لا أعرف لماذا نصر كعرب علي الظهور بهذا المظهر المضحك أمام العالم ؟ ولماذا الإصرار علي عقد القمم العربية التي فقدت معناها منذ سنوات طويلة؟ فحلم الوحدة العربية تحول إلي الكابوس العربي الذي يلاحقنا منذ قرر صدام حسين غزو الكويت.. وربما من قبل هذا التاريخ عندما استبدلنا الفعل في كل ما يخص العدوان الإسرائيلي علي فلسطينولبنان ببيانات الشجب والإدانة بدلا من الفعل والردع. أما الواقع اليوم فهو أكثر مأساوية فالأمر لم يعد مواقف عربية تكتب علي ورق للخروج بتوصيات نهائية بل تعدي ذلك إلي فقدان الدول العربية واحدة تلو الأخري دون حوار حقيقي لاستعادتها مع فتح الباب أمام فقد المزيد. وبدلا من حل الأزمات السياسية والفتن التي زرعت في المنطقة للقضاء علي حلم الوحدة العربية للأبد أصبح اعتذار الرؤساء عن الحضور هو الحدث الأبرز في قمة بيروت الاخيرة. وقد شاهدت الاستعدادات الأمنية في بيروت لاستضافة هذا الحدث العربي والإقليمي الهام وشاهدت أيضا الفتور الشعبي والآراء السلبية المسبقة مما قد تخرج به هذه القمة من نتائج. وربما يكون هذا هو الشعور الغالب لدي كل الشعوب العربية. رغم أهمية الموضوعات والمشروعات المشتركة التي تطرحها القمة الاقتصادية. ولكن تناسي الجميع أنه بدون توافق سياسي ومع وجود أزمات سياسية عالقة لن يكون هناك تعاون اقتصادي. وإن كان غزو الكويت هو نقطة البداية لهذا الانحدار العربي فسنوات الربيع العربي كانت الضربة الثانية التي لم نفق من تبعاتها حتي الآن وضاعت ليبيا واليمن وسوريا بجانب العراق وبقيت القضية الفلسطينية هي الأخري تعاني أكثر وأكثر. وأصبح ما يشغلنا اليوم هو قضية عودة سوريا من عدمه لجامعة الدول العربية والنزاع السعودي الإيراني في المنطقة. ومن المثير للاسمئزاز أن تكون قمة عربية منعقدة في لبنان وإسرائيل تخترق مجال لبنان الجوي لتضرب سوريا وتعلن أنها استهدفت مواقع تمركز إيرانية. ونحن نتابع في صمت. وإذا نظرنا إلي الداخل اللبناني سنجد ان لبنان تعاني من جمود سياسي جعلها عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة منذ أشهر طويلة. وأصبح الحديث الأهم عن الاقتصاد اللبناني وإمكانية صموده أمام هذا الجمود. وكان من الطبيعي ونحن ننشد الوحدة العربية ونبحث عن ثوابت وطنية قومية كانت موجودة يوما ما أن نشاهد أو نسمع أشد العبارات في إدانة النهج الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة والتحول الكارثي في القضية الفلسطينية الذي وقع قبل أشهر بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وما تبعه من مؤامرات لتصفية القضية الفلسطينية والتي ستنتهي بالإعلان عن صفقة القرن المرتقبة للإجهاز علي ما بقي من الحلم العربي والقضية العربية الأولي وهي تحرير فلسطين. وإن كنا سنمضي في نفس الطريق والمسار بإعلاء قيمة الفتن والمؤامرات علي منطقتنا العربية مقابل تدمير حلمنا العربي بالوحدة والذي أصبح بعيد المنال فلنتوقف فورا عن عقد المزيد من قمم السقوط العربي التي لا تمت للواقع بأية صلة.