سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 29-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    أحدث استطلاعات الرأي: ترامب وهاريس متعادلان    إيران تدعو لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بعد اغتيال نصر الله    «سي إن إن»: الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح بري محدود للبنان    تصعيد مكثف.. تجدد الغارات الإسرائيلية على مدينة صور اللبنانية    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 29-9-2024    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    بعد اعتذارها.. شقيق شيرين عبد الوهاب يرد عليها: «إنتي أمي وتاج رأسي»    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    وزير الخارجية يوجه بسرعة إنهاء الإجراءات لاسترداد القطع الآثرية من الخارج    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    شريف عبد الفضيل: «الغرور والاستهتار» وراء خسارة الأهلي السوبر الإفريقي    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    الجيش السوداني يواصل عملياته لليوم الثالث.. ومصدر عسكري ل«الشروق»: تقدم كبير في العاصمة المثلثة واستمرار معارك مصفاه الجيلي    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    حدث في منتصف الليل| السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للبنان.. والإسكان تبدأ حجز هذه الشقق ب 6 أكتوبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    نشرة التوك شو| أصداء اغتيال حسن نصر الله.. وعودة العمل بقانون أحكام البناء لعام 2008    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    الأوراق المطلوبة لتغيير محل الإقامة في بطاقة الرقم القومي.. احذر 5 غرامات في التأخير    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    تعرف على سعر السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الأحد 29 سبتمبر 2027    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    في عطلة الصاغة.. تعرف على أسعار الذهب الآن وعيار 21 اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور إبراهيم فوزي وزير الصناعة الأسبق يدق ناقوس الخطر:
ثورتنا مهددة في غياب ديمقراطية الحوار
نشر في الأخبار يوم 06 - 06 - 2011

هناك شخصيات مؤثرة في حياتنا العامة رغم ابتعادها ولو مؤقتا عن الأحداث.. ومع ذلك تشتاق النفس وكذلك العقول للوقوف علي أحوال مثل هذه الشخصيات والاستماع لما تقوله من آراء.. والأستاذ الدكتور إبراهيم فوزي العالم الجليل ووزير الصناعة الأسبق.. من بين هؤلاء الذين دائما نراهم في الساحة رغم ابتعادهم عنها.. وتلك هي العبقرية من أجل ذلك سعيت بكل قوة من أجل أن ألقاه.. وقد لعب القدر لعبته الكريمة في تحقيق هذه المقابلة، التي تمت بالمصادفة. وكنت أحسب نفسي قد فزت بما أريد أن أعرفه.. ولكن هيهات أن يحقق لي القدر ذلك وبالسرعة التي كنت أتمناها.. ذلك لأنني أخذت أطارد سيادة الوزير لاكثر من أسبوعين علي أمل أن أفوز بهذه المقابلة ولإجراء هذا الحوار ولولا تدخل أحد الاصدقاء فربما تأخرت هذه المقابلة إلي أشهر عديدة، وطبعا كنت قد سمعت له بعض الآراء حول أسباب امتناعه عن المشاركة في مسيرة الحوارات الصحفية.. التي تتعمد الإثارة والحديث فقط عن الماضي.. لذلك اتفقنا علي ان يكون هذا الحوار مبشرا بآمال المستقبل وكيف نخرج مما نحن فيه.. وإلي أين نحن ذاهبون. وأسئلة كثيرة من هذه النوعية.. وقد كان.. حيث حدثنا هذا العالم الجليل بكل حب لمصر ولأبنائها عما يجب أن يكون بشرط ان نترك الماضي وننظر إلي المستقبل فتعالوا إلي التفاصيل..
سيادة الوزير.. بعد هذه المطاردة الحميدة من جانبي لشخصك الكريم.. أريد أن أبدأ معك هذا الحوار من خلال أسئلة غير تقليدية.. لذلك أقولك من أين نبدأ هذا الحوار؟!
إنك تسألني من أين نبدأ.. والله أري أن الاجابة يجب أن تبدأ بسؤال آخر.. هو لماذا كنت أمتنع عن المشاركة في هذه الحوارات.. وأقول لك.. إنني وجدت في معظم هذه الحوارات أو في أغلبها تقريبا حديثا يشدنا إلي الماضي.. ويضيع جهودنا في التنقيب عما حدث ويشغلنا عن التفكير فيما هو آت وفيما هو محيط بنا.. وبالتالي لم أشأ أن أكون واحدا منهم.. هؤلاء الذين أصبح همهم تحويل نظر الأمة كلها للماضي وكأننا نقود سيارة وبدلا من أن ننظر إلي الأمام بدأنا ننظر إلي الخلف.. ودعني أؤكد لك في بداية هذا الحوار أرجو أن نركز علي المستقبل.. لماذا؟! لأني أري أن من يدرس ما حدث للثورة المصرية منذ انطلاقها وحتي الآن يشعر بوجود انقسامات عديدة.. وربما تمثل هذه الانقسامات خلايا سرطانية.
لماذا الماضي
دعني أتوقف بك كي أسألك.. ألست من العلماء الذين يعتقدون أن الوقوف علي الماضي.. هو سبيل الانطلاق إلي المستقبل؟!.. أم ماذا؟!
نعم ان تذكر الماضي يصنع المستقبل، ولكن هذا لمن يكون همه الأول صناعة المستقبل.. وليس لمن يكون همه الأول التفتيش في الماضي.. ويترك المستقبل علي الاطلاق، وأنا قلت في أحد برامج التليفزيون أننا نريد شعارا يقوم علي أساس يد تبني وأخري تحاسب عن السرقات الماضية ودعني أقول لك بصراحة.. البناء أولاً.. البناء أولاً.
وماذا يحدث الآن؟!
الناس تقريبا مغيبة عن أية قضية في موضوع البناء لأننا نسمع أن عددا كبيرا من المسئولين لا يوقعون أية ورقة.. فكيف للناس أن تعمل؟! وكيف للناس أن تطمئن علي المستقبل.
الخوف من المساءلة
ولماذا يحجم أولئك عما تقوله؟!
لأنهم يخشون المسألة.. إضافة إلي ذلك هناك من يشيع أن هذه حكومة تسيير أعمال.. وبالتالي فليس لها سلطات كاملة.. وهناك من رأي رأس الذئب الطائر.. حينما وجد وزيرا أو مسئولا قد وقع أوراقا.. سليمة.. ثم قدم فيه أحد المارين بلاغا فإذا به يقف أمام جهات التحقيق.
وهل معني ذلك.. وجود ما نسميه عصا التخويف؟
ليس ذلك فقط، بل هي عصا الإرهاب الموجودة ويبدو ذلك بوضوح عندما تتحدث مع أي مسئول يمتنع عن توقيع أي قرار يقول لك.. وإذا أنا ذهبت إلي النيابة .. هل ستأتي معي كي تدافع عني!!
النتائج
وما هي في تصورك نتائج هذا الخوف؟!
هذه النتائج تتجلي بوضوح في ذلك الشلل الذي أصاب العديد من الجهات الحكومية.. وليس الآن فقط، بل وفي المستقبل أيضا.. عندما يأتي مثلا وزير بعد 5 سنوات فسوف يتذكر ما كان يحدث لزميله في عام 1102.. والفنان القدير مصطفي حسين قد أشار إلي ذلك في احدي لوحاته الكاريكاتورية.. وعلي عكس ذلك يجب أن يكون للمسئول القدرة علي اتخاذ القرار المناسب في لحظة معينة وأنا هنا أحدثك عن مجال الاستثمار.. فإذا ما ذهبت هذه اللحظة بالنسبة للمستثمر فإنه يخسر هذه الفرصة وبالتالي يخسر البلد الشئ الكثير فيما بعد.
وكيف لنا أن نخرج من هذه الحالة التي وصفتها سيادتك في الحديث السابق؟!
لابد أن تتحرك الدولة بحيث تعطي للمسئولين ثقة وحصانة فيما يتخذونه من قرارات واجراءات مادامت يده نظيفة ولم يستفد، ولطالما كان يطبق القواعد العامة التي تكفل الضمان لمصر.. وللأسف فإننا أمام هذا الخوف تراجعت مشاريع استثمارية كثيرة كنا في حاجة إليها.
المستقبل والتفاؤل
وهل تري لذلك أن المستقبل مظلم؟!
ما أريد أن أؤكد لك عليه أن المستقبل ليس مظلما.. وأنني متفائل ولكنه تفاؤل تاريخي! هذا التفاؤل الذي يؤكد أن مصر دائما حينما تقع فإن لديها القدرة علي أن تقوم من جديد، ولكن مع ذلك اقول لك ايضا ان المؤشرات حاليا لا تدعو إلي التفاؤل المطلوب والذي يجعلنا في مصاف الدول التي لها السبق.. والتفاؤل كذلك لابد وأن يرتبط بالعمل.. فليس من المعقول أن نتفاءل في غياب العمل.
وما هي رؤيتك لنوع العمل المطلوب؟!
هو كيفية إدارة أمور الدولة ودعني أقول لك في هذا المقام ان الحكومة مكثت بعد الثورة 021 يوما.. وبالتالي مطلوب كشف حساب لما قدمت من أجل دفع عجلة الاقتصاد وذلك في ظل هذا التضارب الذي جعل البعض يقول أن الأمور متقدمة وآخر يقول أنها متأخرة! وكل من أصحاب هذين الرأيين يتهم الآخر بأنه ليس علي صواب.. وفي ظل كل ذلك نريد كشف حساب لقرارات الحكومة التنفيذية وخاصة المتعلقة بالمشاكل التي نعاني منها الآن، وعلي رأسها بطبيعة الحال كل ما يتعلق بالاستثمار.. ودعني أقول لك في هذا السياق أن من يتأخر في اتخاذ قرار صائب لدفع عجلة الاستثمار والانتاج فهو يماثل الآخرين.
لقد تحدثت عن ضرورة تقديم كشف حساب عن الفترة الماضية فلمن يتم تقديم هذا الكشف؟!
يتم تقديمه للحكومة!
ومن الذي يقدمه؟!
يقدمه الاعلام والشعب.. وأنا أري أن العاملين بالاعلام عليهم دور ضخم ومسئولية كبيرة جدا، ورجال الاعلام الآن يتصورون انهم يقدمون أي فرد لكي يقول دون ان يحاسبه أحد.. وهذا خطأ كبير والاعلام أيضا في هذه المرحلة لابد وأن يكون حذرا خاصة لمن يختارونه كي يتحدث.. مع ضرورة دراسة أفكاره، فهناك الكثير ممن يظهرون علي الفضائيات ويبثون اخطاء فادحة والاعلام ينتقل إلي نقطة أخري ويتركها بلا تعقيب أو تعليق عندئذ يستقر في ذهن المشاهد أن هذا الخطأ هو الحقيقة بعينها!! كما أن الاعلام الآن يسعي إلي الاثارة ولا تهمه الحقيقة.
مهاجمة الاعلام
إذن أنت تهاجم الاعلام؟!
أنا لا أهاجم الاعلام.. أنا فقط هنا أبدي ملاحظة لأن الدولة أصبحت الآن مثل السفينة إذا لم يحافظ كل فريق علي سلامة هذه السفينة فسوف تغرق.
وأين أصحاب هذه المشكلات الحقيقية.. ولماذا لا يتقدمون إلي الاعلام للمطالبة بما يريدونه؟!
هناك أصحاب مشاكل يخافون من إرث الماضي وعلينا لذلك أن نكون مثل الاعلام في الدول الغربية الذي يتحري الحقائق.. بل ويكون مصدر هذه الحقائق أيضا. ولدينا عدة أمثلة علي ذلك سواء في أمريكا أو في أوروبا.
ولماذا لا تقول في هذا السياق أن هذا النقيض الاعلامي الذي تتحدث عنه هو من إرث النظام السابق؟
إذا كان بالفعل هذا الاعلام من إرث النظام السابق.. وأننا وبعد مرور أكثر من مائة يوم علي الثورة لم نتمكن من فرض بعض العناصر المفيدة من الاعلاميين، هؤلاء الذين لديهم القدرة علي مواكبة هذا التغيير.. فنحن أمامنا شوط طويل جدا سوف نضيعه وبلا طائل.
الجيل الجديد
وهل نتصور أننا أصبحنا في حاجة إلي جيل جديد في مجال الاعلام والمجالات الأخري؟!
لا.. نحن فقط في حاجة إلي أسلوب جديد في انتقاء ما يكتب وما ينفذ.. وهناك ملاحظة مهمة دعني أقولها لك بصراحة أن الاعلام اليوم أخذ يلعب علي مشاعر رجل الشارع.. وربما يحقق ذلك راحة لهؤلاء الناس ولكن علي المدي البعيد من المؤكد سوف يكون له ضرر كبير، خاصة في المستقبل.. من هنا يجب علي رجل الاعلام أن يتحري عن مصدر معلوماته وان يدقق فيها وأن يحاور بهدف الوصول إلي الحقيقة، ولذلك هناك حوارات كثيرة فيها أخطاء كثيرة ولا يتابعها أحد، خاصة من حيث المضمون، وأمامنا الصحف الغربية التي تتمتع بمصداقية كبيرة، لأنهم هناك لا يسمحون بنشر أخبار غير صحيحة وغير صادقة.. وهم لذلك يتحرون الدقة فيما ينشرونه.
غياب المصداقية
وهل تري أن الظروف التي مرت بها مصر حاليا ومن قبل هي التي فرضت علي رجال الاعلام غياب هذه المصداقية؟!
لا.. لا تستطيع أن تقول ذلك.
لماذا؟!
لأنها سمة منتشرة عندنا من قبل ذلك.. ومع ذلك فإنني كنت أتصور أن ثورة الشباب سوف توقظ في الناس مشاعر جديدة ومسئوليات جديدة.. وهذا للأسف لم يحدث بل وإن هذه الثورة قد ولدت بداخل الناس عوامل انقسام أكثر من عوامل التجمع.
وكيف حدث ذلك؟!
الثورة بدأت بفصيل واحد.. وهم شباب التحرير، فإذا بنا نري الآن 5 فصائل، ثم 7 ثم 02 فصيلا.. وكل فصيلا من هؤلاء يدعي أنه علي حق والآخرون علي خطأ، مع أن المساحة المشتركة بينهم جميعا كبيرة وكثيرة جدا.. وللأسف هم يشغلون أنفسهم الآن داخل المساحة الضيقة التي تشعر فيها بالاختلافات.
ودعني هنا أوجه نداء لشباب الثورة من داخل الفصائل المختلفة، ان يجلس كل منهم ويكتب كل ما يريده.. ثم يبدأ حوارا حول المسائل المشتركة فيما بينهم وهذا بشكل مبدئي.. ثم بعد ذلك ينتقلون إلي الحديث عن قضية أخري وهكذا وطبعا الخطوة التي اتخذها المجلس العسكري منذ أيام ولقاؤه مع الشباب من مختلف الاتجاهات ستساعد علي طرح جميع الأفكار أمام الجميع وحتي يدرك كل من هذه الفصائل أخطاءه ولكن.. ومع ذلك كنت أريد أن تحدث مناقشات موسعة لمعظم الأفكار.. حتي نخرج من هذا الحوار وكل الحوارات بفائدة كبيرة.. وكذلك أتمني ان يخرج هؤلاء الشباب بأفكار تكوين حزب أو حزبين أو حتي مجموعة أو مجموعتين، وحتي لا تتحول كل الأفكار إلي مسائل تشكيكية من جانب.. بل لقد وصل الأمر إلي التخوين والاتهام بالعمالة!! من هنا أقول لك وبصراحة إن الثورة في مصر الآن إن لم تدرك نفسها فسوف ينحسر ما كسبته.. لأن هناك دعوة بأن تكون الثورة المصرية نموذجا لبلاد أخري.
الملامح
بمناسبة حديثك عن الثورة.. دعني أسأل وهل لم يظهر لهذه الثورة ملامح حتي الآن؟!
لا لم يظهر لها ملامح! لماذا؟! لأنها ثورة فريدة في التاريخ من حيث أنها ثورة كانت بدون قيادة في بدايتها وهذا لم يحدث منذ قيام الثورة الفرنسية والثورة البلشفية في روسيا.. وكل من هذه الثورات كانت تبدأ بهدف التخلص من رموز الماضي.. ثم يسعون إلي تحقيق أهدافهم.. ولكننا في مصر بدأنا الثورة وكأنما هدفها الرئيسي هو الاطاحة بالنظام السابق.. وهو ما يمثل الماضي.. وحينما ذهب ذلك الماضي رأيتهم يختلفون علي البناء.. وكما نعرف فإن الهدم سهل.. وهنا تكمن المشكلة وطبعا هناك ما يقول إن ذلك وضع طبيعي لما تسفر عنه الثورات.. ولكن أنا أقول أن العقل ما يزال غائبا في معظم المناقشات التي تدور حول الأوضاع السياسية وهناك خندقة حيث يرقد كل فريق في خندقه ويري أفكاره هي الصواب ويرفض التحاور مع الآخرين.. بل حتي ولا يسمح للآخرين بالانضمام إليه.
الحوار الوطني
سيادة الوزير لقد اقتربنا كثيرا للحديث عن الحوار الوطني.. فهل تري اننا من خلال هذا الحوار يمكن أن نصل إلي النتائج الطيبة التي تتمناها.. وتراها صائبة ومفيدة؟!
إنني أتصور ان يكون هذا الحوار درسا في الديمقراطية.. التي نعرفها ببساطة، أنك تقول ما تؤمن به بكل صراحة.. وبكل حرية.. وعليك ان تترك لغيرك ما يقول عما يؤمن به وبكل حرية.. وفي مجتمع المستمعين تؤخذ الآراء.. وما تقرره الأغلبية يلتزم به الجميع.
وهل هذا حدث في الحوار الأخير؟
لم يحدث.. لأنه كانت هناك أصوات عالية، وتهديد بالانسحاب.. ومقاطعا للمتحدثين، فاضطر منظم الحوار حفاظا علي استمراريته أن يستمع إلي اصحاب الاصوات العالية.. وهذا ما لا يجب أن يسمح به في أي حوار.
وهل هذا معناه فشل الديمقراطية؟
الديمقراطية لم تظهر في الأصل!! لا في هذا الحوار ولا في غيره، وإنما كان كل شخص يريد ان يفرض رأيه علي الآخرين.
سيادة الوزير كلامك أصابني بحالتين في غاية الخطورة.. الأولي حالة خوف والثانية حالة أمل.. ولكنني أري ان الخوف تغلب علي الأمل.. فهل هذا هو الاحساس العام؟!
مفيش كلام.. طبعا.. لأن من لا يخاف الآن كان في نفسه شئ يجب أن يقوم بإصلاحه!
ولماذا؟!
لأن البلد الآن ليس فيه أمن.. وغياب تأمين المواطن مشكلة وانت مثلي تسمع بين الحين والحين ما يحدث في الشارع وأمام أقسام البوليس من اقتحامات.. وقطع الطريق السريع وانتشار البلطجة بكل أنواعها.
وهل تري أن العالم من حولنا يتابع حالة الخوف هذه؟!
طبعا.. إن لهم عيونا في مصر.. وهم يتابعون ما يحدث عندنا بكل جدية.. وهذا بطبيعة الحال له نتائجه السيئة فلا سياحة ولا استثمارات جديدة.. ولذلك فان علي الحكومة والمجلس العسكري إقرار الأمن في أقرب فرصة.. ونحن نعلم أن ذلك لا يتم بين يوم وليلة ولكن علينا أن نشعر بأن الأمن يتزايد يوما بعد يوم.
ومتي في تصورك يشعر الإنسان المصري أن الأمل قد أصبح أقوي من الخوف؟!
لن يتحقق ذلك إلا حينما تفكر في عمل أي شئ، أو عندما ترغب في الحصول علي أي شئ، فتجد أنك تحصل عليه بمجهود أقل مما كان في الماضي.. وأبسط لك ذلك أكثر فأقول أن ذلك لن يتحقق إلا عندما يشعر الناس بأن المعيشة أصبحت سهلة وميسرة.. وبالعكس إذا ما ضاقت المعيشة وسبلها.. فلن يكون هناك أمل.
التوقيت مهم
وكم من الوقت يستغرق تحقيق هذا الأمل؟!
أنا متصور أن يعود في فترة قصيرة جدا إذا ما أخذ أولوية اهتمام الحكومة، والداخلية والمجلس العسكري.. أما إذا بقي هامشيا.. فإنه سوف يأخذ وقتا طويلا.. ودعني أقول لك.. يمكن في الاسبوع القادم تحدث نظرة جديدة من جانب الحكومة والمجلس العسكري لعدد كثير من القضايا مثلما يرتبط بالاستثمار من مشاكل وخلافه.. وانت تعرف أنه لن يحدث لنا شئ طيب بالأماني فقط، لكن بأعمالنا.
لقد حدثتنا فيما سبق عن غياب الحوار نتيجة لوجود وخلافات كثيرة.. فهل هناك في تصورك جهات بعينها تقف وراء هذه الخلافات؟!
شوف حينما تقول ان هناك جهات لها مصلحة في ذلك.. طبعا.. كل واحد من المختلفين هم أصحاب مصالح ولكن الخطأ ان الناس تربط هذه المصلحة بتوجهات خارجية! ولذلك فإنني اتصور أنه ليس هناك مثل هذه الجهات الخارجية المعنية وربما يكون هناك جهات وهذا دور جهاز الأمن الوطني، وهناك ما يسمي بالمصالح المشروعة التي غابت وتولد عنها الخلاف بحيث لا توجد مساحة لتحقيق تلك المصالح بما لا يضر الآخرين هناك مثلا الاتجاه الديني الذي يسعي للسيطرة علي مجلس الشعب والاتجاه المدني يخشي في مقابل ذلك ان يتم استبعاده عن الساحة السياسية وهكذا.
وهل يمكن ان نعتبر ذلك ظاهرة صحية؟!
أنا أتصور أنها ظاهرة ضرورية، بمعني أن من الصعب أن نتخيل المجتمع بدونها.. ولكن ما يقلقني هو أنني لا أجد أية تنظيمات أو أفعال تساعد علي تقليل هذه الخلافات والسير بالجموع المختلفة في اتجاه ديمقراطي هذا الاتجاه الذي تقره الأغلبية.
ثقافة الاختلاف
وهل في تصورك أن ذلك يعتبر من نتائج غياب ثقافة الاختلاف طوال سنوات ما قبل ثورة 52 يناير؟
طبعا.. نظرا لغياب هذه الثقافة.. والناس لم تتعلم ذلك من قبل.. وغياب ثقافة الاختلاف كان مصدره الخوف وبالتالي كانت الناس تؤثر السلامة.
وهل في تصورك ايضا ان ثقافة الاختلاف المفقودة يمكن ان تعود بين يوم وليلة؟!
لا يمكن ذلك طبعا.. ولكن هناك فرقا بين ان تجد نفسك تتحسن يوما بعد يوم.. وبين أن تجدها محلك سر. وهذا معناه أننا من المفترض ان نكون في حالة تحسن ولكن للأسف نحن الآن في حالة تأخر!! وعلي فكرة الناس كلها الآن تشعر بذلك.
بمناسبة الحديث عن القلق ورؤيتك للمستقبل فهل أنت قلق علي الثورة؟!
أنا قلق عليها جدا لأنها مهددة بتناحر كل الجهات والفرق فيما بينها.
وما هو سبب هذا التناحر؟!
تمسك كل فرد بما يؤمن به وكأنه هو الحقيقة المطلقة ودون ان يستمع للآخرين ويصل إلي حالة من الوفاق أو تعديل الافكار بحيث يسير الفريقان في اتجاه واحد.
وماذا عن المستقبل وكيف تراه؟!
المستقبل.. كما قلت من قبل يرتبط بما نحققه من أفعال.. وأنا في تقديري أن معظم المسئولين الآن لديهم الحس الوطني ويريدون أن تتحسن الأحوال وأتصور أن في لحظة ما سوف يصلون إلي القرارات الصائبة لتوجيه الدفة في الاتجاه الصحيح.
ومتي يتم ذلك؟!
ربما غدا أو بعد غد.
ولماذا تقول ربما؟! من دون تأكيد؟!
لأنني لا أعلم الضغوط التي يتعرضون لها.
ولكنني أري في عينيك أنك تعلم؟!
وكيف لي أن أعلم.. أنا رجل أذهب إلي بيتي.. ثم الجامعة.. بعد ذلك أقابل المستثمرين وأحاول أن أقرأ فيما بين السطور.
ليست ثورة جياع
بمناسبة الحديث عن ثورة الشباب.. ماذا كانت رؤيتك الشخصية عنها؟!
شوف بالأمس وانا في اجتماع المجالس القومية المتخصصة قلت للزملاء أن الناس كانت في السنوات الأخيرة تخشي ثورة الجياع.. وهم يقولون أن الشباب المصري المثقف هو الذي قاد الثورة، وأنا أري أن الجياع بالفعل هم الذين قادوا هذه الثورة، ولكنهم لم يكونوا جياع رغيف الخبز، وإنما كانوا جياعا للهوية والكرامة واثبات الذات والتمسك بالانتماء والارتباط بجموع الشعب التي كانت تئن من حولهم، ولا يستجيب من كانوا في الحكم آنذاك، ولعل خير دليل علي ذلك أن الذين كانوا في طليعة صفوف هؤلاء الشباب هم من أبناء الطبقة الأكثر ثراء في مصر.
حالتنا الاقتصادية
دعنا نسألك عن حالتنا الاقتصادية، وأين رجال الأعمال؟!
حينما نري أن وزير المالية يقول أن الموازنة الجديدة هي 415 مليار جنيه وقال إن الموارد هي 053 مليار جنيه والعجز 051 مليارا.. ألا يدعو هذا إلي القلق وحتي عندما أعلن انه سوف يفرض ضريبة بسيطة.. هاج الناس ضده.. ودعني أسألهم طيب ومن أين سيأتي بالأموال اللازمة.. ولذلك كنت أريد من رجال الأعمال ان يقدموا لوزير المالية روشتة.. لكيفية تحقيق الموارد بما يتفق مع كرامة مصر.. لأن ما سوف يحدث اننا سوف ندخل العام القادم بميزانية وفيها عجز شديد وليس له من حل إلا أن يطبع الفلوس وأن يقترض بإذونات خزانة فيزيد العبء المالي أكثر مما هو عليه وهو 16 مليار جنيه أو يستجدي من الجهات الأجنبية.
دور رجال الأعمال
وهل تتصور أن رجل الأعمال المصري يمكن أن يقدم علي هذه الخطوة المهمة؟!
أنا أتصور أن رجل الأعمال المخلص لابد وأن يفكر في اتخاذ هذه الخطوة.. وإذا لم يفعل ذلك فسوف يكون مخطئا في حق نفسه وهذه أولا لأن رجل الأعمال يهمه في المقام الأول استقرار المجتمع.
لقد تحدثنا قبل التسجيل، وقلت لي أن رجال النظام السابق ليسوا جميعا أصحاب اخطاء فما هي حقيقة ذلك؟!
أنا بصراحة سوف أقول لك أنه من غير المعقول أن نعتبر أن كل من نشأ علي أرض مصر خلال 06 عاما كانوا كلهم حرامية ومرتشين وفاسدين.. ولذلك فإن التوصيف الصادق في رأيي أنه كانت هناك حالات من مخالفة القانون يستفيد منها بعض الأفراد.
وكيف لنا أن نعيد الثقة فيما كان قبل الثورة.. وبعدها؟!
شوف أنا لا يهمني ما قبل أو ما بعد.. المهم الوضع حاليا وكيف لنا أن ننجح في تحريك الأمور، ولدي في هذه النقطة بعض الأفكار.. أولا بالنسبة لديون الحكومة.. لابد لها وأن تعلن استعدادها لسداد هذه الديون من خلال جدول زمني.. ويمكن ان تكون ضمن خطة لتحفيز الاقتصاد.. ثم اعلان البنك المركزي بمناسبة الثورة أنه سوف يكون هناك تخفيض في المديونيات خلال 6 أشهر والفائدة تقل 2٪ .. وعلي فكرة لن تتأثر أرباح البنوك.. وثالثا من يستطيع زيادة ما عنده من عمالة مصرية بنسبة معينة يتم إعفاؤه من اشياء بعينها يتم الاتفاق عليها، وهذه روشتة مكونة من 3 خطوات سوف تحرك الأمور إلي الأمام، وفي المقابل علي الحكومة ان تقدم تسهيلات خاصة لمن ينشئ مشروعا جديدا وفي جميع المجالات.
ولماذا في تصورك تأخرت الحكومة عن اتخاذ مثل هذه الخطوات؟!
ربما تري الحكومة أن لديها أولويات أكبر من ذلك، وربما أيضا أنها تعتبر نفسها حكومة تسيير أعمال، وبالتالي فأي قرار فيه صعوبة ترجئه لمن سيأتي بعدها، من هنا أطالب بأن تكون حكومة تسريع أعمال وليس تسيير أعمال، لأننا أصبحنا في حاجة ماسة إلي الإسراع في تنفيذ كل شئ وحتي تعود الثقة في مصر وفي رجالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.