عرضنا في المقال السابق رأي الشيخ يونس القاضي وأنصاره الذين يؤكدون أن النشيد من تأليفه، وسنعرض في هذا المقال وجهة نظر حسن درويش، أصغر أبناء سيد درويش، كما قدمه في كتابه »من أجل أبي»: كان من بين الحجج التي احتج بها الشيخ يونس القاضي في مواجهة من ينسبون النشيد لسيد درويش قوله: »أبريء الشيخ سيد درويش من تهمة التأليف التي رماه بها من رثوه ونسبوا إليه مالم يقله». ويرد حسن درويش علي هذا الكلام رداً مفحماً بنشر مقطوعات شعرية من أوبرا كليوباترا، بخط يد الشيخ سيد، وقد كتب عليها بخطه أيضاً: الأجزاء المبينة بالصحيفة الأولي والثانية والثالثة من هذه الورقة هي من تأليفي وتلحيني دون سواي، نظمتها ولحنتها خصيصاً لرواية كليوباترا المعلن عنها بتاريخ 15 فبراير 1923..... إلخ. ويقول الشيخ يونس إنه كان يكتب للشيخ سيد، منذ أن كان في الإسكندرية، مشاعره التي يريد التعبير عنها بسبب تقلب حالاته مع جليلة، ويرد حسن درويش بذكر آراء كبار الشعراء عن أبيه، ومنهم أحمد رامي الذي يقول » إنه رحمه الله لم يكن موسيقياً عبقرياً فحسب، بل كان كذلك أديباً شاعراً ألف كثيراً من الأدوار في غانية من غواني الإسكندرية أحبها حب العبادة، وظل وفياً لها حتي مات، وقال فيها معظم الأدوار الغرامية التي ألفها». ويواصل حسن درويش التدليل علي أن سيد درويش كان يؤلف كلمات الكثير من ألحانه بتصوير إعلانات من زمنه تعلن عن حفلات يغني فيها من تأليفه وتلحينه أغاني نسبت فيما بعد ليونس القاضي مثل : في شرع مين، يوم تركت الحب كان لي في مجال الأنس جانب. ويوجه حسن درويش اتهاما صريحاً ليونس القاضي بالسرقة، فيقول: »نسب إلي نفسه ملكيته لبعض الأدوار التي عرفت بأنها من تأليف وتلحين سيد درويش... ثم سجلها لنفسه في جمعية المؤلفين والملحنين». وأخيراً يورد حسن درويش كلمات ليونس القاضي نشرها عام 1926 عن سيد درويش نصها: »لاأقصد بحسناته الفنية أنه يلحن القطعة لوجه الله، أو يحسن علي فنان بأن يلحن له قطعة وينسبها إليه، لاياسيدي.. إنه يحرص كل الحرص علي تلحينه حرص العفيفة علي عرضها، بل كان يغار علي المؤلفين وينسب إلي المؤلفين تأليف الكلام ولا يبالي» وأظن أن الجملة الأخيرة من هذا النص قد تفسر لنا اللبس في القضية. لكن رغم أي اتهامات توجه للشيخ يونس القاضي فمن المؤكد أنه الوحيد الذي لديه شهادة بملكيته الفكرية لكلمات نشيدنا القومي.