لن ينسي أحد في مصر كلها، و يجب ألا ينسي علي الاطلاق، مهما طال الزمن، وتعاقبت الأيام والسنون، ملحمة النصر والعبور، واسترداد الأرض، واستعادة الكرامة والعزة لكل المصريين، لحظة قهر الهزيمة ورفع علم مصر علي أرضها المحررة. ومن حق الأجيال الشابة من أبناء مصر علينا جميعا، ان نرسخ في عقولهم وقلوبهم تلك اللحظات الفارقة في تاريخ الوطن، وأن تظل تلك الملحمة العظيمة ماثلة دائما وأبدا أمام أعينهم، حية في وجدانهم، تشع نورا يضئ أمامهم طريق الأمل في المستقبل الأفضل. وإذا كنا نتحدث كثيرا عن روح أكتوبر، ونردد ذلك التعبير علي اسماع أجيالنا الشابة، فمن حقهم علينا ان ندرك انهم قد يستوعبون، علي وجه الشمول، أو العموم ما نقصده، ولكنهم بالقطع يحتاجون إلي مزيد من الإيضاح، والتبيان،..، وهذا واجب كل من عاصر وشارك وعايش هذه الأيام العظيمة بكل ما فيها من انجاز، وصل إلي حد الإعجاز والإبهار. وفي هذا الإطار لابد ان ندرك ان »روح أكتوبر« تعني الكثير لمن شاركوا في صناعة النصر، سواء بالفعل المباشر، اشتراكا في القتال والعبور، أو الإعداد المسبق للحرب والاستعداد لها،وطوال الاعداد للمعركة، وحتي ساعة الحسم،...، وهي السنوات الصعبة التي تم خلالها إعداد الدولة للحرب، وتوظيف جميع امكانياتها لخوض معركة النصر، واستعادة الأرض. ومن هنا، فإن روح أكتوبر تعني لهؤلاء جميعا الكثير من المعاني، وتضم في طياتها زخما هائلا من المشاعر المتدفقة، تحمل في مجملها أحاسيس الفخر والاعتزاز لكل من شارك أو عايش هذه الملحمة الرائعة التي تحققت وقامت علي العمل الشاق، والمدروس، والجهد المكثف والموجه توجيها صحيحا، ومن قبل ذلك ومن بعده الاستعداد الكامل لتقديم كل ما يملكه الإنسان المصري فداء لوطنه، وتحرير الأرض. ولذلك فإن »روح أكتوبر« هي في جوهرها تمثل قدرة المصريين علي تحدي المستحيل، وبذل أقصي ما يملكون من طاقات خلاقة، لتحقيق الأهداف التي يصبون إليها،...، وتمثل أيضا قدرتهم علي الدفاع عن أرضهم ووطنهم رغم كل الظروف، وبالرغم من جميع الصعاب.. وما يهمنا ان ننقله للأجيال الشابة، الآن وفي كل وقت، ان روح أكتوبر ليست تعبيرا فضفاضا ليس له ترجمة واقعية وملموسة، وليست شعارا يردده البعض بلا مضمون،...، بل هي في حقيقتها وجوهرها، خطة عمل، ونظام فعل، وترتيب صحيح للأولويات، والتزام واضح ودقيق بالخطة الموضوعة، ومراحل التنفيذ،..، وقبل ذلك وبعده تحديد واضح للأهداف، ودراسة جادة لوسائل تحقيقها، وسبل تنفيذها. فهل نستطيع الآن استعادة »روح أكتوبر«؟! اعتقد اننا نستطيع لو خلصت النوايا وصدق العمل.