الوصول للقمة صعب ولكن الاستمرار علي القمة والحفاظ عليها هو الأصعب.. ربما تكون هذه الحكمة المعروفة هي أبسط مثال يضرب عن حالة النجم العالمي محمد صلاح لاعب منتخبنا الوطني وليفربول الإنجليزي.. فالفرعون يمر حاليا بحالة من تذبذب المستوي وعدم الوصول إلي حالته الذهنية والبدنية المعروفة عنه والتي جعلته ليس أن يكون نجم الليفر وحسب بل وانجلترا كلها الموسم الماضي وباتت حالة صلاح محط اهتمام الصحف العالمية والمهتمين بالرياضة لمعرفة أسرار هذا التراجع غير المتوقع وأرجعت التقارير العالمية هذا التراجع لأسباب عديدة تمت مناقشتها للوصول إلي سر تراجع النجم المصري ولكن منطقيا وعلي أرض الواقع ما يحدث لصلاح هو أمر طبيعي لأي نجم كبير فبعد أن قدم الفرعون موسما استثنائيا العام الماضي استطاع فيه ليس فقط أن يلفت الأنظار ويكسب حب الجماهير واحترام المنافسين بل وصل إلي أنه وضع نفسه وسط مصاف الكبار عقب إنجازه الفريد من نوعه الذي صعب به المهمة علي أي أحد غيره يريد أن يصل لهذه الإنجازات بعد ذلك بعد أن حطم العديد من الأرقام القياسية التي ظلت راسخة لسنوات عديدة لم يقترب أحد منها.. كل هذه الإنجازات بلا أدني شك عمل مشرف وعظيم ولكن لكل شيء جانبين فمثلما استفاد صلاح من هذا التألق وحفر اسمه في التاريخ إلا أنه علي الجانب الآخر جعل مسيرته الكروية التي سيقضيها في الملاعب صعبة بل وصعبة للغاية.. فعندما نجح صلاح في الوصول إلي قمة مستواه وتألقه في مقتبل عمره وهو لم يتجاوز بعد عامه السادس والعشرين ومن هنا تكمن الأزمة أن صلاح نجح في تحقيق أصعب عمل في كرة القدم واعتلي عرش النجومية مبكرا جدا ووصل إلي القمة وهو في بداية المشوار.. وعليه سيظل يصارع طوال مسيرته الكروية لتحقيق هذا الإنجاز من جديد بل وتخطيه وتحقيق طفرة جديدة.. صلاح نجم فذ وموهبته الكروية العظيمة ساهمت في تكوينه كنجم عالمي في أولي سنواته وسط اللعب مع الكبار ولكن ما تطلبه وترجاه الجماهير ويأمل فيه هو نفسه بأن يتحول هذا النجم العالمي إلي أسطورة كروية عظيمة يخلدها التاريخ. وعليه لابد علي نجم الليفر إذا أراد أن يتساوي بالعظماء أن يعي جيدا أن جميع اللاعبين الكبار تأتي عليهم فترة يشعرون فيها بالتخبط والتراجع ولكنهم يعودون سريعا وأقوي من السابق.. فالثنائي رونالدو وميسي مثال حي للأساطير الكروية العظيمة التي لم تتوقف عند تألق المؤقت بل كانا لديهما الأهم من ذلك القدرة علي الاستمرارية.. وعليه.. صلاح أمام اختيارين إما أن يكتفي بما فعله من إنجازات التي هي بلا جدال شيء عظيم ولن تقلل من مكانته كنجم كبير وإما أن يختار الطريق الآخر الذي لا يعرف اكتفاء ولا تشبعا وأن تحفر صورته وسط متحف أساطير اللعبة.