انطلقت التحركات الدبلوماسية والجهود الدولية امس لإعادة إعمار ليبيا في مرحلة ما بعد نظام العقيد معمر القذافي، مع اعلان محمود جبريل نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي ان المرحلة الانتقالية بدأت لتوها بعد سيطرة الثوار علي المقر العام للقذافي في طرابلس. وقال جبريل "نحن نبني الان ليبيا جديدة، مع كل الليبيين باعتبارهم أخوة في أمة موحدة ومدنية وديمقراطية وستجري اول انتخابات دستورية". جاء هذا قبل ساعات من بدء اجتماع دولي استضافته العاصمة القطرية امس للاتفاق علي مساعدة إنسانية عاجلة بقيمة 2.5 مليار دولار للشعب الليبي. وقال جبريل خلال تصريحات في وقت سابق أن اعضاء في المجلس سيبحثون مع ممثلين من الولاياتالمتحدة وفرنسا وايطاليا وبريطانيا وتركيا وقطر الحصول علي المعونات "قبل نهاية شهر رمضان حتي يمكن دفع رواتب الليبيين وتوفير العلاج الطبي لمن فقدوا بعض اطرافهم." واضاف من الدوحة أن "الافراج عن الأموال سيكون أولوية للحكومة الانتقالية." وأشار الي انه يوجد ما بين 160 مليار دولار و170 مليارا من الاموال المجمدة. وقال جبريل ان المجلس الانتقالي سيركز جهده علي استئناف العمل في مرافيء النفط وموانيه باسرع وقت ممكن. وكانت واشنطن وسويسرا قد أعلنتا عن خطط للإفراج عن 1.5 مليار دولار من الأموال الليبية المجمدة لصالح المجلس الوطني الانتقالي. ومن جانبها اقترحت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون ان تعقد مجموعة القاهرة التي تضم خصوصا الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية اجتماعا غدا الجمعة في نيويورك لبحث الوضع في ليبيا. وقالت في مؤتمر صحفي ان الاتحاد الأوروبي مستعد للإفراج عن الأرصدة المجمدة للنظام الليبي علي ان يتم ذلك وفقا لقرارات من مجلس الأمن. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي امس ان باريس وشركاءها يعملون علي صياغة مشروع قرار يتيح الافراج عن الأرصدة الليبيية. وفي باريس يستقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال ساعات جبريل لمناقشة آفاق التدخل العسكري الغربي في الفترة القادمة. وكان ساركوزي قد دعا الي عقد مؤتمر خاص باسم "أصدقاء ليبيا" في باريس خلال أيام بمشاركة نحو 30 زعيما ومنظمة دولية للمساعدة علي تسهيل إعادة الإعمار في ليبيا. في الوقت نفسه أكد رئيس المجلس الانتقالي مصطفي عبد الجليل اجراء الانتخابات في موعدها البرلمانية والرئاسية في غضون ثمانية أشهر مشيرا الي انه ستكون لليبيا علاقات خاصة مع الدول التي دعمت نضالها من أجل التحرير منذ البداية". وقال في حديث لصحيفة "لاريبوبليكا" الايطالية امس ان بلاده ستكون عنصرا فاعلا في المجتمع الدولي وستحترم جميع الاتفاقيات التي وقعت في السابق. وحول مصير القذافي قال عبد الجليل ان الرأي السائد في المجلس الانتقالي يري "محاكمة القذافي وأعوانه في ليبيا". من جانب اخر طالب وزير الخارجية الصيني ان تكون جهود إعادة الإعمار في ليبيا بقيادة الأممالمتحدة، مشيرا الي ان بكين مستعدة للمساعدة في اعادة بناء هذه الدولة. وفي محادثة هاتفية مع السكرتير العام للأمم المتحدة بان جي مون قال "يانج جيه تشي" ان بكين تريد ان تقوم هيئات مثل الاممالمتحدة لا الحكومات الغربية وحدها بتنسيق المشاركة الدولية في ليبيا بعد الحرب. وحثت بكين علي "انتقال مستقر للسلطة" مضيفة انها علي اتصال بالمجلس الانتقالي في مؤشر علي اعترافها فعليا بقوي المعارضة. من جانب اخر دافع رئيس جنوب افريقيا "جاكوب زوما" عن موقف الاتحاد الإفريقي من الأزمة الليبية مؤكدا ان الحملة العسكرية لحلف الأطلنطي قوضت جهود الوساطة التي بذلها. علي صعيد اخر دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف العقيد معمر القذافي والمعارضة الليبية الي وقف القتال وإجراء محادثات، ملمحا الي ان موسكو "قد تعترف بالمعارضة كحكومة رسمية". وقال ميدفيديف خلال زيارة الي سيبيريا "ان ليبيا لا تزال فيها سلطتان رغم التقدم الذي أحرزه الثوار". وأضاف ان العقيد الليبي معمر القذافي مازال يتمتع بقدر من النفوذ والقدرات العسكرية ونريد أن يتوصل الليبيون لاتفاق فيما بينهم." وأضاف ان روسيا ربما تعترف بالمعارضة ان أمكنها توحيد ليبيا". من جهته أكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ان نظام القذافي يعيش ايامه الاخيرة لكنه لم ينته بعد". وقال هيج ل"بي بي سي" إنه يراه "انتصارا تاريخيا ان تتمكن المعارضة من دخول مجمع باب العزيزية في طرابلس "لكن بعض انصار القذافي الخطرين قد يشكلون تهديدا علي الامن"، وقال "هناك العديد من الاسلحة المنتشرة، الوضع لا يزال غير آمن في طرابلس والعديد من المناطق". واعتبر هيج ان "الأولوية هي لتسهيل استقرار ليبيا وصرف بعض أموال الدولة الليبية المجمدة ووضعها بتصرف الشعب الليبي". وفي روما أكد وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني انه سيتم اعتقال القذافي واولاده قريبا، مؤكدا انه يجب محاكمتهم امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وفي حين انضم العراق ولبنان الي الدول المعترفة بالمجلس الانتقالي الليبي ممثلا شرعيا عن الشعب الليبي، قال مسئول بوزارة الخارجية الجزائرية ان بلاده فتحت قنوات اتصال مع المجلس الانتقالي دون ان تعلن اعترافها بعد به. في المقابل جدد الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز دعمه لنظام القذافي معتبرا انه "الشرعي الوحيد".