عندما تندلع الثورات، تسقط القمم، وتتهاوي الرؤوس، وتتحطم القيود، ويتعاظم إحساس الثوار بالتحرر من الخوف، والكبت، والظلم، فيتمادوا في الاندفاع نحو ما كانوا يتوقون إلي التعبير عنه، أو ما كانوا يريدون تحقيقه. التاريخ يقول ذلك، ويقول أيضا إنه من العادي جدا أن ترافق الفوضي أي ثورة عند بدايتها، ويؤكد أن غير العادي هو استمرار تلك الفوضي واتساع دائرتها، عندما تتسلل إلي صفوف الثوار قوي أخري، لها أهداف أخري، ومصالح أخري، فتركب الموجة بوقاحة، وتفرض نفسها بعنف، ليفلت الزمام بعد ذلك، تدريجيا، من أيدي الثوار، ويختط الحابل بالنابل!! لقد قامت ثورة 52 يناير، وأراد الله لها النجاح في الإطاحة بالفساد ورموزه.. واستطاعت أن تثير اعجاب العالم بنقائها وقدرتها علي تحقيق المعجزة الصعبة خلال أيام. لكن ما يحدث الان من بعض الفئات يثير أكثر من علامة استفهام، ويحرك الشك في نفوس الشرفاء تجاه تلك الفئات التي كان معظمها في الجحور عندما قام شباب 52 يناير بثورتهم. أن مصر تمر الآن بأخطر مرحلة في تاريخها الحديث، وولاؤنا لهذا البلد يفرض علينا جميعا أن نكون علي أكبر قدر من الوعي، وأن ندرك أن هناك قوي معادية في الداخل والخارج تسعي للانقضاض علي الثورة للقضاء عليها وهي لا تزال في بدايتها. إن الذين يقفون في ميدان التحرير، ويتطاولون علي رجال المجلس الأعلي للقوات المسلحة، ويشككون في نزاهة وعدالة قضاة مصر الشرفاء، هم في الحقيقة يريدون القضاء في مصر وخرابها!!