بتاريخ 91 يونيو 1102م، عقد مجلس كلية التجارة ببورسعيد التي أعمل بها أستاذا ورئيسا لقسم العلوم السياسية، عقدت جلسة مجلس الكلية العادي. وناقش ضمن جدول الأعمال مذكرة تقدمت بها تضمنت ضرورة الغاء نظام التعليم المفتوح المباشر لطلاب الثانوية العامة التي حصلوا عليها في ذات العام، مع الابقاء عليه لمن فاتهم قطار التعليم العادي بفاصل مرور خمس سنوات علي حصولهم علي الشهادة الثانوية وما في مستواها، وذلك إعمالا لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص ونتاجا لثورة 52 يناير التي تفجرت نتيجة الشعور بالظلم وعدم العدالة وعدم المساواة وعدم تكافؤ الفرص فضلاعن القهر والاستبداد والتوريث.. إلخ وقد ناقش الزملاء الأساتذة أعضاء المجلس، وكلما أوضحت الأمر زاد عدد المؤيدين حتي حصل الرأي الذي تقدمت به علي الأغلبية العظمي ووافق المجلس علي الاقتراح، ورفعه إلي مجلس الجامعة للموافقة. ان هذا القرار الذي أشرت إليه ليؤكد ان الضمير الجمعي في المجتمع الجامعي يرفض هذه المهزلة، وأن نقاشا جادا ومركزا أتي بنتيجة رفض هذا التعليم المفتوح، لأن المسألة في الحقيقة هي »سبوبة« من »سبوبات« هاني هلال وزير التعليم العالي.. الأسبق الذي أدخل الفساد المنظم والرسمي إلي الجامعات، وحاول ادماج العاملين في الجامعات تحت وطأة الحاجة ومحدودية الدخل للغالبية العظمي من الأساتذة، في نظم إجرامية وغير أخلاقية ولاأصل لها في البلاد المحترمة، وهي من روافد الرأسمالية المتوحشة« لحكومة نظيف والحزب الوطني المنحل ورموزه عز وجمال مبارك وغيرهما. ولذلك فإن حكومة ثورة 52 يناير ان أرادت أن يطلق عليها هذه الصفة فإن عليها أن تتطهر من هذه الجرائم في العملية التعليمية بسياسات واضحة وبلا مسكنات. فقد قيل علي لسان الوزير الحالي الذي فقد شرعيته بالابقاء علي نظام التعليم المفتوح، انه امتداد أو بديل للانتساب الموجه!! إذن فلماذا التغيير؟! ولماذا تم ادماج طلاب جدد حاصلين علي الثانوية العامة حديثا مع طلاب قدامي مرَّت عليهم سنوات سابقة، وهو وضع مأساوي غير تربوي غير سليم؟! هل يتم الغاء الانتساب الموجه، الذي كان طلابه يندمجون ضمن طلاب الكلية العاديين المناظرين لهم في التنسيق، واستبداله بطلاب جدد يندمجون في نظام تعليم مفتوح مختلط الأنواع والأعمار والثقافات والمؤهلات؟! فما هي الحكمة من وراء ذلك؟! قولوا لنا بالله عليكم ما هي الأسباب وراء ادخال مسمي »التعليم المفتوح« ضمن التنسيق للطلاب الجدد الحاصلين علي الثانوية العامة؟ ثم إدماجهم مع طلاب آخرين بنظام التقدم المباشر للكلية ودون شروط سوي مؤهل الثانوية العامة وما في مستواها؟! لقد نشأ نظاما »تعليميا موازيا« داخل النظام التعليمي الأصلي في الكلية الواحدة، وهو أمر مرفوض علميا وتربويا وأخلاقيا ودستوريا. فالتعليم المفتوح نشأ كوحدة ذات طابع خاص للتعلم لمن فاته قطار التعليم، وتقبله المجتمع باعتباره آلية لا تتعارض مع المساواة وتكافؤ الفرص ويشجع الناس وخصوصا الموظفين علي مواصلة التعلم لتحسين فرصهم وعطائهم أما أن يصبح التعليم المفتوح، مؤسسة جديدة موازية، ويتخذ من آلية التنسيق المصممة أصلا لترجمة »المساواة وتكافؤ الفرص«، غطاءً لاضفاء شرعية قانونية عليها، وهي متعارضة مع الدستور وقيمه العليا، فهذا أمر مرفوض ويمكن ايجاز هذا الرفض في عدة نقاط عملية هي: 1 أن نمو التعليم المفتوح حتي وصل إلي مرحلة البكالوريوس، أسهم في تخفيض المحاضرات واشغال مدرجات الكليات، وقاعات البحث، وعدم إتاحة أماكن بعد التوسع العشوائي في هذا النظام. 2 أصبح للتعليم المفتوح الأولوية علي ماعداه في داخل الكليات، وأصبح عدد من الأساتذة يتنافسون عليه، لما يدر عليهم من دخل إضافي هم في حاجة إليه علي حساب المحاضرات الأصلية لطلاب التعليم المجاني!! 3 أصبح لكل جامعة نظامها في التعليم المفتوح سواء في تأليف الكتب أو مراجعتها، أو في توزيعها، أو في مكافآتها في التدريس ومكافآت القيادات، حتي أصبح هذا المجال بابا واسعا للمجالات والفساد، وقد أشرت في المقال السابق، إلي مكافآت قيادات جامعة القاهرة ومن بينها الوزير الحالي عندما كان يشغل منصب نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب، والتعليم المفتوح جزء من مسئولياته واشرافه، وقد حدث نزاع بين نائبي رئيس الجامعة في العديد من الجامعات »لشئون الطلاب، وشئون البيئة وخدمة المجتمع«، أيهما الأولي في المسئولية؟! وحسمت لصالح نائب الطلاب!! وكان أساس النزاع ليس في الاختصاص بل نزاع من أجل المكافأة الأكبر من وراء تبعية التعليم المفتوح لأي منهما!! وأكاد أجزم بأنه لدي وقائع فساد لا أول لها ولا آخر حول التعليم المفتوح، سأنتظر إلي مجلس الشعب القادم لاثارتها أمام الرأي العام لتبيان حقيقة السياسات التعليمية الفاشلة والفاسدة لعصابة لجنة السياسات المتوحشة. الأمر يستدعي اتخاذ إجراء عاجل، بدمج طلاب الثانوية العامة الجدد مع نظرائهم في الكلية التي وزعوا عليها في إطار خيار التعليم المفتوح، باعتباره بديلا للانتساب الموجه، وعدم دمجهم مع طلاب التعليم المفتوح العاديين من مختلفي المؤهلات والاعمار. ثم اعلان تغيير هذا المسمي لعدم الخلط بالنسبة للطلاب الجدد، ثم الاعلان الرسمي من الوزير عن إلغاء نظام التعليم المفتوح من التنسيق، وما علي شاكلته من »برامج متميزة« أتت بتشوهات نفسية وطبقية بين مجتمع الطلاب البرئ والمثالي، فقد لوث النظام السابق عقول الشباب، وآن لنا أن نزيل هذا التلوث، ومازال الحوار متصلا. رئيس قسم العلوم السياسية - جامعة بورسعيد