بدا الاهتمام واضحا بعلم إدارة الموارد البشرية في ظل السنوات الأخيرة بكل ما يتعلق بإنتاجية الأفراد ورضائهم عن بيئة العمل، بإعتبار أن الأفراد هم رأس المال البشري والفكري للمؤسسة الذي بدونه لايمكن أن تحقق أي مؤسسة أهدافها التي تصبو إليها. ويزداد الاهتمام بالعاملين خلال هذا الشهر العظيم في أغلب الدول المسلمة مثل ماليزيا وأندونيسيا وتركيا من خلال زيادة الحوافز والمزايا المرتبطة بأداء العاملين لحرص هذه الدول علي عدم تدني مستوي الخدمات العامة أو الخاصة المقدمة للمواطنين في هذا الشهر الكريم وحرصا أيضا علي رضاء العاملين عن بيئة العمل، أما في مصر فتحرص أغلب المؤسسات علي تخفيف العبء وساعات العمل علي العاملين خلال شهر رمضان، ولكن بالرغم من ذلك فلا يمكن أن يخلو أي مكان من المنغصات أو ضغوط الحياة اليومية سواء من الأشخاص المحيطين به في العمل وفي مجال الأسرة ذوي الطبائع الصعبة أو من بيئة العمل نفسها بما فيها من روتين خانق ولوائح وقوانين، فبإمكاننا أن نجعل من هذا الشهر فرصة رائعة لكي ندرب أنفسنا علي إدارة ذاتنا والتحكم في ضغوط الحياة اليومية التي نقابلها بإعتبار أن هذه السمات ضرورية لأي إنسان ناجح ومحبب للآخرين، فأغلب الدراسات الحديثة في العلاقات الانسانية أقرت أن 85 ٪ من أسباب النجاح الشخصي والنفسي والعملي والاجتماعي لأي إنسان يرجع إلي تميزه بالذكاء الاجتماعي والايجابية والمرونة في التعامل مع الآخرين والتكيف مع ضغوط ومنغصات الحياة اليومية، ولكن يجب أن نجعل من هذا الشهر المبارك منهجا لنا لتقليل ضغوط الحياة اليومية من خلال تدريب وترويض أنفسنا علي احتواء هؤلاء الأشخاص من خلال: 1- العفو عند المقدرة وهي صفة الأقوياء وفي الثقافة المصرية نقول "كبر دماغك أو اشتري دماغك" فلا بد أن نجاهد أنفسنا علي رفع شعار التسامح والتغافل دائما في التعامل مع الآخرين ونبتعد عن تصيد الأخطاء لهم لتوطيد علاقاتنا بهم ونقلل من وطأة المنغصات اليومية. 2- عدم الإنشغال بتصرفات السفهاء أو الحاسدين أو الحاقدين أو الجهلة أو الناقمين أو أصحاب المصالح لأن بها إهداراً لطاقتنا النفسية والذهنية . 3- ضرورة الترفع عن توافه الأمور وصغائر الأشياء بحيث لا نعيرها أي اهتمام، لأن النفس المتزنة هي التي تضع الأشياء في مكانها الطبيعي، حتي لا نضيع حياتنا في توافه الأمور التي تفسد علينا حياتنا. 4- المبادرة بتقديم العون لذوي الشخصيات الصعبة المحيطة بنا كلما استطعنا ذلك والتواصل الدائم معهم ومشاركتهم في المناسبات المختلفة، وعدم التعامل معهم بالمثل، والصبر عليهم وتشجيعهم علي أي سلوك طيب ينتج منهم، لما في هذه الأساليب المتبعة من قبل وقعها الإيجابي في تحسين سلوكيات هؤلاء الأشخاص. 5- يجب إتباع هذه المقولة في حياتنا "امشي صح يحتار عدوك فيك" وهي مقولة واقعية لأن دائما الشخص المشاكس أو " الذمبجي" يحاول تربص الأخطاء للآخرين وبالذات للأشخاص الناجحين ولكن عندما يسلك الانسان الطريق الصحيح لايمكن أن يجد هذا الذمبجي دورا له في التنفيس عن سمومه في الشخص الحريص. 6- يفضل إستخدام أسلوب المصارحة والمكاشفة الموضوعية الهادئة عندما تصدر من بعض الأشخاص المقربين لنا سلوكيات سلبية يصعب تفسيرها علي أن نتجنب أسلوب اللوم أو العتاب الحاد. 7- عدم إعطاء أي فرد الفرصة ليسئ إلينا بشكل مباشر أو غير مباشر أو أن يهدر حقوقنا من خلال حزم الموقف بهدوء مع مراعاة لغة الجسد حيث إنها قد ترسل رسائل عكس ذلك، لأن الثبات النفسي ينم علي قوة الشخص وثقة الشخص بذاته. 8- المبادرة بتعميق العلاقات الأنسانية دوماً مع الأشخاص المتوازنين والذين تستطيع أن تتنبأ بتصرفاتهم وانفعالاتهم وتوجهاتهم أكثر من غيرهم. 9- المداومة دائما علي التحكم في أعصابنا من التصرفات المستفزة من الأشخاص المحيطين بنا كالنفاق والغرور أو المبالغة (الفشر) أو السخرية، بالإنشغال بأي عمل ما أو تغيير مسار الحديث أو الاستئذان إن أمكن ذلك. 10- لابد أن نشجع أي سلوك أو فعل طيب ينبع من هؤلاء الشخصيات ذوي الطبائع الصعبة لتحفيزهم علي بذل المزيد لتحسين سلوكياتهم وترسيخ هذه الثقافة للمحيطين بنا . 11- تدريب أنفسنا علي أساسيات العلاقات الانسانية من فن الحوار البناء والتفاوض وفنون إحتواء الآخرين من خلال إستخدام العتاب المخلوط بدعابة أو الصبر عليهم . فلنجعل من رمضان مدخلا طيبا لتدريب أنفسنا علي إدارة ضغوط حياتنا اليومية من خلال التواصل الإنساني مع المحيطين بنا.