سبق ان كتبت عن أهمية تنظيف اللغة من الوحشية والعنف والغلظة التي تسكنها، وتعصف بإنسانيتنا وأرواحنا، وهو ما لن يحدث قبل تنظيف الواقع نفسه، من كل ذلك الخراب الذي يسكنه ويعصف بنا.. خراب متواصل، خراب في النفوس والأعماق، لم يعد الأمر مجرد تمثيل بالجثة، أو عرضها في الأسواق، لم يعد القذافي يعنينا كثيرا، ولا قليلا، لكن الخراب الذي يمارس تشويهه للأحياء، أصبح مرعبا ومخيفا، العنف يعصف بنا، يحيل الانسان الي صفيحة قمامة نتنة الرائحة.. لا أتابع البرامج التليفزيونية عادة، لكن الصدفة وحدها أوقعتني أمام برنامج هالة سرحان هذا الاسبوع (ناس بوك) كان الضيف هو الإعلامي الليبي (أحمد بن خيال) شاب أنيق، جميل الملامح، يوحي مظهره الخارجي بالرقي والمدنية، لكن ما أن تكلم حتي خرجت الكلمات من شفتيه لتثير القرف والاشمئزاز، استفاض الضيف الأنيق في الحديث عن أسرار القذافي، تحديدا عن شذوذه الجنسي، وعن تفضيله للشباب اللبناني، وأحيانا المصري !! بينما السيدة المذيعة تبدي دهشة استعراضية مفتعلة، دهشة ضاحكة تحمل من الرضا أكثر مما تحمل من الاستنكار، مرددة (أعوذ بالله.. أعوذ بالله)، (لا الشباب المصري.. لا)!! ما هذا الهبوط؟ وما هذا التدني؟ أي خطاب إعلامي هذا؟ وأي حوار هذا الذي تقدمه هالة سرحان في برامجها؟ وأي حرية هذه في لعن الموتي بحكايات الشذوذ، أو تسلية المشاهدين بالنميمة والمساخر والهبوط!