زجاجات المولوتوف والاسلحة البيضاء والطوب والحجارة.. اصبحت الان هي لغة التخاطب الجديدة التي يتحدث بها معتصمو ميدان التحرير مع كل من يخالفهم في الرأي. بالامس القريب تحول ميدان العباسية وامتداد شارع رمسيس الي ساحة حرب من طرف واحد.. حيث سار المعتصمون اليه زحفا علي الاقدام من ميدان التحرير للاشتباك مع القوات المسلحة بأي شكل.. ورغم القاء المعتصمين بزجاجات المولوتوف والطوب والحجارة علي بعض عناصر الشرطة العسكرية التي كانت متواجدة بالمنطقة ورشق الضباط والجنود بها.. الا ان جميع الضباط والجنود التزموا بأقصي درجات ضبط النفس ولم يبادلوا المتظاهرين عنفا بعنف.. وبرغم الكلام الكثير الذي قاله المعتصمون الا ان احدا منهم لم يشرح لنا »الجريمة« التي ارتكبها المجلس العسكري.. اللهم الا اذا كانت هذه الجريمة هي انحيازه للثورة المصرية البيضاء التي أنعم الله بها علي مصر في 52 يناير.. وهتف الملايين فيها علي مدي 81 يوما.. سلمية.. سلمية.. بلغة راقية لم يكن فيها لزجاجات المولوتوف اي محل من الاعراب او للاسلحة البيضاء او الطوب والحجارة. هل لي ان اسألكم ايها المعتصمون من اين لكم بزجاجات المولوتوف؟ من الذي احضرها لكم ومن الذي دفع ثمنها.. ومن الذي ينفق علي طعامكم وشرابكم ومن الذي يتحمل تكلفة اقامتكم في الميدان تحت مظلة الخيام.. ومن الذي ينظم لكم خطواتكم وتحركاتهم ومطالبكم التي لاتريد ان تنتهي. لقد اصبح واضحا لكل ذي عينين بصيرتين ان ثمة مؤامرات تحاك ضد هذا البلد وضد المصريين.. والغاية معلومة وهي ضرب الاستقرار الداخلي في مقتل من خلال استمرار حالة الفوضي التي نعيشها في مصر منذ قيام الثوة.. واشعال نار الفتنة والانقسامات بين المصريين بكل السبل.. والدفع بالامور نحو الانفجار. ولاشك ان الفاعل هنا »ليس مبني للمجهول« بل الفاعل معلوم جدا سواء من داخل مصر او من خارجها.. ففي داخل مصر لايزال اذناب النظام السابق واعوانه وانجاله والرفاق والاصدقاء يبذلون كل جهودهم للوقيعة بين الجيش والشعب والدفع بهما لحد الصدام.. من ناحية لكي يظهر الجيش في صورة وحشية دموية مثلما الحال في ليبيا وسوريا.. ومن ناحية اخري لكي يندم المصريون علي قيامهم بالثورة ويترحمون علي ايام النظام السابق لعل وعسي. اما خارج مصر فالعدو الاستراتيجي معروف ومحدد ويستخدم كل وسائله لضرب الاستقرار في مصر.. واولها المال »ولنا ان نتساءل عن ملايين الدولارات التي تقدمها امريكا لمنظمات المجتمع المدني في مصر تحت ستار ارساء قواعد الديمقراطية« وهل لنا ان نتساءل ايضا: متي تدخل الشعب المصري في ثوراته السابقة في صميم ادارة البلاد وتغيير الحكومات وتعيين الوزراء والمحافظين، وبكل التفاصيل وفي ادق الامور مثلما يريد المعتصمون الان ان يتدخلوا.. اليست الحرية اطارا لابد ان يقف الثوار عنده ويتركون شئون الحكم وادارته للمتخصصين ويعطونهم الفرصة الكافية لتنفيذ المطالب.. ان من يريدون شئون الحكم لا يملكون عصا سحرية ليقولوا للشيء كن فيكون.. وعندما يحدث تباطؤ غير مقصود في تنفيذ بعض المطالب، فان هذا ليس مبررا علي الاطلاق لقطع الطرق وافتراش الميادين والعدوان علي المواطنين الابرياء والصدام بأي شكل مع الجيش. أعلم مسبقا ان خطابي معكم غير مجد.. ولذلك فأنا أخاطب من يديرون شئون البلاد.. سيروا علي بركة الله والشعب المصري بملايينه معكم.. يساندكم ويدعمكم حتي تجتاز مصر الظروف العصيبة الراهنة اما القلة المأجورة فعسي الله ان يرد كيدها في نحورها.