هل أتاك نبأ ذبح الدولة المدنية ذبحا شرعيا بعد تكبيرات العيد علي أيدي قصابين الدولة الدينية ووكلائها المعتمدين علي منابر الدولة وفي ساحاتها الشعبية التي حددتها وزارة الأوقاف . هل أتاك نبأ من تسوروا محراب المساجد وبدلا من أن يطبقوا قول الله سبحانه ( فصل لربك وانحر ) حولوها إلي فصل لربك والعن الدولة المدنية في منشورات انتخابية قبل الصلاة وبعد الصلاة وفي الخطبة وبعد الانصراف من الخلاء !! . وبعد العيد عاد القصابون إلي شحذ السكين ، خلاص قرأوا فاتحة السلمي ، الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء هو الضحية في جمعة النحر ، جمعة 18نوفمبر ، هلموا لنحر الرقاب ، رأس السلمي نموذج ومثال ، رأس الذئب الطائر ، إني لأري رءوسا أينعت وقد حان قطافها . وكأن وثيقة المبادئ الدستورية من بنات أفكار الدكتور علي السلمي ومن اختراعاته الشخصية ومنبتة الجذور عن ثرواث وثوابت الدولة المدنية التي بها يتشدقون ، وكأن الوثيقة سقطت علي رأس السلمي كما سقطت تفاحة نيوتن ، صحا السلمي من قيلولته صارخا من أثر السقوط مما استلزم علاجه في لندن أخيرا ، أو هبطت سطورها من السماء مع الذين هبطوا في أدب رحلات أنيس منصور الغيبية ،أو كشف عنها شيخ معمم بالأخضر والأبيض تحت سابع أرض بتمتمات غامضة مضمخة بزخات من زئبق أحمر مستخرج من حنجرة مومياء بكر ضائعة في براري مروي . يُأخذ من وثيقة السلمي ويُرد فلا قداسة لأحد ولا حصانة لفكرة ، وثيقة السلمي ليست قرآنا تنزل من السماء ، لم ينزل في وثيقة السلمي قرآنا ، ما أتاكم السلمي فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، ليس مطلوبا أن نبصم علي الوثيقة بالعشرة ولا نرفضها بالعشرة وندهسها بالأقدام في التحرير. صحيح الوثيقة مسماة إعلاميا بوثيقة السلمي ،وهو مسئول عنها أمام التاريخ وممهورة بتوقيعه، وستسجل باسمه، ولكنها مجرد وثيقة للمناقشة ،السلمي لم يضع دستورا، ولا ينبغي له شرعا ولا قانونا أن يضع دستورا من خلف الهيئة التأسيسية وقبل الصندوق وتشكيل البرلمان وباستفتاء شعبي مشهود. السلمي اجتهد ، وللمجتهد أجران وللمخطئ أجر، وإن أخطأ فقد وضع مشروعا للنقاش العام ، صحيح جاء في غير وقته ، ولا محل له من الإعراب الآن قبل الانتخابات ، ولكنه تطوع ومن تطوع خير ، ويمكن أن نغلق باب المناقشة ، ويمكن فتح الباب للنقاش العام ، ويمكن إهمال الوثيقة كلية ،ويمكن إضافتها لمتحف الوثائق القومية ،رغم أن تعريف الوثيقة لا ينطبق عليها ابتداء. يصح نسب الوثيقة للسلمي وكفي الاخوان المسلمون شر القتال ،ويمكن نسبتها إلي حكومة شرف التي لم يند عنها تصريح حول الوثيقة يشير إلي اهتمام ما بما جاءت به قريحة نائب رئيس الوزراء ، ويمكن نسبتها إلي المجلس العسكري ومطلوب منه التبرؤ من الوثيقة وصاحبها ، لكن ما لا يصح أن تواجه وثيقة ورقية بمليونية بشرية ، أن تقابل وثيقة للمناقشة بمليونية للتهديد والوعيد ، بدلا من استعراض الوثيقة وإعمال الجرح والتعديل بمعني النقد وهو من الشرع ، يتم استعراض القوي البشرية في ميدان التحرير الأغر، ميدان التحرير الذي أسقط نظاما هو أكبر من أن يسقط وثيقة ولدت ميتة، وستدفن في أرض خلاء . يقينا السلمي لم يرتكب الكبيرة أن اضطلع بمسئولياته كنائب لرئيس الوزراء لشئون الحوار الوطني وقدم ورقة يقال عنها وثيقة ، وافق عليها من وافق ورفضها من رفض، لست عليهم بمسيطر،السلمي لم يجنح نحو الأفق حاملا موافقة البعض علي ما جاء بالوثيقة إلي المجلس العسكري رافعا الوثيقة بعلامة النصر علي الدولة الدينية ، زاعقا بأعلي صوته هذه هي الوثيقة التي كنتم عنها تبحثون ،السلمي لم يأت أمرا عجبا ، اجتهد وقام بمهمته ( الحوار الوطني ) ووضع وثيقة مبادئ في زمن عزت فيه المبادئ، وشاهت فيه حروف الدولة المدنية ، غارت مصلحة الوطن العليا في آبار المصالح الذاتية والآنية لمن يبشرون بالدولة الدينية . فلنناقش وثيقة السلمي (عليها رحمة الله) وليجزي صاحبها خيرا ، إن أصاب أو أخطأ ،ولكن يجب أيضا أن نناقش الاستخدام المفرط للتحرير في النقاش العام ،إساءة استخدام التحرير في حوارات المستقبل ، اللجوء إلي التحرير كفزاعة ، للبرهنة علي القوة والمنعة في نقاش عام، المسألة أبسط مما تتصورون ، يكفينا رفضا لوثيقة السلمي مقال أو حوار أو برنامج فضائي ،وثيقة السلمي لا تحتاج أكثر من هذا ، ممحاة رخيصة من العتبة تمحو حروفها الرصاصية ، الوثيقة مكتوبة بالرصاص ، لم يتم تحبيرها بعد . مليونية 18 نوفمبر التي تداعي إليها نفر من شباب مصر احتجاجا علي المحاكمات العسكرية للمدنيين، تم اقتناصها بليل وتجييرها وتشهيلها لصالح أجندة أصحاب الدولة الدينية،أصحاب تلك الأجندة لا يهمهم وضعية الجيش في وثيقة السلمي (المادة 10 ) فهم الذين ابتدعوا التغزل بالمجلس العسكري وخطب وده ، كما أنه لا يهمهم الجور علي الفكر والإعلام ( المادة 13 ) لكن يهمهم إرهاب الخصوم وترهيبهم بالمليونيات البيضاء واللحي السوداء والأعلام الخضراء علي نسق جمعة قندهار ، أنها جمعة الجمع ، جمعة قبل إلقاء أول ورقة في أول صندوق في الجولة الأولي، استعراض قوة ،ترهيب الخصوم ،حشد الأنصار ،شحذ الهمم ، إعلان الدولة الدينية ، نصر وفتح قريب ، فتح مصر يبدأ من التحرير . معلوم أن الطريق إلي التحرير مفروش بالنوايا الحسنة (من شباب الثورة عادة- وليس من كل الأطياف) فبماذا يفرش الطريق إلي التحرير الآن ،يفرش بالوقيعة بين الجيش والثوار، وإرهاب الخصوم ، والتحريض علي الحكومة ،وخلع السلمي ،ووأد أي بارقة أمل في تحول ديمقراطي سلمي يحترم إرادة الشارع التي سيعبر عنها في الصندوق . استباق الصندوق بوثيقة السلمي خطأ فادح ،ورفض الوثيقة بمليونية تحريرية قندهارية خطأ فادح ،التحريض علي المجلس العسكري باعتباره مصدرا مستترا لوثيقة السلمي خطأ فادح ،ترك السلمي في الميدان وحده دون إعمال مبدأ المسئولية الوزارية السياسية الجماعية لحكومة شرف خطأ فادح ، اعتبار وثيقة السلمي وثيقة من أصله هو قمة الخطأ ، اللهم ألهمنا وأخواننا الصواب يوم 18 نوفمبر.