لا جدال أن ما أعلنه طارق عامر رئيس البنك المركزي عن إرتفاع دخل مصر من العملات الأجنبية بما يقدر ب 100 مليار دولار.. شيء يدعو إلي تعاظم الشعور بالأمل والتفاؤل في المستقبل الاقتصادي لمصر. ماجاء في هذا البيان الذي يتسم بالأمانة والمصداقية يجعلني أتساءل عما كان عليه حالنا قبل عملية تحرير سعر الصرف الذي أدي إلي هذه الطفرة الهائلة في حصيلتنا من العملات الأجنبية.. وما أصبح عليه حالنا الآن. علينا أن نتذكر الأزمة الطاحنة التي كنا نعاني منها فيما يتعلق بتوفير الحد الأدني من احتياجاتنا من العملات الصعبة لاستيراد حتي السلع الأساسية. استمرار هذا الوضع وفقا لتوقعات الخبراء كان ينذر بتداعيات غاية في الخطورة. هذه الوفرة من العملات الأجنبية أدت إلي وفاء الدولة المصرية بمعظم التزاماتها الدولية وهو الأمر الذي ساهم في إيجابية التقارير الصادرة حول أحوالنا ومستقبلنا الاقتصادي. هذا الذي أقوله سانده ودعمه تلك التسهيلات التي أصبحت تتسم بالانفراجة في تعاملات البنوك مع عملائها فيما يتعلق باحتياجاتهم من العملة الأجنبية. إنه ووفقا لما لمسته بنفسي فإن أي عميل في حالة سفره إلي الخارج.. يمكنه الآن أن يحصل علي مبلغ مناسب بكل سهولة ودون أي تعقيدات.. بعيدا عن السوق السوداء التي تكاد تختفي تماما. هذا يعني أن لدي هذه البنوك فائضا كافيا من أرصدة العملات الأجنبية تسمح لها بذلك. بالطبع فإن هذه المعاملة تعد ركيزة للشعور بالتفاؤل والثقة ليس علي مستوي هؤلاء العملاء فحسب ولكن علي مستوي المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية العالمية. هنا يجدر القول أن هذا العائد من العملات الأجنبية الذي تحقق منذ تحرير سعر الصرف في 2016.. ليس وحده صاحب الفضل في هذا الانجاز. هناك أيضا ما صاحب هذا الاجراء من قرارات للحد من الإنفاق بالعملات الأجنبية لتمويل استيراد ما هو غير أساسي لحياتنا.. الحفاظ علي هذه المحصلة الايجابية الاقتصادية واستمراريتها يحتم الالتزام الحازم بهذه السياسات. في هذا الإطار فإن التصرف فيما أصبحنا نملك من أرصدة دولارية لابد أن يوجه الي كل ما يساهم في تعظيم التنمية وجهود النهوض الاقتصادي. لا يجب بأي حال أن يكون هناك قصور في تمويل كل ما نحتاجه من أجهزة رأسمالية ومستلزمات تساهم في الارتفاع بمعدلات الإنتاج وبالتالي التنمية والناتج القومي. تحقيق هذه الأهداف هو لصالح الارتفاع بمستوي معيشة غالبية المواطنين المصريين وبالتالي وصولهم إلي الحياة الكريمة المأمولة من المؤكد أن لهذا انعكاسات لصالح الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. كل هذا سيكون مردوده الطبيعي.. تحقيق التنمية المتكاملة المتمثلة بشكل أساسي في خدمات التعليم والصحة والمرافق واقامة المشروعات للقضاء علي البطالة. من ناحية أخري فإن ارتفاع دخلنا من العملات الصعبة الي 100 مليار دولار. صاحبه في نفس الوقت ارتفاع أرصدة البنك المركزي من هذه العملات إلي 38٫2 مليار دولار. هذه الأرصدة تساهم في الاطمئنان الداخلي وتعظيم الثقة في مسيرة الاقتصاد المصري. بقي أن أقول إنه يجب ألا يكون هناك ترديد لشعارات لا تستهدف سوي تعطيل المسيرة. في هذا الشأن أيضا فإنه لا مجال لعبارات النفاق وما يترتب عليها من نتائج سلبية تنسحب علي سلوكيات المجتمع والتزامه بروح التحدي. لابد ان تتركز الجهود في هذه المرحلة من جانب كل من يهمه الصالح الوطني علي تشجيع وتحفيز العمل والانتاج. يأتي ذلك باعتبارهما الطريق لجني ثمار الإصلاح الاقتصادي. هذا يتطلب الوعي والايمان بأهمية تعظيم هذا التوجه.. هو جوهر النهوض والتقدم الذي يعود بالخير في النهاية علي الوطن وحياة كل المواطنين.