هل تشعرون بالاستقرار الداخلي والنفسي ؟ من كانت إجابتهم بنعم .. فليسمحوا لي أن أحسدهم لأنني أعيش منذ قامت الثور ة حالة من التقلب تكاد تقارب الجنون ، فحين تنتابني لحظات الأمل ، يضرب أمانها فورا لحظات الخوف .. وحين يتلبسني التفاؤل يسارع التشاؤم لضربي في مقتل .. وحين أبدأ في استشعار المستقبل .. يقهرني استسلامي للعيش في الأمس .. وحين تتبدي لي ملامح تآلفي مع الأطياف الأخري .. تنسلخ عني رغبتي في الاقتراب منهم ! هي إذن حالة من الخوف والارتياب والترقب والانتظار وغيرها من كل ملامح القلق الإنساني الطبيعي الذي تستشعره خوفا وحرصا علي مولودك الجديد الذي انتظرت مقدمه طويلا بعد أن كدت تشعر بأنك عقيم ، وأنك لن تكون أبدا قادرا علي أن تري بعينيك حلمك في احتضان وليدك الذي رجوته كثيرا من الله ! هاهي إذن ثورة 25 يناير وليدة العمر تأخذنا معها بكل إرادتها وإرادتنا إلي طريق البحث عن المجهول الذي كنا نعتقد بثقة أننا نعرف ملامحه .. وكنا نؤمن أننا نجيد ارتياد سُبله وكسر المستحيل الذي سيضعه في طريقنا .. فإذا بالمجهول يأخذنا إلي غابات شاسعة محفوفه بالمخاطر للبحث عن تفاصيل أي معلوم .. ولمحاولة استخلاص الرؤيه وسط حُلكة الظلمة .. ولصعوبة الالتجاء للصديق الغائب وسط تربص وحضور العدو اليقظ ! ومع أن القلق مازال يضرب كياني فإن الإيمان بالثورة مازال أيضا يسكن كل أضلعي ويجري في كل شراييني ويسكن كل أحلامي .. مازلت أتطلع إلي أرض الأمل المكللة بالعمل وإلي مساحات الإنتاج المُزدانه بكل الأيادي المصرية المُنتجه .. وإلي مساحات الآمان تتسابق إليها دون مزايدة السواعد الوطنيه .. مازلت أتطلع إلي مساحات توافقيه يتألف حولها أصحاب الرؤي السياسية دون تركيز علي نقاط الخلاف بل تفاصيل الاتفاق مازلت أحلم بديننا المتسامح العادل الآمن مُبتهج بنا كمؤمنين وسطيين دون اختصار الدين في شعارات أو أعلام أو شروح محرفة! تطلعت إلي أفكاري .. وجدت أنه رغم كل دلائل خوفي إلا أن كلماتي وأفكاري مازالت حُبلي رغم ذلك بكل الأمل .. مازالت تضُج بالرغبة في الإقدام ، وبالقدرة علي الصبر من أجل قطع المسافات نحو المستقبل .. مازالت ترتكن إلي قراءة متفائلة لسطور التاريخ التي طالما أنصفت الثورات الإنسانيه ! نعم مازلت أملك أحلامي بالغد ، وأفكاري للمستقبل الجديد المكتوب بأحبار الثوار ، والموقع بدمائهم ، والمُستلهم قدسيته من شهادتهم ! ألقيت مخاوفي جانبا .. العيد علي الأبواب ، وشهر الرحمة و الغفران والعتق أنعم علينا بالبُشري ، ووعدنا بالفوز بجنة الله ، وجنة الأرض وجنة الوطن! مسك الكلام .. ليس من الصعب أن تحلم .. ولكن إبداعك يكمُن في قدرتك علي تحقيق حلمك!