجيزة جدا، حتي نتنياهو نفسه.