آخر تحديث.. أسعار الذهب اليوم خلال ختام التعاملات المسائية    أرخص شقة بمصر.. سعر المتر في وحدات الإسكان بأكتوبر رسميا    «البيت الأبيض»: نعمل على اتفاق لوقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله    «القاهرة الإخبارية»: نتنياهو سمح لجيش الاحتلال بتنفيذ عمليات إضافية في لبنان    المنتدى الإقليمي للاستشارات: الأفق السياسي مغلق أمام التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة    أخبار الأهلي: يحيى عطية الله: أحلم بتحقيق البطولة الأولى مع الأهلي    كولر: علينا خوض المباراة للفوز.. وهناك مفاجأة في التشكيل أمام الزمالك    رئيس نادي السكة الحديد: سعيد لما وصل إليه الفريق ونسعى للعودة للممتاز    جمارك الطرود البريدية بمطار القاهرة تضبط محاولة تهريب مخدر الآيس    تامر عبد المنعم يلتقي بفرق البيت الفني في مسرح البالون    أحمد الطلحي: الصلاة على النبي تجلب العافية للأبدان (فيديو)    الضويني: دولة النبي سادت العالم بالإنسانية والأخلاق الحميدة لا بحد السيف    بتواجد مرموش.. تشكيل فرانكفورت الرسمي لمواجهة فيكتوريا بيلزن في الدوري الأوروبي    كوريا الجنوبية تدعو إلى تعزيز دور مجلس الأمن للاستجابة بشكل أفضل للصراعات الدولية    أحوال الطقس في مصر.. شبورة مائية صباحًا على بعض الطرق    وزير التعليم: من الآن مفيش مدرس هيخاف تاني من طالب    أحمد العوضي يعلق على تصريح إلهام شاهين عن الصلاة.. ماذا قال ؟    بالصور.. محمد رجب يستعد لمسلسله الجديد الحلانجي رمضان 2025    بإطلالة شبابية.. ليلى علوي تتألق في أحدث ظهور والجمهور يغازلها (صور)    خبيرة اقتصادية: هناك تحسن بمزاج المستثمرين.. وارتفاعات قريبة بالبورصة المصرية    اضبط ساعتك.. موعد بدء تطبيق التوقيت الشتوي وغلق المحلات والورش    حملة "100 يوم صحة" قدمت أكثر من 89 مليونا و740 ألف خدمة مجانية خلال 56 يومًا    وزير التعليم: إعادة هيكلة المواد هدفه إتاحة الوقت اللازم لدراستها داخل المدرسة    أهمها شخصة رباح في دراما رمضان الماضي .. وليد فواز يتألق في 2024 ب 3 أعمال درامية وفيلم سينمائي    المملكة أرينا.. أبرز المعلومات عن ملعب السوبر الإفريقي بين الأهلي والزمالك (صور)    409.7 درجة حد أدنى للأسنان.. نتيحة تنسيق شهادة الكويت علمي علوم 2024 في مصر    أول تعليق من «الأزهر» على تلاوة القرآن الكريم مصحوبًا بالموسيقى: «جريمة»    رئيس حزب الإصلاح: عملية وصول الدعم لمستحقيه تختلف حسب الفئات    عادات يومية من أجل الاستمتاع بيومك للتخلص من التوتر نهائيا    وزير التعليم: نستهدف تدريس البرمجة كلغة أساسية.. المنافسة في سوق العمل ستكون عالمية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدة السموع وقرية ارطاس    نائب محافظ البحر الأحمر تكرم المشاريع الفائزة في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    رئيس جامعة المنصورة يشارك بمراسم توقيع عقود لفتح مكاتب هيئات بريطانية للتصنيف والتسجيل    شعبة الخضروات: انخفاض أسعار الطماطم ل 28 جنيها للمستهلك نتيجة زيادة المعروض    الرئيس الفلسطينى: القدس تتعرض لحملات تهويد بهدف تغيير وضعها التاريخى    نتائج قرعة دور ال16 من كأس خادم الحرمين الشريفين    دار الإفتاء: المشاركة في ترويج الشائعات حرام شرعًا    وزير الخارجية في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن: السعودية ملتزمة بتعزيز العمل الجماعي لتحقيق الأمن والتنمية    نقابة المعلمين تنعى مدير مدرسة توفي بأزمة قلبية أثناء اليوم الدراسي بالمنصورة    مبادرة "بداية جديدة" تنظم ندوة توعية لمكافحة وعلاج الإدمان بجنوب سيناء    جثة ملقاة بشوارع الإسماعيلية والسبب آثار.. حبس 5 متهمين    رئيس جامعة عين شمس يستقبل السفير الفرنسي لبحث سبل التعاون    وزيرة التنمية المحلية تتابع الموقف التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    نائب بالشيوخ: مناقشة التحول من الدعم العيني لنقدي هدفه إعلاء مصلحة المواطن    معهد تيودور بلهارس ينفي وجود مصابين بالكوليرا داخله    خبير عسكري: إخلاء جنوب لبنان بهدف توسيع دائرة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل    وزير الصحة يستقبل السفير السنغالي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في القطاع الصحي    5 أبراج تقع في الحب من النظرة الأولى..هل أنت من بينها؟    مصرع عامل صدمته سيارة أثناء عبور الطريق بالمنيا    ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر في الشرقية    بينها رد الجنسية المصرية ل84 شخصًا.. 8 قرارات جديدة لوزارة الداخلية اليوم 26-9-2024    عمر جابر: لدينا ثقة كبيرة في تحقيق السوبر.. ولا توجد أفضلية لأحد    وزارة الصحة تفوز بجائزة الأمم المتحدة للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها    إعلام عبري يفضح سبب قبول نتنياهو بمحادثات تسوية مع حزب الله تشمل غزة ولبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 26-9-2024 في محافظة قنا    البابا تواضروس: نتألم بشدة لاتساع رقعة الحرب في المنطقة    عاجل.. حقيقة طلب جوميز برحيل صفقة الزمالك الجديدة    أول رد من أسرة إلهام شاهين على أزمة فرح ابن شقيقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحية للسلاح والعار للسياسة
عبدالحليم قنديل يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 28 - 08 - 2011

كأن شيئا لم يحدث في هذا البلد، كأن ثورة لم تقم، وكأن شبح مبارك لا يزال هناك عند مركز صناعة القرار في مصر.
نعم، لم يعد الشعب المصري كما كان، فقد أنهت ثورته العظمي عهودا من الهمود والركود، وظهرت حيوية الناس طافرة في مقام رد الفعل علي جريمة قتل ضباطنا وجنودنا عند الحدود، وتنوعت مظاهر الحيوية، وتعالي الإدراك بحقيقة مصر كبلد خاضع للاحتلال السياسي الأمريكي، ومهدد بحد السلاح الإسرائيلي، وبدت الحيوية الواعية ظاهرة في الاعتصام الشبابي الطويل أمام مقر السفارة الإسرائيلية علي نيل الجيزة، وفي بطولة شعبية تلقائية للشاب الشرقاوي أحمد الشحات، والذي استعاد سيرة الشهيد سعد إدريس حلاوة، وسيرة الشهيد سليمان خاطر، وسيرة الجندي البطل أيمن حسن، وأضاف الشحات عنوانا جديدا للبطولة العفوية، وصنع معجزة تسلق عشرين دورا سكنيا، وأنزل العلم الإسرائيلي وأحرقه، ورفع العلم المصري، وفي معركة رمزية تشير إلي الحلم بالتحرير الثاني لمصر، ورد الاعتبار لقضية مصر الوطنية التي خفت صوتها لعقود، ووصل ما انقطع مع حيوية الشعب المصري التي طاردت التطبيع الظاهر في معرض الكتاب والمعرض الصناعي، ومع بطولات «تنظيم ثورة مصر»، والذي كان له فضل اختيار الرصاص في مطاردة وقتل ضباط الموساد والمخابرات الأمريكية، ثم جرت مطاردة تنظيم ثورة مصر، وحبس قائده محمود نور الدين إلي أن مات في السجن، وإلي أن اشتعلت ثورة مصر كلها، وانتبهت تياراتها وشبابها إلي القضية الوطنية التي توحد، وتفتح المجال واسعا لسباق المتنافسين، ومن أجل القضية الكبري، قضية تحرير مصر، والتي تتنوع أساليب العمل فيها من تنظيم الاعتصامات، وإلي قيادة المسيرات والمليونيات ، وإلي اجتراح بطولات رمزية تعيد كتابة معني البطولة الوطنية، وتمهد لما هو أعظم وأبعد أثرا. وفي المقابل، بدت السلطة الرسمية بعد الثورة، وكأنها تعيد سيرة سلطة مبارك المخلوع، بدت خائرة خائفة مرعوبة، وبدت ضائقة باليقظة الشعبية، وعاجزة عن مجاراتها، ،مختبئة وراء عبارات بليدة معادة مكررة، وبدا المجلس العسكري الحاكم، وكأنه في عالم آخر، وعقد اجتماعا طارئا مع حكومته، ولم ينته إلي سياسة ذات قيمة، مجرد تلاعب بالرطانة السياسية المخصية ذاتها، وحديث عام عن حق ضباطنا وجنودنا الذي لن يضيع، ثم إشارة غامضة إلي تحرك ما، ثم سحب سريع للإشارة، وادعاء بأن قرار سحب السفير المصري من تل أبيب كان مجرد مسودة لبيان لم يصدر، وهو ما بدا كلاما كوميديا بامتياز، استدعي نوعا من «التريقة» التلقائية، وعلي طريقة أن الحكومة لم تطلب سحب السفير، بل طلبت «سحلب» للسفير، وهو ما بدا موضع استغراب السفير المصري نفسه، والذي وصلته تعليمات حكومية باتصال المودة مع حكومة الكيان الإسرائيلي، وإلي حد ارتكاب عار المشاركة في حفل إفطار دعائي أقامه الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ، والمحصلة: أن سياسة المجلس العسكري وحكومته بدت غاية في الارتباك، وكأنها سياسة لحكومة أطفال تتعلم الحلاقة في رءوس اليتامي المصريين، ثم بدا الارتباك عذرا مخففاً، واتضحت الحقيقة عارية، وهي أن السلطة القائمة لا تزال علي دين مبارك، وأن عين الحكومة لا تعلو علي الحاجب الإسرائيلي، وأن أوامر صارمة صدرت بوقف أي تصعيد سياسي مع إسرائيل، وحتي لو كان لفظيا وذرا للرماد في العيون، وبالطبع فلم يكن مصدر هذه الأوامر هو الرجل «الطيب» عصام شرف رئيس الوزراء، ولا هذا الرجل «الثرثار» علي السلمي الذي ورث مقعد يحيي الجمل المهزوز، ولا حتي المدعو أسامة هيكل المسمي وزيرا للإعلام، فالأخ أسامة مجرد محرر عسكري، ومصدر الأوامر - بطبائع الأوامر- هو المجلس العسكري الحاكم، وهذه الأوامر مجرد صورة طبق الأصل من أوامر البيت الأبيض، والتي جري إبلاغها عبر جيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط، وبعد نزع مطلب سحب السفير، صارت القصة كلها رسميا مجرد زوبعةفي فنجان، ومجرد لجاجات عن التحقيق في الموضوع، والتقدم برجاء إلي السلطات الإسرائيلية لإشراك مصر، أو إطلاعها علي مجريات التحقيق، ثم ترك الأمر لتدافع الأيام والشهور، وكل شيء ينسي بعد حين»!!
إنها سياسة العار ذاتها الموروثة عن مبارك، وخاصة حين يتعلق الأمر بالمحرمات المطلقات، فقد بنيت سياسة مبارك علي أساس خدمة إسرائيل، كسبا لرضا الباب العالي في واشنطن، والمحصلة : أن واشنطن هي المتصرف الآمر في مصر، وليس للسلطة المصرية سوي حق الترجمة، وكان مبارك يترجم حرفيا، فيما تحاول سلطة المجلس العسكري أن تواصل خدمة الترجمة، ومع رجاء أن تتاح لها بعض حقوق التصرف في الترجمة، فالمجلس العسكري واقع بين ضغطين، الضغط الأمريكي الآمر في الكواليس، والضغط الشعبي الجهير في الميادين والاعتصامات، والمحصلة - إلي الآن - أمريكية صرفة، بل إن الصلف الإسرائيلي يتزايد، فقد سارع الجنرال باراك إلي رفض الاعتذار الرسمي، ورفض اعتبار انتهاك القوات الإسرائيلية لأراضينا جريمة، وكذا قتل ضباطنا وجنودنا الشهداء، وابتلعها المجلس العسكري، فمن يهن يسهل الهوان عليه، ولم يبق في الميدان سوي غضبة الشعب المصري، وإصراره الحازم علي طرد السفير الإسرائيلي بعد إنزال العلم، وغلق سفارة العدو في مصر نهائيا، وكسر سياسة المجلس العسكري الخاضعة لرغبات أمريكا وإسرائيل، وبدعوي التهدئة وضمان استمرار معاهدة العار.
وبقدر ما أن نقد ونقض سياسة المجلس العسكري الحاكم، وكشف خضوعها المذل للأمريكيين والإسرائيليين، بقدر ما يكون النقد والنقض واجبا شرعيا وفريضة وطنية، فإن الواجب يقتضي - بالقوة ذاتها - تحية الجيش المصري وقادته الميدانيين، ودورهم في سيناء وطني بامتياز، ومصر كلها مع تكثيف عودة الجيش المصري لسيناء، والاستفادة القصوي من الظروف الطارئة لتفكيك الترتيبات المهينة. نعم، تحية السلاح واجبة. ونقطة البدء هي طلب تسليم المعتدين الإسرائيليين ومحاكمتهم أمام محكمة مصرية طبقا لقانون العقوبات ، فقد وقعت الجريمة علي أرض مصرية، وضحاياها مصريون، وأبسط تصرف وطني أن نطلب محاكمة المعتدين علينا في بلادنا، ولنتذكر أن أصل قصة هواننا كان مرتبطا بخذلان السياسة لحد السلاح، أصل القصة ارتبط بخيانة السياسة لانتصار السلاح في حرب 1973، وتوالت الخيانات مضطردة في اتفاقات فض الاشتباك عامي 1974 و1975 وصولا لإطار كامب ديفيد في 15أكتوبر1978، ثم عقد ما يسمي معاهدة السلام المصرية «الإسرائيلية» التي جري توقيعها في 26مارس1979، والتي انتهت بدورها إلي وضعنا في القيد الاستعماري من جديد، بنزع سيادة السلاح في سيناء، ثم بنزع سيادة القرار في القاهرة، مع شروط المعونة الأمريكية وهو ما يعني أن التحرك الشعبي الوطني لابد له من غاية يهتدي بها، ومن برنامج عمل واضح الخطوات، فلا تعويل علي سلطة في الحال ولا الاستقبال، بل التعويل كله علي قوة دفع الثورة المصرية ، وعلي الضغط المتصل بالمظاهرات والاعتصامات والانتفاضات الوطنية، وعلي بلورة قضية تحرير مصر، وهنا لابد من البدء برد اعتبار السلاح في سيناء، وتفكيك هوان تقسيمها إلي مناطق مقيدة ومنزوعة السلاح، فثمة خطان لحدود مصر الآن، خط السلاح المحتجز عند نقطة الكيلو58 شرق قناة السويس، وخط الحدود الرسمي مع فلسطين المحتلة، والمطلوب: التقدم بخط السلاح، وجعله مطابقا لخط الحدود الدولية، وهذه هي المهمة الجوهرية العاجلة، وبالتوازي مع نشر السلاح، وتفكيك هوان الترتيبات الأمنية المذلة، لابد من تفكيك سياسة العار في القاهرة، بحل جهاز المعونة الأمريكية في مصر، وهو سلطة انتداب للاحتلال، وباعتبار بقاء السفير الإسرائيلي في القاهرة خيانة وطنية، واستمرار اتفاق تصدير «الغاز لإسرائيل» خيانة وطنية، واستمرار اتفاق «الكويز» خيانة وطنية، واعتبار الإلغاء الرسمي لاتفاقات العار أبسط دواعي ومطالب الوطنية المصرية في هذه اللحظة، فنحن بصدد «خيانة عظمي» موروثة ومتصلة لمصر والمصريين.
نعرف أن المهمة صعبة، لكن زادنا عظيم، فالشعب المصري الذي فجر ثورته العظمي، وبمبادرة طلائعه الحرة، هو ذاته الشعب القادر علي تحرير مصر، ومحو عارها، وكنس عملاء الاحتلال الأمريكي الإسرائيلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.