معرفتي بالسفير السعودي الجديد في مصر، والمندوب الدائم لبلاده في الجامعة العربية اسامة النقلي، تعود إلي ابريل 2004، يومها لم يكن قد مر علي اعتمادي من قبل وزارة الاعلام السعودية، كمدير لمكتب اصدارت أخبار الْيَوْمَ سوي أيام قليلة، حتي فوجئت باتصال من مكتبه في الوزارة، وكان مسئولا عن الادارة الإعلامية في وزارة الخارجية، يبلغني فيه مدير مكتبه اسامة غنام، انني مدعو لتغطية مؤتمر صحفي في القاعدة الجوية، بين وزيري خارجية السعودية الامير الراحل سعود الفيصل ونظيره الأمريكي كولن باول، وقد مثل بالنسبة لي احد ابرز المؤتمرات الصحفية التي شاركت في تغطيتها، ليس فقط لاهمية المشاركين فيه، ولكن للظروف التي احاطت به، فقد جاء علي وقع ازمة بين البلدين، خرجت للعلن، نتيجة إصدار الخارجية الامريكية، لبيان يندد بإلقاء القبض علي عدد من الشخصيات السعودية، والتي يقال عنهم انهم ينتمون إلي التيار الاصلاحي، وقد ردت الخارجية يومها، برفض البيان الامريكي، واعتباره تدخلا غير مقبول في الشئون الداخلية للمملكة، لم يتوقف الامر عند هذا الحد، فقد كان الوزير الامريكي قادما للرياض من بغداد، حيث غادر كل الصحفيين العراقيين قاعة مؤتمر صحفي للوزير الامريكي، احتجاجا علي ما تقوم به القوات الامريكية من مجازر في العراق، في ذلك الوقت بعد الغزو الامريكي للعراق. وقبل انعقاد مؤتمر الفيصل - باول، دخل إلي قاعة المؤتمر السفير اسامة النقلي، شاب في الأربعينات من عمره، يتسم بوسامة ظاهرة، حيث نقل لنا ترتيبات المؤتمر، والخاص بعدد محدود من الأسئلة من الجانب السعودي والإعلام العربي والدولي المعتمد في الرياض، ومثلهم للإعلاميين الأمريكان المرافقين للوزير باول، والاهم من هذا ما قاله لتخفيف حالة الاحتقان تجاه السياسة الامريكية في المنطقة. بعد إسقاط نظام صدام حسين، حيث رجا الحضور عدم تكرار ما حدث مع باول في بغداد، وقال يومها »الوزير هو ضيف المملكة، وعلينا - رجاء- احترام واجبات وأصول تلك الضيافة، مهما اختلفنا معه»، والغريب في الامر ان الصحفيين التزموا بما وعدوا به تجاه الوزير، ولكن المؤتمر هو من تحول إلي معركة مفتوحة بين الوزيرين، حول الموقف من الإصلاحيين السعوديين، حيث كرر باول مضمون بيان الخارجية الامريكية، وتحول الامير سعود الفيصل إلي وحش كاسر، يدافع بشراسة ضد اي تدخل حتي لو كان من امريكا، الحليف الاستراتيجي في شأن داخلي. وانتهي المؤتمر لتبدأ علاقة عمل وصداقة مع السفير اسامة النقلي، استمرت منذ ذلك التوقيت وحتي الآن، رغم ان وجودي في السعودية لم يدم سوي عامين، ولكنها كانت كافية لتعزيزها، خاصة مع توالي تغطيتي للأنشطة الخاصة بوزارة الخارجية السعودية، التي تشهد دائما زخما كبيرا من خلال زيارات مستمرة لضيوف عرب وأجانب، لمؤتمرات قمة مثل القمة الاسلامية في ديسمبر 2005 بمكة المكرمة، او المؤتمر الدولي لمواجهة الاٍرهاب، الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض، وهو في كل المناسبات احد اهم مصادر المعلومات، حريص علي التواصل مع الاعلاميين، متواضع، صورة متميز لمدرسة عريقة في الدبلوماسية، رسخها الامير سعود الفيصل، الذي عمل بالقرب منه طوال فترة وجوده في الخارجية السعودية، التي استمرت طويلا، بعد عمله كمتحدث رسمي للسفارة السعودية في واشنطن لمدة تسع سنوات، عندما كان السفير الامير بندر بن سلطان واحدا من اهم من تولوا المنصب، وقد أتاح له العمل مع الامير سعود الفيصل، ان يكون حاضرا ضمن وفود بلاده الوفود الرسمية، منذ العام 2000 والمشاركة في عضوية الوفد المرافق له في الزيارات الرسمية لخادم الحرمين الشريفين، علي المستويات الثنائية، وفي القمم الإسلامية والخليجية والعربية وفي الاجتماعات عالية المستوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان هذا سببا وراء استمرار التواصل المباشر مع السفير اسامة النقلي، سواء اثناء زيارتي المتعددة للسعودية، او وجوده ضمن وفد بلاده في اجتماعات الجامعة العربية مع الامير سعود الفيصل، او الوزير عادل الجبير. والمتأمل في المسيرة المهنية لكل من السفير السعودي الحالي اسامة النقلي، والسابق احمد قطان، يجد ان هناك الكثير من المشتركات، فكلاهما عمل في واشنطن عاصمة القرار الدولي، ومع أساطين الدبلوماسية الامير سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان، وها هو اسامة النقلي يلحق بالسفير قطان في القاهرة، عاصمة القرار العربي، في استكمال لمسيرة النجاحات التي حققها كل منهما قطان في القاهرة، والنقلي في مقر الوزارة، التي لم يخرج منها إلي اي مهمة- وكان يستطيع لو أراد- سوي إلي مصر، وما أدراك ما مصر، بكل ثقلها السياسي، وزخم العمل الدبلوماسي بها، وكل المؤشرات تقول ان النقلي جاء ليبني ويضيف، علي نجاحات حققها سلفه احمد قطان. وهكذا بعد خبرة عمل في مجال الشئون العربية، تتجاوز اكثر من 35 عاما، تعرفت فيها علي عشرات السفراء العرب، الذين خدموا في القاهرة، بعضهم جاء تكريما له عن مسيرة عمل طويلة، والآخر عاد إلي بلاده لمنصب وزاري، بعد نجاحات حققها في القاهرة وآخرهم الوزير احمد قطان، أقول انتظروا مرحلة جديدة ناجحة في العلاقات المصرية السعودية، يرعاها قيادتا البلدين ويعمل عليها سفراء بوزن وقيمة وقامة أسامة النقلي. معالي السفير، أهلًا بك في بلدك الثاني مصر.