أتمني أن تقدم حكومة الدكتور عصام شرف والمجلس العسكري قبل نشر هذا المقال علي التصرف الوحيد المناسب، وهو إلغاء وسحب كل ما عرضه مؤتمر د. علي السلمي الذي انعقد في الأسبوع الماضي، واعتبار ما يسمي بالوثيقة كأن لم يكن، كما أتمني أن يقدم د. السلمي ومنير عبد النور استقالتيهما سريعا بدل الإقالة، وأن يعتذرا للشعب المصري العظيم علي تعمد إهانته وخيانة ثورته. هذا القرار الحكيم سوف يريح الشعب المصري كله، ويطمئن الخائفين علي حاضر ومستقبل هذا الوطن العزيز، ويؤكد أن مصر الحرة، بعد ثورة يناير العظيمة، قادرة علي حماية إرادتها من العابثون، ولجم المستبدين والفاسدين والمنتفعين، وصنع مستقبلها الحر الكريم بلا وصاية من أحد، وأن المزاعم الساذجة التي يرددها هؤلاء العابثين، بالخوف من الدولة الدينية، والخشية من سيطرة التيارات الإسلامية، وتهديد الدولة المدنية هي اسطوانة مشروخة، لم تعد تنطلي علي أحد. إن فكرة وطريقة ووقائع هذا المؤتمر الفاسد تؤكد أن معركة الثوار الأحرار القادمة سوف تكون حتما مع دعاة الاستبداد والفساد والشمولية، ومحترفي العدوان علي إرادة الأمة، الذين يصرون علي تسفيه واحتقار آراء ملايين المصريين، الذين خرجوا في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في مارس الماضي، وبالرغم من أن دعاة الاستبداد والفساد والشمولية يمثلون فئة قليلة في المجتمع، سوف تنكشف في الانتخابات المقبلة، لكنهم وجدوا من داخل السلطة من يدعم حركتهم. ثم لماذا ينعقد هذا المؤتمر المشبوه، قبيل أيام قلائل من بدء الانتخابات البرلمانية في نوفمبر الجاري، التي قررت التعديلات الدستورية أنها سوف تفرز من يقومون علي إعداد الدستور الجديد، ووافق المشاركون في الاستفتاء بالأغلبية المطلقة علي هذا الرأي؟ المسألة إذن ليست اجتهادا أو خطأ في الفهم أو التأويل أو حسن النية، ولكنه تحرك مدروس ومتعمد مع سبق الإصرار، يقتضي من القائمين عليه ومن يقفون خلفهم، سرعة تقديم اعتذار علني والإعلان عن قبول واحترام إرادة الشعب. الاستبداد في العمل السياسي معناه أن أفكر نيابة عن الشعب، باعتباره شعبا أميا جاهلا لا يعرف مصلحته، ولا يقدر عواقب قراراته واختياراته، ثم أتخذ القرار أيضا بدون الرجوع إليه أو سلوك الطريق الديمقراطي للحصول علي موافقته، لأنه لا يزال تحت وصايتي، وأنا أخشي عليه من نفسه، ومشكلة هؤلاء أنهم عاشوا في ظلام الاستبداد والفساد وحالة الطوارئ، ووجدوا حياتهم ومصالحهم في استمراره، ومن الصعب عليهم أن يعيشوا من جديد في أجواء الديمقراطية وأنوار الحرية. أعتقد أن هؤلاء المستبدين سوف يثيرون الشغب في الفترة المقبلة، كلما وجدوا إلي ذلك سبيلا، وسوف يضخمون السلبيات ويثيرون الغبار حول العملية الانتخابية، ويفتعلون القلاقل عبر استخدام وسائل الإعلام، بهدف إفساد العرس الديمقراطي الذي انتظرته مصر طويلا، وإعادة الأوضاع في بلادنا إلي مربع الفوضي الأمنية وعدم الاستقرار، ولذلك أدعو كل الأحرار في الأحزاب السياسية والتيارات الإسلامية والوطنية، إلي الانتباه واليقظة من أجل تفويت فرصة إفساد الانتخابات. بإذن الله سوف تنتصر إرادة الشعب المصري الحر، وسوف نعبر هذه المرحلة سريعا، مهما كانت الأمواج عاتية والرياح شديدة، وسوف يسجل التاريخ مجددا أن الإسلاميين علي اختلاف تياراتهم، هم من ناضلوا وضحوا مع غيرهم من القوي الوطنية، من أجل ترسيخ الحرية وبناء الديمقراطية وتعزيز واحترام إرادة الأمة، ووقفوا سدا منيعا ضد العربدة السياسية، ومحاولة اغتيال إرادة الشعب، التي يقوم بها فلول اليسار والماركسية، ودعاة الفوضي والعلمانية، ومدعو الديمقراطية والليبرالية، وأنصار الاستبداد والفساد.