عرضت في مقالات سابقة تطور العلاقة أو الحرب بين الغرب والشرق وشرحت كيف أن الحرب ليست حربا بين الإسلام والمسيحية كما يحلو للبعض أن يصورها وإنما هي حرب بين حضارتين وقلت إن ما يحدث في ميدان التحرير الآن. والفوضي التي تكتسح الشارع المصري ليس شيئا عفويا وإنما هو حلقة في سلسلة متصلة في الصراع بين الشرق والغرب.. وأقول هنا ان ما حدث ويحدث في التحرير وانطلاقا مما سبق أن عرضت له ليس شيئا عفويا وإنما هو ترجمة لاجندات معروفة وواضحة ومرصودة.. وما يحدث في التحرير وفي كل ميادين مصر وميادين بعض الدول المجاورة لم يكن خافيا علي أعين الأمريكان.. الشيوعيون المصريون خلعوا الأقنعة وبدأت اقلامهم تسيطر علي مساحات كبيرة من الصحافة المكتوبة وبدأت وجوههم القبيحة تطل من الفضائيات التي يسودها الجهل والعمالة.. هؤلاء الشيوعيون يجلس باشوات لهم في ميدان التحرير الذي كما سبق وقلت يضم ثلاث فئات تهيمن علي الحركة فيه وبالتالي علي كل الميادين. الفئة الأولي باشوات الشيوعية والفئة الثانية باشوات الأحزاب شبه القديمة والفئة الثالثة الإسلاميون.. باشوات الشيوعية أعادوا من جديد قراءة كتيب هام من الكتب التي يحفظونها عن ظهر قلب، هذا الكتيب وهو صغير لايزيد علي 05 صفحة كتبه منظر شيوعي قديم اسمه نخييف.. وقد مات نخييف أو اغتيل - لا يهم- ولكن الكتيب الوحيد الذي كتبه يعتبر كتابا مقدسا عند كل شيوعي في العالم. الكتيب يحمل اسم »يوميات ثائر« وهو يشرح بتفصيل دقيق للكوادر الشيوعية كيف تحشد جموع الطبقات الفقيرة في الحواري والعشوائيات.. وما هي الشعارات التي يمكن رفعها لجذب هذه الجموع.. وكيف يمكن التسلل إليها.. وكيف يمكن توجيهها.. وما هي اللحظات المناسبة لركوب الموجة وكيف يمكن السيطرة علي الجموع.. والاشاعات التي يمكن نشرها وكيفية التسلل الي الاحزاب المضادة والانضمام اليها. كل هذه التفاصيل شرحها نخييف بتفصيل دقيق لو قرأته الآن لوجدته يترجم بدقة شديدة ما يحدث في قطاع كبير من قطاعات المحتشدين في الميادين بدءا من التحرير وحتي زنجبار في جنوب اليمن.. الباشوات الجالسون علي مقاهي التحرير لم يتخلوا في يوم من الأيام عن ايديولجيتهم فقد تربوا عليها وتعرضوا من أجلها للسجن والتشريد دماؤهم تشربت بها وثقافتهم مستمدة من أمثال ادونيس وجارسيا وماركيز وغيرهما من الأجانب والمصريين وهم إذا كانت الظروف قد اجبرتهم علي ارتداء قناع ما فإن الوقت مناسب لخلع هذا القناع وإذا كان الاتحاد السوفيتي قد تحلل فإن الأمل لم يتلاش بعد فهناك قلاع شيوعية مثل الصين وغيرها ومن يدري ما يخبئه المستقبل وما سوف تأتي به الأيام.. هؤلاء الباشوات استفادوا جيدا من الخطط التي وضعها المنظرون الشيوعيون.. وبين الفئات الثلاث التي تهيمن علي التحرير يسيطر الشيوعيون علي جزء هام من الميدان والاعلام وإذا كان هناك 861 ائتلافا في الميدان- وهو وان خلا الآن الا انه يمكن ان يمتليء في أي لحظة- فإن هذه الائتلافات تتوزع بين القوي الثلاث المهيمنة علي الميدان كل فئة لها عدد من الائتلافات.. المخابرات الأمريكية ترصد ذلك جيدا فالحرب الباردة عادت من جديد وهي الآن تبدأ من ميدان التحرير. هذه الحرب الباردة تحشد لها القوي ويقودها باشوات التحرير بفئاتهم الثلاث.. وأرجو أن يجيب ذلك عن سؤال لماذا انفقت أمريكا 04 مليون دولار ومن أخذها ولماذا دفعتها ولماذا تحملت دول الاتحاد الأوروبي قرابة المائة مليون جنيه.. وأرجو أن يجيب ذلك أيضا عن السؤال الحائر: لماذا تمد أمريكا جسورها مع التيار الاسلامي.. ويجيب أيضا علي لماذا تحاول هذه الائتلافات فرض اسماء بعينها كمرشحين لتولي الأمور خاصة وقد قدمت في حلقات سابقة نماذج من الجموع المحتشدة مثل »مطوة« و»بطيخة« والاسطي عباس وغيرهم.. باشوات التحرير يرسمون ويخططون.. يكتبون اللوحات.. يؤلفون الهتافات.. يدبجون الشعارات.. يوفرون الطعام والشراب ومصروف الجيب.. يجلسون علي تخوم الميدان وعيونهم تراقب كعيون الصقر واتباعهم المقربون يحملون الرسائل جيئة وذهابا بينهم وبين سكان الخيام.. والفوضي تتزايد لأنها فوضي مخططة ومقصودة والأمور تتجه نحو خطر قادم. ولله الأمر