ضجة كبري حدثت مؤخرا حول معرض »كنوز الفرعون» الذي سيجوب عدة مدن بمختلف أنحاء المعمورة لعرض 166 قطعة اثرية نادرة لمقتنيات الفرعون الذهبي »توت عنخ آمون».. استغاثات وتصريحات بل وبلاغات للنيابة ضد المعرض.. طالب اصحابها بوقف ما أسموه ب» الكارثة » التي تهدد القطع الأثرية بالطبع نقدر مخاوف أصحاب هذا الموقف وحرصهم الشديد علي آثار أجدادنا خاصة الفرعون الذهبي.. بل ونساندهم في حرصهم هذا.. لكن نريد مناقشة الأمر بهدوء وفكر منفتح وبعيدا عن مبدأ التخوين ونظرية المؤامرة.. وحتي لا يتحقق فينا المثل القائل » ومن الحرص ما قتل ».. فلا وزير الآثار ولا رئيس الوزراء ولا حتي رئيس الجمهورية يستطيع تعريض آثارنا وكنوزنا للخطر.. اومجرد التفكير في التفريط في قطعة حجر تنتمي لعصر الأجداد والأمجاد وبعد اتفاقناعلي المبدأ السابق.. نبدأ التفكير الهادئ والعميق.. فمعارض الآثار الخارجية عرف دولي معروف.. وللأسف هناك دول عديدة تمتلك بمتاحفها آثارا مصرية.. وتقوم بعمل معارض خارجية تحقق من آثارنا استفادة سياسية وسياحية ومادية لها..فمابالنا بمصر التي تملك كنوزا لا حصر لها.. هل من العقل الا نستفيد منها.. ثم إن وزارة الآثار كانت ومازالت تنظم تلك المعارض بالدول المختلفة.. تراجعت تلك المعارض لأسباب عديدة منها ما كانت تبلغنا به بعض الدول صراحة » لاحاجة لنا بآثاركم.. فهناك دول أخري تملك قطعا مصرية نستضيفها بمدننا » !! فهل نترك الساحة خالية امام من يستغلون آثارنا.. وعندما تأتي فرصة العودة واسترداد المكانة يجب تشجيعها بالطبع سيرد البعض أن هذا مقبول للآثار المكررة..لكنه مرفوض للقطع النادرة خاصة مقتنيات الفرعون الذهبي.. وهذا مردود عليه بأسباب قوية ومنطقية.. فلكي نسترد مكانتنا بالمعارض الآثرية الخارجية لابد أن تكون عودتنا بقوة وسمعة ومكانة الملك توت.. ثم إن وزير الآثار د.خالد عناني أعلنها صراحة أن المقتنيات التي سيتم عرضها بالخارج تضم 166 قطعة ليست من بينها اي من القطع الأساسية لمقتنيات الملك توت التي تتجاوز 5 آلاف قطعة ويسوق المعارضون للمعرض من بين أسباب رفضهم العائد المادي وتأمين تلك القطع.. لكن وزير الآثار كان رده قاطعا أيضا.. فالرجل أكد أن الحكومة ترفض سفر أي قطعة أو إقامة المعرض بأي مدينة الا بعد تعهد حكومي واضح لا لبس فيه بالحفاظ علي تلك القطع وإعادتها بعد انتهاء المعرض.. وهي حكومات كبري بحجم امريكا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية.. وبالفعل لم تعط الوزارة موافقة من بين المدن الأمريكية الطالبة للمعرض إلا للمدينة التي جاء خطاب ضمان صريح من الحكومة الأمريكية بها.. بجانب التأمين علي المعرض بما يعادل 15 مليار جنيه..ومرافقة ضباط بمباحث الآثار والمرممين والأثريين للقطع حتي عودتها.. أما العائد المادي فشرحته مذكرة تفصيلية لوزارة الآثار.. فهناك عائد 5 ملايين دولار لكل مدينة.. بجانب 10% من أرباح المعرض.. ومبلغ عن كل تذكرة مرتبط بعدد الزائرين وهنا نتوقف عند العائد المادي الذي ساقه البعض..وأختلف معهم وبشدة حول طريقة التفكير في العائد من معرض »كنوز الفرعون».. فهناك عوائد اخري لا تقدر بثمن منه.. فهل يتخيل المعترضون حجم الدعاية السلبية عن مصر طوال السنوات الماضية خاصة بعد ثورة يونيو.. والصورة الذهنية السيئة عنا بمعظم الدول.. هذه الصورة لن يمحوها الا حجم هائل من الأخبار الإيجابية عن مصر.. وهنا المثل.. فمجرد الإعلان عن إقامة المعرض.. هل تابع المعترضون كم المواد المنشورة عنه بالاعلام الأمريكي.. صور تصدرت أغلفة المجلات الكبري..وتقارير في صدر صفحات وسائل الإعلام الرئيسية.. ومتابعات مطولة بأهم المواقع وشبكات التليفزيون الشهيرة.. كم من مئات الملايين من الدولارات كنا سننفقها لتحقيق هذه الضجة الإيجابية حول مصر وآثارها وتاريخها وبعائد اكثر مصداقية.. وكم سننفق لتحسين صورة مصر بحجم ما فعله المعرض.. والدليل أرقام الحجوزات التي تم إبلاغ وزارة الآثار بها نصل إلي نقطة أخري مهمة تتعلق بالسياحة خاصة الثقافية.. تلك الصناعة التي تعاني الأمرين ومنذ سنوات.. وإذا عدنا بالذاكرة للوراء قبل عام 2010.. فمصر التي حققت 14 مليون سائح.. لم يكن فقط بسبب الدعاية والتسويق السياحي.. لكن لعناصر عديدة اهمها معارض الآثار المصرية التي كانت تجوب العالم كله.. فلنا أن نتخيل حجم الدعاية السياحية عن مصر من تلك المعارض خاصة لوكانت في اسواق رئيسية ومهمة.. وبقوة عارمة بحجم الفرعون الذهبي.. كما كنا سننفق لتحقيق هذه الدعاية.. الأمر بالطبع متشابك ومتعدد الجوانب والأهداف ويحتاج كما قلنا في البداية الهدوء والتركيز قبل إصدار الأحكام وتبقي النقطة المهمة والتي تتعلق بقطاع السياحة نفسه.. فإذا كان وزير الآثار قد اتخذ القرار الجريء بإقامة تلك المعارض.. والتي تصب أساسا في تحقيق صالح صناعة السياحة واستعادتها.. فماذا فعل القطاع السياحي الخاص والحكومي لاستغلال هذا الحدث القوي ؟! حتي الآن لم نسمع عن خطة من هيئة التنشيط او الاتحاد والغرف أوحتي المستثمرين لاستغلال هذه المعارض.. لابد من إعلان تلك الخطة لو كانت موجودة.. او الإسراع فورا من قبل وزيرة السياحة د.رانيا المشاط بتكليف القطاع بها.. نريد دعاية قوية علي هامش تلك المعارض لكافة انماطنا السياحية.. وإقامة ليال مصرية وتوفير مطبوعات متنوعة وبلغة كل بلد عن السياحة المصرية..وقوافل من الهيئة والشركات والفنادق بالمدن التي تستضيف كنوز الملك توت الملك فتح لنا بابا قويا.. فهل نعجز يا قطاع السياحة عن استغلاله ؟.. إنا لمنتظرون !!