وزارة الآثار بدأت في أعمال تطوير منطقة آثار »الأشمونين« بملوي في محافظة المنيا، ذلك في إطار خطتها لتطوير المناطق الأثرية لجعلها أكثر جذبا للسياحة الخارجية والداخلية، ويشير الأثري جمال السمسطاوي مدير عام آثار مصر الوسطي والمنيا إلي أن التطوير شمل وضع الأسلاك الشائكة حول معبد «نيرون»، وقص الحشائش الموجودة بالمنطقة والتي تنمو علي فترات، وذلك تحت إشراف منطقة آثار ملوي برئاسة علي البكري، وتعد منطقة «الأشمونين» من أهم المناطق الأثرية في مصر، وتقع علي بعد 8 كم شمال غرب ملوي، وكانت عاصمة الإقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العُليا، والذي يعرف بإقليم «الأرنبة»، كما قدمت مدينة «الأشمونين» إحدي النظريات الدينية القديمة، وهي: «نظرية الثامون المقدس»، ومن أهم المعابد المتواجدة فيها معبد الملك «أمنمحات الثاني»، ومعبد «تحوت» من الأسرة ال 18، بالدولة المصرية القديمة، ومعبد للملك «مرنبتاح» و»سيتي الثاني»، ومعبد «رمسيس الثاني»، ومعبد للملك «نختنبو»، وبقايا معبد «فيليب ارهديو»، ومن أهم آثار الأشمونين متحف في الهواء الطلق يضم تمثالين ضخمين للإله «تحوت»، علي شكل قرد «بابون»، متضرعاً للشمس، بالإضافة لمنحوتات حجرية أخري، وترجع إلي عهد الدولة الحديثة.. وبقايا معبد للإله «تحوت» من عهد «رمسيس الثاني»، وبقايا معبد من «فيليب أرهيديس»، والسوق «اليونانية» المُحاطة بمجموعة من الأعمدة من الجرانيت الأحمر، ذات تيجان كورنثية، وتوجد لافتة حجرية تُحدد تاريخ إنشاء السوق سنة 350 قبل الميلاد، في عهد «بطليموس الثاني» وزوجته «أرسينوي».. وبقايا كنيسة علي الطراز «البازيليكي»، وأعمدتها من الجرانيت والتي بُنيت تكريما للسيدة «مريم العذراء». ويوضح الأثري علي البكري مدير آثار ملوي، أن معبد «نيرون» يرجع إلي حكم الأمبراطور «نيرون» الفترة من عام 54 ميلادية، وحتي عام 68 ميلادية. وبني المعبد علي أطلال معبد الملك رمسيس الثاني، وهو من الحجر الجيري. وعليه نقوش للأمبراطور نيرون تصوره وهو يتعبد أمام آلهة مختلفة منها الإله «جحوتي» معبود الأشمونين. تجدر الإشارة إلي أن «الأشمونين»، هي إحدي القري التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا، وهي تجاور أطلال مدينة «خمون» الفرعونية، التي سماها الإغريق: «هيرموبوليس ماجنا»، والأشمونين ذات تاريخ قديم حيث كانت مزدهرة علي طول التاريخ الفرعوني، والعصر اليوناني الروماني، ومازال بها بعض الآثار الفرعونية واليونانية.. واسم «الأشمونين» هو تحريف للاسم المصري القديم «خمون» أو مدينة «الثُمانية المقدسة».. وكانت عاصمة الإقليم الخامس عشر في مصر العليا القديمة «إقليم أنثي الأرنب»، وكانت مقراً لعبادة تحوت إله الحكمة الممثل علي شكل القرد «بابون» أو طائر «أبو منجل»، ولما كان الإغريق يقرنون إلههم «هرميس» بالإله المصري «تحوت»، فقد سموا المدينة «هرموپوليس ماگنا»، تقع هذه المدينة في قلب مصر الوسطي بالوادي الفسيح، الذي يحده النيل شرقا، وبحر «يوسف» غربا. وتعد هرموبوليس من أشهر العواصم الدينية بسب علو شأن «تحوت» إلهها الرئيسي، وكانت هذه المدينة تهيمن علي منطقة ذات أهمية اقتصادية فائقة بسبب خصوبة تربتها الزراعية، وقربها من محاجر «حتنوب» للرخام. كل ذلك دفع بعض من كانوا يتولون أمرها بأن ينصبوا أنفسهم حكاما مستقلين في بعض الأحيان، مستغلين فرصة ضعف السلطة المركزية، وفي أواخر الأسرة السابعة عشرة وقعت هذه المنطقة تحت سيطرة حاكم مصري يدعي «تتيان» كان متعاونا مع الهكسوس، وكان يحكم من قبل المدينة المجاورة ل»نفروسي»، وخلال عصر الانتقال الثالث انتحل العديد من زعماء هذه المدينة المحليين . وبغض النظر عن هذه الوقائع والأحداث، وما يماثلها من قوة وسيطرة الحكام المحليين خلال عصر الانتقال الأول، لم تنفتح هرموبوليس علي التاريخ إلا مؤخرا، فخلال العصرين «اليوناني والروماني»، أدي سحر وجاذبية الإله «تحوت» إلي اجتذاب العديد من الإغريق إلي هذه المدينة، حيث نما وتطور نتاج فريد من نوعه بين الحضارة الفرعونية، والثقافية «الهيلينستية»، وتعد مقبرة «بتوزيريس» الشهيرة دليلا واضحا علي ذلك، ولم تتبوأ «الأشمونين» مكانتها المرموقة في العقائد المصرية بسبب «ثامون الأشمونين»، فحسب، وإنما لأنها كانت كذلك مركز عبادة الإله «جحوتي»، إله الحكمة والمعرفة في مصر القديمة.. وكان من الطبيعي لمنطقة لها كل هذا الثقل الديني، أن تنال الاهتمام علي امتداد التاريخ المصري القديم .