كعادته فجر الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب قنبلة سياسية من العيار الثقيل عندما أعلن الثلاثاء الماضي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة العمل بالعقوبات الأمريكية علي طهران. وصف ترامب في كلمة ألقاها في البيت الأبيض الاتفاق النووي الإيراني بأنه »كارثي» ثم أعلن إعادة العمل بالعقوبات علي إيران، واتهمها بالكذب في شأن ملفها النووي. وحذرها في خطاب شديد اللهجة من مواجهة مشكلات أكبر إذا واصلت أنشطتها النووية، وقال إن:»إيران تستحق حكومة أفضل». رد الرئيس الإيراني حسن روحاني علي قرار ترامب محذرًا أن بلاده قد تضع حداً للقيود المفروضة علي أنشطة تخصيب اليورانيوم. وقال روحاني: »أصدرت تعليمات لوكالة الطاقة الذرية الإيرانية للقيام بما هو ضروري، بحيث نستأنف التخصيب الصناعي اللامحدود إذا لزم الأمر». وأضاف: »سننتظر بضعة أسابيع قبل تنفيذ هذا القرار». في ضوء نتائج المحادثات بين طهران وشركاء آخرين في الاتفاق. ما كل هذا الصخب السياسي والإعلامي؟ ما الذي يتضمنه هذا الاتفاق، ليثير تلك الأزمة السياسية العالمية، التي قد تؤدي إلي اندلاع حروب جديدة في الشرق الأوسط؟ ينص الاتفاق النووي مع إيران علي التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن عشر سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي وتقييده بشكل كبير بهدف منع إيران من أن يكون لديها القدرة علي تطوير أسلحة نووية، وذلك مقابل رفع العقوبات عن إيران. عبر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن أسفه لقرار خلفه دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، معتبرا أن هذا القرار يمثل »خطأ فادحا» من شأنه أن ينال من مصداقية الولاياتالمتحدة في العالم. وقال أوباما في بيان »أعتقد أن قرار تعريض خطة العمل الشاملة المشتركة للخطر من دون أن تكون قد انتهكت من جانب الإيرانيين هو خطأ فادح». فاض الكيل بأوباما، الذي قلما يدلي بتصريحات منذ خروجه من البيت الأبيض، فخرج عن صمته قائلا: » إن الولاياتالمتحدة قد تجد نفسها في نهاية المطاف أمام خيار خاسر بين إيران تمتلك سلاحا نوويا أو حرب أخري في الشرق الأوسط». الغريب أنه، قبل بضع ساعات من إعلان قراره تباحث ترامب هاتفياً مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الاتفاق النووي. وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون تشاور مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حول نفس الموضوع قبل إعلان ترامب في محاولة لمنعه من اتخاذ هذا القرار الخطير. لكن ترامب فعلها وأعلن إلغاء الاتفاق رغم صداقته الحميمة لماكرون واستقباله له قبل أيام قليلة في البيت الأبيض بحفاوة شديدة، تنم عن صداقة خاصة بين الرئيسين. قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الولاياتالمتحدة ستعيد فرض مجموعة واسعة من العقوبات المتعلقة بإيران بعد انتهاء فترة تخفيف العقوبات التي تصل إلي 180 يوماً ومنها عقوبات تستهدف قطاع النفط الإيراني والتعاملات مع بنكها المركزي. وأضافت الخزانة في بيان علي موقعها الإلكتروني ووثيقة ذات صلة، أن العقوبات التي تتعلق بصادرات الطائرات إلي إيران وتجارة المعادن وأي جهود تقوم بها طهران للحصول علي دولارات أمريكية سوف تتم إعادة فرضها أيضاً. علي الجانب الآخر التقي مسئولون من بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي في بروكسل وأكدوا دعمهم للتطبيق الكامل والفعال للاتفاق من جانب جميع الأطراف. إلغاء الاتفاق أسعد إسرائيل بالقطع، وهذا ما أكده نتنياهو في تعقيبه علي القرار قائلا: "إنه سيكون من الأفضل مواجهة إيران عاجلا وليس آجلا إذا لزم الأمر، إن إسرائيل لا تسعي للتصعيد، لكنها مستعدة لأي سيناريو محتمل". ما هي تداعيات قرار ترامب المفاجئ، الخطير؟ هل ترد إيران كما توعد روحاني؟ لقد اتهمه الرئيس دونالد ترامب بأنه يمارس حربا نفسية، فرد عليه روحاني في مداخلة عبر التليفزيون الإيراني الرسمي قائلا: "لقد أظهرت الولاياتالمتحدة دائماً أنها لا تفي أبداً بالتزاماتها". هل تتصاعد ألسنة النار وشظايا قنبلة ترامب لتشعل فتيل الحرب في الشرق الأوسط؟ فلننتظر ونري!.