د. محمود عبد الفضيل المفكر الاقتصادي والأستاذ الجامعي المرموق بجامعة القاهرة.. امتلك موهبة تحويل لغة الاقتصاد والأرقام الجافة إلي متعة حقيقية بأسلوبه السهل وباستخدامه تعبيرات مصرية أصيلة.. وأصبح صاحب قلم طيع يقدم لقرائه أعقد القضايا والمصطلحات الاقتصادية بأسلوب شيق وممتع لايخلو من روح الفكاهة..وبث في كتاباته الاقتصادية المحتوية علي الأرقام الجامدة روحاً وحياة بربط الدلالات الاقتصادية لهذه الأرقام باتجاهات الريح السياسية والاجتماعية..! وكتبه الأخيرة الشارحة لفسادنا الاقتصادي خير شاهد علي نبوءاته لما حدث في الشارع المصري أخيرا.. ففي كتابه "نواقيس الإنذار المبكر" الصادر عن دار العين قبل ثورة يناير بثلاث سنوات تنبأ فيه بمستقبل الاقتصاد المصري الخرب المرتبط بمجموعة رجال المال والأعمال وكان بحق إنذارا مبكرا.. لكن الآذان قد صمت والعقل توقف وظن اهلها أنهم قادرون عليها وكان ماكان.. وكتابه المواكب للثورة جاء تحت عنوان شديد الدلالة "رأسمالية المحاسيب" قدم فيه تشريحا دقيقا لعلل الاقتصاد المصري المغتصب وكيفية الخروج من نفق اقتصاد المحاسيب إلي اقتصاد تنموي يعمل لصالح كل المصريين..! منذ الوهلة الأولي يأخذك تواضعه وبساطة حديثه حتي في أعقد المسائل الاقتصادية.. فتظن انك لاتستمع لنظريات اقتصادية كنت تسمع بها من قبل أو تقرأها وتحجم عن مناقشتها لجفافها وخشونة التعامل معها..لكن في حديث د.عبد الفضيل مايغري بالقراءة لبساطته وعفويته ورؤيته لما تم من تخريب للاقتصاد المصري وما يراه صالحا لاعادة الاقتصاد إلي جادة الصواب..وهذا ما دار حوله هذا اللقاء في بيت محدثنا عالم الاقتصاد الشهير د.محمود عبد الفضيل. * حسب نظريات الصراع الطبقي.. لماذا الطبقة المهمشة لم تقم بفعل الثورة وهي فئة مطحونة اقتصاديا وكان يجب أن تثور من أجل حقوقها؟ ** الفئات المهمشة وعلي رأسها ساكنو العشوائيات لم تكن تستطيع القيام بالثورة لفقدانها الشروط التنظيمية والموضوعية التي تستطيع جمعها وتأهيلها وتنظيمها للقيام بالثورة علي أوضاعها الاقتصادية المزرية.. ولو كانت هناك ديمقراطية حقيقية في بلادنا لقامت بالثورة هذه الفئات وساعدت في تحقيق مطالبها سريعا بدلا من تفتيت القوي الثورية نتيجة الائتلافات الشبابية الكثيرة.. ! علاوة علي أن الازمة التي كانت موجودة في مصر أزمة معنوية .. فقد ساد شعور أن المجتمع بكامله قد تم تهميشه في الداخل والخارج لصالح فرد واحد.. وشعر الشباب المثقف و"المرتاح" ماديا بفقر في كرامته.. فهؤلاء الشباب مع انعدام الكرامة أي فقر في الكرامة مع القمع السياسي ادي إلي خروج الطليعة الثورية منهم.. وهم من قادوا لأنهم يمتلكون نوعا من التنظيم والاعداد .. فقد حدث ما يسمي بالتشبيك والتربيط بينهم من خلال الوسائط الحديثة.. وقد فوجئوا هم أنفسهم بأن ما قاموا من أجله قام الشعب كله من أجله وشاركت معهم كل فئات الشعب بعد ذلك .. والثورة شملت كل انحاء الجمهورية بالتمام مثل ثورة 91.. مما أظهر ان هناك ازمة سياسية واجتماعية واقتصادية ..ويوم التخلي عن السلطة كانت كل اطياف الشعب في الشارع ولولا ذلك ما نجحت الثورة..! وهؤلاء الشباب احتكوا بالخارج..وعرفوا معني الكرامة المهدرة ومعني تهميشهم بل تهميش المجتمع بكامله لخدمة فرد واحد..مما يتنافي مع روح العصر وكل ادبيات حقوق الانسان ..وحدثت المفاجأة التاريخية الكبري كان الدور الذي لعبه شباب الطبقة الوسطي المتعلمة تعليما راقيا والمرتطبة بأدوات الاتصال الحديثة في تفجير ثورة 25يناير المجيدة التي فجرت مخزون الوطنية والطموح الديمقراطي لدي الجماهير المصرية. ولو كانت الفئة المهمشة والكتل الشعبية والعمالية في الطليعة وقامت بالثورة أظن ان التفتت الحادث حاليا من خلال الائتلافات الكثيرة.. لم نكن لنراه بهذا الشكل.. لأن الشباب بطبيعتهم يحبون التمايز وهذه احدي ازمات الثورة، انها نشأت علي يد طليعة مثقفة تناقش وتجادل وترفع نظريات ورؤي كثيرة وذلك خطر علي الثورة.. وإذا لم يتم تغليب الرئيسي علي الثانوي ستتأخر مسيرة الثورة.. أي تغليب المطالب الرئيسية علي المطالب الثانوية..وهذا ما أحدث نوعا من التوترات بين التحرير والمجلس العسكري.. والا ما معني ان نجد مثلا النائب العام مازال موجودا ونخرج في مظاهرات من اجله شيله ورفع شعار لم يحدث شيئا من مطالب الثورة ..كيف لم يحدث شئ..وقد تم حل مجلسي الشعب والشوري والحزب الوطني وامن الدولة.. الخ ..! هل كنا نتصور أن نري كل هؤلاء داخل قفص الاتهام وعلي رأسهم الرئيس المخلوع نفسه وابناه ووزير داخليته واعوانه.. الثورات تأخذ سنوات حتي تستكمل مهامها.. وقد انجز المجلس العسكري الكثير بالفعل.. وبالفعل هناك نظام جديد يولد علي الأرض.. وربما يكون القلق الموجود مغذي بالشائعات.. مثلا موظف كبير او محافظ مازال موجودا كان بالحزب والوطني "تنقلب الدنيا" وتخرج مظاهرات من أجله وتعطل اعمال ونسمع من يقول الحزب مازال موجودا والثورة فشلت.. فرد من الحزب مازال موجودا هذه اشياء ثانوية يمكن معالجتها تدريجا.. ويكفي ان جسم الجريمة بالكامل داخل قفص الاتهام ورأيناه جميعا بأم رأسنا.! رأسمالية المحاسيب ما المقصود "برأسمالية المحاسيب" كما جاء في عنوان أحدث كتبكم؟ المقصود "محاسيب الدولة" وهم الافراد الذين يتكسبون من وراء فرص تتيحها لهم قرابة أو صداقة من في دوائر الحكم.. وهم من ظهروا بقوة في وزارة نظيف الثانية.. وكان لهم رؤية سلبية للسيطرة علي منابع القرار الاقتصادي والسياسي.. وهي المجموعة التي تعرضت للحبس ولها قضايا منظورة وقد جاء بهم جمال مبارك في حكومة نظيف الثانية.. فقد كان يمسك الملف الاقتصادي للدولة وقد رشح هؤلاء المحاسيب للوزارة.. ونظرية جمال ان رجال الأعمال هم أفضل من يدير البلد.. وما كان يريده جمال هو السلطة وهم كانوا يريدون الثروة..وبدأت نظرية "من يوظف من"جمال أم هم.. وهم بالتأكيد استفادوا من وجوده علي رأس السلطة ورتبوا مصالحم عليه الاقتصادية وهم الذين وظفوه لحسابهم الاقتصادي.. وهو أيضا وظفهم لحسابه السياسي.. وتم تسخير اقتصاد البلاد لخدماتهم الشخصية.. بعبارة اخري جمال مبارك ولي المجموعة الاقتصادية"المحاسيب" في وزارة نظيف الثانية فضاع الاقتصاد وخربت السياسية! وعلي ذكر رأسمالية المحاسيب نذكر ماقاله "د.ابراهيم شحاتة" أستاذ القانون الدولي الراحل حين فرق بين ثلاث فئات من الرأسمالية : الأولي هي الرأسمالية المستنيرة : مثل نموذج طلعت حرب "مؤسس بنك مصر وشركاته" والعديد من المشروعات الصناعية العملاقة وكان يؤكد دوما علي أن الثروة الفردية إذا لم تتحول في الوقت ذاته إلي ثروة عمومية فلن ينجح قطاع الأعمال الخاص في أن ينهض بمهامه في تحقيق تنمية اقتصادية حقيقة. والثانية رأسمالية النصابين : وهي القائمة علي النهب السريع وتهريب الأموال إلي الخارج ..والثالثة هي ما أشرنا اليها في البداية وهي رأسمالية المحاسيب. وإذا ما دققنا النظر في طبيعة الفئات الرأسمالية في السنوات الثلاثين الأخيرة في مصر نجد ان لها عدة سمات مشتركة أهمها: الاعتماد المفرط علي الاقتراض من القطاع المصرفي وان هياكلها القانونية والتنظيمية تقوم علي الشراكة العائلية "المفتوحة أو المغلقة"..كما أن مجالس إدارتها يسيطر عليها قدر كبير من العائلية..والميل للتوسع السريع في فروع النشاط الاقتصادي المجاورة سواء رأسيا أو أفقيا..مع وجود درجة عالية من الاحتكار في السوق المحلية تساعدها علي تحقيق أرباح احتكاية غير تنافسية. لكن كان هناك قوانين عندنا تمنع الاحتكار في مصر ؟ قول لي انت كيف يكون هناك قوانين تمنع الاحتكارات وهناك المجموعات الاحتكارية بطول البلاد وعرضها.. ! خد علي سبيل المثال عدد مصانع الحديد في مصر 22 مصنعا يستحوذ 3 منها علي 90٪ من الإنتاج في مصر وهي "العز وبشاي والجارحي" بينما تتنافس باقي ال 19 مصنعاً علي 10٪ فقط ويحتكر 4٪ فقط من تجار الجلود ل 43٪ من حجم الإنتاج وتحتكر أربع شركات أجنبية 87٪ من حجم صناعة الأسمنت في مصر..ويمكن رصد المجموعات الاحتكارية "الكبري" ذات الطبيعة القابضة في الاقتصاد المصري التي توسع نشاطها بشكل هائل خلال حقبة التسعينات من القرن الماضي لتشكل إمبراطوريات جديدة في عالم المال والاعمال ويأتي علي رأسها مجموعة"العز"للحديد كما اشرنا .. ومجموعة "المنصور المغربي" للتنمية والاستثمار ومجموعة النساجون الشرقيون"محمد فريد خميس وشركاه ومجموعة أحمد بهجت "دريم لاند,وجولدي" ومجموعة "محمد ابو العينين للسيراميك ومجموع للاسف كثيرة احتكرت السوق . مع هذه الاحتكارات كان "رأس المال" يحرص علي مسئوليته الاجتماعية ؟ غير صحيح بالمرة.. رأس المال في مصر كان فاقدا لكل شيء ليس فاقدا لمسئوليته الاجتماعية فقط فكان فاقدا حتي للنظرة التنموية .. ممارساته كانت نوعا من العلاقات العامة مع الناس حتي يحمي نفسه فقط شيء أقرب للدعاية .. عند الانتخابات يوظف بعض الشباب ويوزع شنط رمضان.. لقد ساهم في صنع جيش من الشحاتين.. هذه ليست مسئولية اجتماعية بالمعني المتعارف عليه..وإذا اردت معرفتها أدرس ما تم في الغرب عند "فور فواندشن" وكيف ساهمت في تأهيل الناس وتدريبهم علي العمل وكسب لقمة العيش وليس بإعطائهم جنيهات قليلة في المناسبات كنوع من الدعاية وأدرس ما فعله الاقتصادي المصري الكبير طلعت حرب حين أنشأ من عدم صناعة وطنية ولم يصنع ثروة.. واحفاده يعيشون كما يعيش المصريون البسطاء..وطلعت حرب كرجل اقتصادي عمل منظومة اقتصادية كاملة تحمل المسئولية الاجتماعية والنظرة التنموية.. وتجدها فيما انشأه من مؤسسات مثل مصر للطيران ومصر للتأمين رؤية متكاملة لنظرية اقتصادية ليس فقط مسئولية اجتماعية.. ومصانع المحلة.. واذكر أنه أول ما بدأ الصناعة هناك كان الفلاحون يأتون للمحلة وكفر الدوار بالمنديل المحلاوي ومعه اكله ثم صنع منه عاملا حديثا.. كانت له رؤية اقرأ معي خطابه بمناسبة مرور خمسة عشر عاما علي تأسيس بنك مصر »..ليس يهم بنك مصر بالنسبة لطبقات الامة كلها خاصة طائفة التجار أن يعني بالمال وحده قدر ما يهمه من أمر الاخلاق وما ينطوي تحت الاخلاق من معاني الشرف واحترام العهود ونحن نقول اليوم إننا لانستغل المال حبا فيه فإننا لسنا من عباده أو ممن يتعلقون بنواصيه إنما نحن نعرف أن المال قوة في هذا العالم وان المال كما يكون قوة للشر في أيدي الاشرار كذلك يكون قوة للخير في ايدي الاخيار« ألست معي أن الفساد الاقتصادي الذي حدث خلال السنوات الأخيرة هي ظاهرة طبيعية تحدث في كل بلدان العالم وكان يمكن التعامل معه بقليل من الصبر دون ثورة ؟ بالتأكيد لا ..فنحن نواجه ظاهرة غير مسبوقة في حجم الفساد واتساع دائرته وتشابك حلقاته وترابط آلياته بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل..مما هدد مسيرة ومستقبل مجتمعنا المصري في الصميم..ولعل ما أفصحت عنه بعض وقائع قضايا الفساد المالي والاداري الأخيرة تدل علي مدي تغلغل آليات الفساد وممارساته في كل مناحي حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والادارية..ولعل بلوغ الظاهرة هذا الحجم وتغلغلها بهذا الشكل المخيف ليس بالأمر البسيط الذي يمكن أن نهون من شأنه وأن نطمئن أنفسنا بأن الفساد داء تعاني منه كل المجتمعات في كل زمان ومكان ويمكن التعامل معه ببساطة.. إن تبسيط الأمور علي هذا النحو يذكرنا بحالة الطبيب الذي لا يري في نمو الخلايا السرطانية التي تفتك بالجسد أكثر من مجرد أورام عادية وأعراض مؤقتة يسهل علاجها وتصيب الجميع دون استثناء وبالتالي فهي لا تثير القلق ولا تستلزم جراحة عاجلة. هذا فساد كبير واستفحل وعادة ما يحدث "الفساد الكبير" علي المستويين السياسي والبيروقراطي مع ملاحظة أن الأول يمكن ان يكون مستقلا بدرجة أو بأخري عن الثاني أو يمكن أن يكون مستقلا بدرجة أو بأخري عن الثاني أو يمكن أن يكون بينهما درجة عالية من التداخل والتشابك ..إذ عادة ما يرتبط الفساد السياسي بتفصيل قوانين الانتخابات وتمويل الحملات الانتخابية وعدم سن التشريعات التي تضمن عدم تضارب المصالح المالية لدي النواب والوزراء وكبار الموظفين حتي لا تتحول الوظائف الإدارية العليا إلي أدوات للإثراء الشخصي المتصاعد..! ولعل ما تكشف عنه الصحافة المصرية اليومية منذ ثورة 25 يناير من "وقائع الفساد" وما يتداوله الجميع في مجالسهم يدل علي مدي تغلغل آليات الفساد وممارساته في كل مناحي حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية. الديمقراطية والاقتصاد وهل التحول الديمقراطي له علاقة بالاقتصاد ؟ بالتأكيد له علاقة لصيقة..فالتحول الديمقراطي لا يمكن أن يتحقق علي أرض الواقع دون إعادة توزيع للدخل والثروات وكسر الاحتكارات .. وهناك اجراءات متبعة في ذلك منها القضاء علي المراكز الاحتكارية في الاقتصاد المصري.. وتحديد حد أدني وأعلي للدخول وفرض ضرائب تصاعدية ، وإيجاد نظام ضريبي عادل يسمح بتحقيق ما يسمي بالعدالة الأفقية والعدالة الرئيسية.. ولابد من إدراك أن مشكلة مصر الاقتصادية خلال العشرين عاما الماضية كانت في سوء توزيع الدخل وسوء توزيع الاستثمارات حيث تم التركيز علي الاستثمار العقاري وإهمال التنمية الصناعية والزراعية وهذه كانت مصيبة المصائب وكارثة الكوارث.. فتحولنا إلي مايشبه الاقتصاد الريعي..وفشل النمو خلال العشرين عاما الماضية رغم وفرة الموارد الخارجية من دخل قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج والمعونات كان يكمن في سوء توزيع الاستثمارات في مصر. فهذه الاستثمارات كان يتم توجيه معظمها إلي الاستثمار العقاري تحت شعار التنمية العقارية، ويمكن النظر إلي حجم الاستثمار الرهيب الذي تم توجيهه وضخه في المدن الجديدة والساحل الشمالي وسيدي كرير وسيدي عبد الرحمن. وهذا الاستثمار لم ينتج عنه إضافة للطاقات الإنتاجية أو التصديرية، وبالتالي أحدث مشكلة للنظام، علي عكس ما حدث في بلدان جنوب شرق آسيا حيث تم ضخ هذه الاستثمارات في التنمية الصناعية والزراعية، في حين أن كبار رجال الأعمال في مصر تحولوا من النشاط الصناعي والإنتاجي إلي النشاط العقاري، والحصول علي آلاف الأفدنة لإقامة مشروعات عقارية علي نحو ما شهدناه في تحقيقات الفساد التي تجري الآن والتي كشفت عن أرباح سريعة هل يضمن هذا الاندفاع نحو النهضة والتقدم؟ الاندفاع نحو النهضة والتقدم مشروط بالشروط التي ذكرناها في المراحل السابقة وشروط أخري من أهمها توافق قوي الشعب وعدم اللعب علي أجندات خاصة..ولا نحتاج سوي لعشر سنوات للدخول لمرحلة النهضة والتقدم الحقيقي.. وأمامنا التجربة التركية التي أنجزت مثل هذه النهضة وهذا التطور في عشر سنوات فقط.. فقد حدث في تركيا قفزات في التعليم والتحديث التكنولوجي والتنمية الاقتصادية، بشهادة جميع الخبراء الذين شهدوا أن هناك نقلة مذهلة اقتصادية وتكنولوجية، ولعل هذه المعادلة التي يجب أن تتمخض عنها الثورة المصرية في تحقيق نهضة وعدالة اجتماعية وديمقراطية حقيقية، فالتحول الديمقراطي لا يمكن أن ينجح أو يستمر طالما هناك قدر من سوء توزيع الدخول والثروات، وطالما هناك تخلف مؤسسي وتكنولوجي، فالثورات تفتح الطريق أمام مخاض جديد يجمع بين كل هذه العناصر في آن واحد، فالدولة الديمقراطية القادمة في مصر يجب أن تكون دولة تنموية في المقام الأول.