تابعت منسجما دبة النملة في المطب الأكبر الذي هو أسعار السيارات مابعد »زيرو جمارك»، وقفت حينا مع رأي علية القوم في عالم السيارات، وأحيانا انتصرت لآراء فيس بوكية، جاءت علي جناح حملة مقاطعة هناك أو هناك.. سر انسجامي أن حرية الرأي تنعشني أيا كانت، خاصة إذا كان يحمل لواءها مجموعة شبابية مستنيرة، ومن حقها امتلاك سيارة تدوس علي الجشع والاستغلال والاحتكار. المشهد بتفاصيله جعلني أري النظريات الإعلامية حية تسعي، تلك النظريات التي طالما درستها نظريا، وكنت أقلب صفحاتها، ساخرا: مجرد كلام! لكن هذا الكلام اكتسي لحما ونفخ فيه الإعلام البديل الفيس بوكي وغيره الروح، فأسمع صوته من به صمم، ولو كان »هوارد رينجولد» حيا بيننا الآن لرقص طربا ! لكن من هو هوارد هذا؟ إنه مؤلف كتاب »الغوغاء الذكية» وهي نظرية إعلامية حديثة تؤكد قدرة الأفراد علي التعاون بينهم لتحقيق أهداف محددة لهم، وتسخير شبكات التواصل الاجتماعية لذلك. إذن من مصلحة الوكلاء والموزعين والتجار والمستهلكين أن نفكر بصوت مسموع لتحقيق هدف الجميع، فليس من مصلحة الوكيل ألا يحقق التارجت target »نسبة المبيعات»، ولو حدث ستلغي الشركة الأم توكيلها له ولن يتحجج وقتها بمنطق السيد عبد الجواد »سي السيد»: »بضاعة أتلفها الهوي»، والتاجر يسعي للربح وتوقف حالة الشراء تسير في الاتجاه المعاكس لذلك، والمستهلك يريد امتلاك سيارة بسعر مناسب! وقد كتبت في نفس هذا المكان ديسمبر الماضي أنه لابد ألا تترك الدولة الحبل علي الغارب في تجارة السيارات، فأضعف الإيمان أن يطارد جهاز حماية المنافسة فيروس الاحتكار في سوق السيارات، وأن يجتمع أطراف منظومة السيارات علي كلمة سواء في معضلة هامش الربح. سكة السلامة رأيتني في منزل عبد الحليم حافظ بعد وفاته بعشرين سنة، كنت وقتها محررا فنيا في صحيفة »أخبار النجوم» وقد اعتدنا في ذكري وفاة العندليب الأسمر أن نخصص عددا كاملا عنه، وهذه المرة قررت أسرة التحرير أن تكون »أغاني» العندليب هي تبويب العدد الخاص بذكراه، بمعني أن عبد الحليم حافظ له أغنية اسمها »جواب»، فنخصص موضوعا علي صفحتين عن أهم الخطابات »الجوابات» التي تلقاها " حليم" في حياته، وبينما أنا في بيت »حليم» إذ بابن شقيقه يصطحبني لغرفة لأشاهد تلالا من الخطابات، التي مازال عشاق »حليم» يرسلونها لأسرته، أخذت عينة عشوائية من الخطابات، ونشرت محتواها، بعضها كان يطلب صورة لحليم عليها توقيع أحد من أسرته، وبعضها يطلب أن يأتي لزيارة بيت العندليب، أما الخطاب الذي أدهشني فكان من »تل أبيب» لشاب إسرائيلي يطلب صورة قديمة لعبد الحليم عليها توقيعه، والأكثر دهشة أن الإسرائيلي هذا أرفق »دولارا» مع خطابه ؛ حتي لاتتكلف أسرة العندليب أي نفقات لإرسال مايريد له في خطاب مسجل ! الإسرائيليون يعرفون عدوهم جيدا، ويدرسون توجهاته ويهتمون حتي بأغانيه، بينما أمة العرب مهتمة بنبش القبور واستخراج »رفات» أبناء ملتهم ووطنهم للانتقام منها!! وماحدث في ليبيا ليس ببعيد. فرامل يد هي: أتبكي بعين تراني بها ؟! هو: إذا أستحسنت غيركم، أمرت الدموع بتأنيبها. هي.. صارخة: الآن عرفت سر دموعك كلما صافحتك.. امرأة.