[email protected] محزن جدا ما جري أمام ماسبيرو يوم الأحد الماضي. وأي تهاون في إظهار ومعاقبة من أشعل الفتنة، ومن تسبب في المذبحة التي شملت المسلمين والأقباط والجيش والشعب يعني ان الأمر سيتكرر. لقد كان يوما أسود في تاريخ الوطن. لايجب مناقشة ماجري أمام ماسبيرو في اطار الكلام المعتاد عن المؤامرة الداخلية والخارجية، وفتح ملف الفتنة الطائفية الذي ثبت تماما أنه من أفعال النظام السابق وليس من أفعال الشعب.ذلك النقاش يأخذنا بعيدا جدا عما جري. وماجري جريمة كاملة كادت ان تتحول الي فتنة كبيرة لولا ذكاء الأغلبية الغالبة من هذا الشعب. وهنا لابد لأي تحقيق أن يقف عند ثلاثة أشخاص أشعلوا الفتنة،بقصد أو غير قصد، بفهم أو غير فهم، بجد أو بلا مبالاة،وتسببوا في مقتل الناس وأصابتهم من الجيش والشعب. من المسلمين والمسيحيين. وإذا لم يتم النظر في أمر هؤلاء الثلاثة سيتأكد عند الجميع أن الأمر كله من أفعال النظام الحالي ، أو علي الأقل سيصل الجميع الي هذه القناعة، وستظل الفتنة ولن تنام. الشخص الأول الذي يجب الوقوف عنده هو محافظ أسوان، الذي قرر أو وافق علي هدم كنيسة ماريناب او حتي المضيفة المقامة منذ عام 1940.بحجة أنها بلا ترخيص. والكل يعرف أن نصف مباني مصر بلا ترخيص ويتم تسوية الأمر في المحاكم. ولم يشفع للكنيسة مرور سبعين سنة. فجأة اكتشفوا خطأ الأجهزة والحقيقة أن الأمر كله استجابة لبعض دعوات المتطرفين من دعاة الإسلام. ولم يقتصر الأمر علي الهدم فقط بل حرق ونهب لمحتوياتها وكان رد المحافظ أنها ليست كنيسة ولكن مضيفة, ولم يرد علي سؤال لماذا يهدم مكان مضي عليه سبعون سنة، ولماذا مثلا لم يترك او يعطي ترخيصا. والمعروف في قانون الترخيص للبناء إنه إذا مر شهر ولم يرد الحي علي طلب الترخيص رفضا أو موافقة، فيعني ذلك الموافقة علي الترخيص.لم تكف سبعون سنة. حوّل المحافظ الأمر إلي النيابة كما قال. ماذا ستفعل النيابة ؟ ستقول هو علي حق أم علي باطل بعد سبعين سنة ؟!. كان عليه أن يعتذر عما جري ويقر اعادة بناء الكنيسة وكان عليه ألايوافق علي ماجري من الأساس. كان ذلك كفيلا بإراحة النفوس. بل وسمعنا وقرأنا أن عددا من رجال القبائل كانوا يتجهون إلي أسوان للاشتباك مع الاقباط المتظاهرين هناك - لا يصلون إلي مائتي قبطي - مما جعل الاقباط يفضون الاعتصام. من بالله عمل علي تحريك القبائل، ولماذا كانت قادمة للاعتداء علي الاقباط أمام المحافظة وتأييد المحافظ. طبعا القبائل لم تأت بعد أن انصرف الأقباط. لكن انتقلت المسألة إلي مصر كلها. الثاني هو من أذاع علي التليفزيون المصري نبأ اعتداء الأقباط علي الجيش أمام ماسبيرو ومقتل شهيدين من الجيش،وطلب من المسلمين القدوم للدفاع عن جيش مصر أمام الأقباط.وصور الأمر كله بحسم كأن الاقباط هم الذين بدأوا الهجوم مما أثار بعض المسلمين في كثير من الأحياء فجاءوا إلي موقع الحدث للاشتباك مع الأقباط وذهبوا وراءهم الي المستشفيات يهتفون إسلامية إسلامية. لقد قال وزير الإعلام فيما بعد، وبعد ساعات،أن ذلك لم يحدث وكان انفعال مذيعين للنشرة، والكل يعرف أن النشرة تقدم للمذيع ورقة مكتوبة أو تكون أمامه علي الشاشة. لقد كان هذه الخبر وحده كافيا لإحراق البلاد،خاصة أنه ظل علي شريط الأخبار المصرية لساعات دون اشارة لمقتل الأقباط. لقد سمعت وزير الإعلام في قناة الحياة يقول أنه ترك مكتبه في الساعة السادسة، أي وقت وقوع المجزرة، ثم سمعته في الجزيرة يقول أنه ترك مكتبه في الخامسة. قلت هو لايريد ان يتورط في تقرير أمر لم يحدث، او لايريد أن يكذب فيقول غير الحقيقة. وفي كل الأحوال الحقيقة أن المجزرة بدأت في السادسة. وفي كل الاحوال أيضا الذي اذاع الخبر علي هذا النحو لم يكن يسعي لوأد المجزرة بل إشعال الفتنة الكبري هذه المرة في كل البلاد. الشخص الثالث لابد للحكومة أن تقول من هو شخصا أم جماعة. لقد كان هناك عدد كبير من الشخصيات العامة منهم الدكتور عماد جاد الذي أعلن بوضوح أنه في الساعة السادسة بدأت طلقات الرصاص الصوتي فجأة في الهواء وبدأت العربات المدرعة في دهس المتظاهرين بلا رحمة. وقالت ذلك الشاعرة فاطمة ناعوت وكانت هناك، وقالت ذلك مراسلة قناة دريم سارة حسن. وممكن جدا أن اتساع مساحة المتظاهرين لا تجعل أي شخص يري السبب الحقيقي لهذا القرار غير الانساني.. مذبحة.. لكن من المؤكد أن ذلك حدث وشاهدناه علي الفضائيات وعلي اليوتيوب.وهذا هو الذي يستوجب التحقيق السريع والحقيقي. وإذا ثبت أن ذلك حدث بعد أي هجوم علي قوات الشرطة عسكرية أو أمنا مركزيا فلابد أن نعرف نوع هذا الهجوم وأدواته ومن قاموا به،لأن إطلاق النار ودهس المتظاهرين ، يقع تحت تصنيف الجرائم ضد الإنسانية. إذا كان هناك مبرر لم يره أي من الذين قالوا ذلك فعلينا أن نعرفه. وعلي الذي أصدر أمر الدهس واطلاق الرصاص الحي أن يقول لنا من هو هذا الطرف الذي جعله يفعل ذلك، وما هي الاسلحة التي استخدمها ويظهرها للناس مع أصحابها. نريد أن نعرف اذا كانت هناك اي عناصر مندسة أشعلت الموقف من هي هذه المرة بالذات ولا يترك الأمر مرسلا للتخلص من المأزق. نعرفها ونراها أمامنا وننتهي منها نهاية حقيقية لانه بدون تحديدها ستكون سببا دائما لإطلاق النار فيما بعد. وإذا لم نفعل ذلك فيكون الأمر معلقا برقبة من أصدر الأمر بالدهس والقتل الذي بعده جري ماجري. هذا وحده بعيدا عن أي تحليلات فكرية للفتنة الطائفية في مصر سيغلق الباب لتكرارها مرة أخري . وأكرر حزني الشديد علي كل الضحايا من كل الأطراف. بل وحزني علي الوطن.