عنوان هذه السطور.. هو اسم لرواية أمريكية للروائي لاري كولينز.. صدرت الطبعة الألمانية منها سنة 0891.. وهي رواية سياسية طويلة عن حماقات معمر القذافي.. وتقع في 044 صفحة.. ولكن الفصل الأخير منها.. يفسر لنا ما نشهده هذه الأيام من اختفاء ملك ملوك افريقيا.. بعد أن رأي ملك الموت يدق أبوابه ومعه قابض الأرواح! وعلي الرغم من أن هذه الرواية صدرت سنة 0891.. أي منذ أكثر من 03 سنة.. إلا أن الفصل الأخير منها.. يكاد يكون صورة بالكربون للأحداث التي نعيشها.. ابتداء من ظهور الزعيم الليبي فوق التوك توك يلوح للجماهير بعلامات النصر.. ويتوعد خصومه بالمطاردة »زنجة.. زنجة.. بيت.. بيت« وحتي الاختفاء المريب بعد أن أدرك أن حياته باتت علي المحك.. لقد ظل القذافي يتظاهر بالقوة المفرطة ويملي شروطه علي البيت الأبيض.. إلي أن أدرك أن الأمر يتعلق بحياته.. فاختفي.. وولي الأدبار.. مؤثراً السلامة.. وكفي الله المؤمنين شر القتال.. وبات كالبرغوث الذي لا تراه الأبصار! القصة تبدأ بوصول ثلاثة من الفلسطينيين.. بينهم فتاة »ليلي دجاني« لنيويورك.. ومعهم قنبلة نووية.. وضعوها في مكان ما.. في الوقت الذي وصلت فيه رسالة من معمر القذافي إلي البيت الأبيض تطلب من الرئيس الأمريكي انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة.. وإعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية في خلال مهلة حددها الإنذار ب27 ساعة.. وإلا فسوف تنتهي الحياة في نيويورك.. وقال القذافي.. لقد وضعنا القنبلة.. وحددنا موعد تفجيرها بانتهاء مدة الإنذار.. وأرفق بالرسالة الطريقة العلمية التي تم بها إعداد القنبلة وتفاصيل تركيبها.. وقال له إنه لا مندوحة لك عن الاستسلام والاتصال بمناحم بيجين قد يأخذ شعبه ويرحل.. بغير رجعة. قرأ الرئيس الأمريكي الرسالة بقلب يرتجف ويد ترتعش.. ثم أمر بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي الذي يضم وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والمخابرات وقام بتحويل ملحق الإنذار الذي يتضمن تفاصيل إعداد القنبلة إلي هيئة الطاقة الذرية للتحقق من صحة ما جاء بها من معلومات.. وجاء الرد بأنها معلومات صحيحة.. وأن القذافي يمتلك بالفعل قنبلة نووية.. وصدرت التعليمات بإخلاء نيويورك من سكانها.. والبحث في الوقت نفسه عن القنبلة النووية التي تحدد موعدها بانتهاء مدة الإنذار. كانت الجماعة الفلسطينية علي ثقة بأن الرئيس الأمريكي سوف يخضع للإنذار.. وأنهم سيعودون بعد ساعات لوطنهم.. وإلي القدس بعد تحريرها.. دون أن يمسسهم سوء.. لأنه ليس من المعقول أن يضحي رئيس أمريكا بالملايين من أبناء وطنه من أجل حفنة من اليهود وجلسوا في الغرفة التي استأجروها أمام شاشة التليفزيون يرقبون تطورات الموقف في إسرائيل! في أثناء انعقاد مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.. طلب وزير الداخلية منح رجاله مهلة.. لأنه ليس من الممكن إنجاز مهمة تفريغ نيويورك من سكانها خلال ساعات الإنذار.. وتم الاتفاق علي أن يجري الرئيس الأمريكي اتصالاً بالقذافي.. لمد فترة الإنذار. عند هذه النقطة.. يبدأ الفصل الثامن.. وهو الفصل الأخير من الرواية.. وهو الذي أري فيه تشابهاً لما يجري في ليبيا هذه الأيام. كان القذافي يجلس في خيمته بين أقرب مساعديه.. في منتهي الثقة والقوة والقدرة علي البطش.. يمسك بسماعة التليفون وينصت لصوت الرئيس الأمريكي وهو يطلب منحه مهلة لأنه قرر إرسال فرقة من الجيش الأمريكي للضفة الغربية لنهر الأردن لتحريرها من أيدي الاسرائيليين.. والأمر يحتاج إلي وقت.. الخ. فأجاب القذافي باختصار شديد: سيادة الرئيس.. اقتراحك غير مقبول! انتفض أقرب رجال القذافي من هول ما سمعوه.. وقالوا له دعنا نمد المهلة.. دعنا نمد المهلة!! فال القذافي: أنا لست عبيطاً.. لكي أستبدل الاحتلال الاسرائيلي باحتلال أمريكي.. ونعطي أرض الأشقاء الفلسطينيين للأمريكيين ومطالبي في الرسالة التي بعثت بها للبيت الأبيض.. واضحة ومحددة وبسيطة.. وهي أن يعلن مناحم بيجين أمام شعبه وأمام شعوب العالم.. في العلن.. تنازله عن الأراضي الفلسطينية للأبد. وعند هذه اللحظة سوف أنتظر هنا لأري الاسرائيليين وهم يفكون المستوطنات التي أقاموها فوق أراضي الأخوة الفلسطينيين.. ولذلك فإنني لن أتنازل عن الموعد الذي حددته بإزالة المستوطنات والانسحاب من القدس.. وكلها أمور لا تقتضي من جانبي مد مهلة الإنذار.. وكل مطالبي يجب أن يبدأ تنفيذها خلال ساعات ليس إلا.. بينما كان المترجم يقوم بنقل الكلمات.. كانت مجموعة المستشارين تنتفض من هول ما يقول وتبدي رفضها بالتلويح بالأيدي.. وتصدر »جلود« جبهة الرفض.. وارتفع صوته من فرط الغضب صائحاً: أنت لا تستطيع أن تفعل ذلك.. لقد انتصرنا.. وهم سلموا بمطالبنا.. ماذا نريد أكثر من ذلك؟! ضرب القذافي بقبضة يده علي مائدة الاجتماعات.. وقد استشاط غضباً.. وبدأ يدمدم ويرعد موجهاً حديثه لجلود قائلاً: أيها المجنون.. ألا تري؟!.. إنها خدعة.. إنهم يخدعوننا لكسب الوقت.. ليس إلا. أحس الرئيس الأمريكي أن موعد يوم القيامة قد اقترب فبدأت نبرات صوته بطيئة.. وبدأ يتحدث ببرود.. وهدوء وعلي مهل وقال للقذافي: يا سيد قذافي.. اسمعني جيداً.. أرجوك.. واسمع ما أقوله لك الآن.. واستمر الرئيس الأمريكي يتحدث بهدوء وبرود قائلاً: في هذه اللحظة التي أتحدث إليك خلالها.. اتجهت فوهات 23 صاروخاً.. من طراز »بوسيدون«!! العابرة للقارات نحو ليبيا وهي تستطيع في لمح البصر الانطلاق نحو بلادك بحيث تقضي عليكم قضاء مبرماً.. ولن تترك علي وجه الأرض عندكم أي مظاهر للحياة.. فإذا لم تقم الآن وفوراً بمد مهلة الإنذار فسوف أصدر أوامري الآن بإطلاق الصواريخ.. لإبادة كل أثر للحياة عندكم.. قبل أن تتمكن من تدمير واحدة من أجمل مدن العالم.. نيويورك.. ولذلك فإن عليك.. يا سيد قذافي.. أن تبحث لك عن دولة أخري تبتزها. أصيب القذافي بما يشبه الذهول.. وبات جالساً كالصنم بلا حراك.. في الوقت الذي قال له الترهوني: ناوي تعمل إيه؟! قال القذافي: إنني لا أستطيع.. ولا أريد أن أعيش في عالم.. لا يعترف بالعدالة لأشقائي الفلسطينيين.. وأنا وشعبي علي استعداد للموت في سبيل العدل الذي يريد الأمريكان أن يحرمونا منه. في هذه اللحظة وقف مدير المخابرات الليبية مبدياً اعتراضه علي المنطق الأمريكي.. قائلاً: لا.. لا.. ليس من حق الأمريكيين أن يقتلوا أطفالنا ويشوهوا أجساد النساء اللاتي ستكتب لهن الحياة بعد القصف.. أغلق القذافي عينيه.. وكأن الأرض قد دارت به وقال هامساً لمدير مخابراته: هذا هو رأيي الذي أعلنته أمامك. في هذه الأثناء وصلت غرفة العمليات بالبيت الأبيض رسالة عاجلة.. تقول إنه تم العثور علي جثة شاب.. عربي الملامح.. يبدو أنه مات منتحراً.. طوله 87.1 متر ووزنه 24 كيلو جراماً من مواليد بيروت في 21 سبتمبر سنة 1491 ويحمل جواز سفر رقم 6432 صادر من بيروت في 22 نوفمبر سنة 9791.. ووصل مطار كيندي في ديسمبر الحالي ووظيفته مهندس اليكترونيات.. الخ.. الخ. المهم أنه تم اقتفاء مقر إقامة الشخص المنتحر.. المدعو ابراهيم عبود.. وجرت تحقيقات عاجلة مع ليلي دجاني التي اعترفت بأن شريكها قد انتحر من فرط الخوف وحالة القلق التي انتابته بسبب اقتراب موعد انفجار القنبلة النووية.. وحددت مكانها.. واستطاع علماء هيئة الطاقة الذرية.. إبطال مفعولها.. واتضح أن جواز السفر باسم مستعار وأن الاسم الحقيقي هو كمال داجان. أعود إلي القذافي.. اختصاراً للمساحة.. فأقول إنه جلس مع كبار مساعديه لمدة ساعتين ونصف الساعة بعد الموعد الذي حدده لانفجار القنبلة النووية.. ولم يقع الانفجار ولم تخرج وكالات الأنباء ولا التليفزيون ينقل للعالم أنباء الانفجار.. وفجأة وصلت الاجتماع برقية.. وكلما قرأها كل واحد.. أصيب بنفس الحالة من الذهول.. وقال القذافي: من أين جاءت هذه البرقية.. من الموساد.. أم من المخابرات الأمريكية؟.. وظل يصرخ وهو يتساءل: من أين جاءت هذه البرقية! وتطلع كل واحد من أعضاء الاجتماع الأربعة لوجه الآخر.. مستفسراً عما يتعين عليهم عمله.. ثم خرجوا جميعاً من مكان الاجتماع.. الواحد تلو الآخر.. واتجه كل واحد للحصان الذي كان في انتظاره.. وصعد القذافي فوق صهوة حصانه.. وخلفه أقرب معاونيه الأربعة للانتحار غرقاً في البحر.. وتركوا علي مائدة الاجتماع البرقية.. التي تقول كلماتها: »أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة« صدق الله العظيم. لا تعليق لي علي هذا الفصل الأخير من الرواية.. ولا علي النهاية التي اقتضت انتحار الزعيم الليبي وكبار مساعديه بخيولهم غرقاً في المتوسط.. ولكنها صورة تستحق التأمل!