انتهيت مؤخرا من كتابة مذكراتي السياسية من خلال الكواليس التي عشت فيها علي مدار ما يزيد علي نصف قرن رئيسا لقسمي الشئون العربية والدبلوماسية بجريدتي الحبيبة »الأخبار«، كنت فيها شاهدا علي آلاف الاحداث التي كتبت عنها من خلال تغطيتي لمؤتمرات عربية وعالمية بعضها كان لي الحق في نشرها والآخر كنت مؤتمنا عليه ومازلت عند وعدي.. التقيت في هذه الفترة برؤساء وملوم وسلاطين وعرفت الكثير.. وجاء الوقت لكي اكتب عما حدث محافظا علي الوعود التي اعطيتها الي ان يأذن الله بالرحيل.. اخترت ان اكتب عن المسكوت عنه من اسرار وكواليس عشتها واخترت لكتابي اسم »اسرار الزعماء وفضائح العملاء« عسي ان يسجل هذا الكتاب فترة مهمة في حياة وطننا الكريم. ربما اكون من القلائل الذين تحمسوا بشدة لاختيار د. عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر الاسبق، ليكون مسئولا عن ملف الحوار الوطني، بعد ثورة 52 يناير 1102 لما اعرفه عنه من مقومات شخصية ووطنية تجعله ينجز ما يوكل اليه بدقة كبيرة، مهما كانت الصعوبات والعقبات، من هنا رأيت ان ابدأ كتابي بسرد لجزء من سيرة هذه الشخصية المعتدة بنفسها، وصاحبة الانجازات الواضحة في مشوار حياتها، خاصة فيما يتعلق بتحمل المسئولية الوزارية.. ان هذا الكتاب رغم انه يتحدث عن شخصيات من زمن مضي، الا انه في حقيقة الامر يكشف عن جزء مجهول من حياة اشخاص تولوا المسئولية في لحظات حرجة من تاريخ الوطن، وهو من جانب اخر يعقد موازنة بين طبيعة الوزراء واخلاقهم في الستينيات والسبعينيات وما نراه الان من آثار لوزراء حقبة الرئيس السابق حسني مبارك، وحجم قضايا الفساد المقدمة حاليا امام المحاكم، ويكفي ان اسرد واقعة حلمي مراد وزير التربية والتعليم في الوزارة التي تشكلت بعد مظاهرات الطلبة في 52 يناير عام 1791 عندما اعاد الهدايا التي تلقاها خلال زيارته لاحدي دول الخليج العربي الي الدولة المصرية ووجد انها الاحق، خاصة ان رفضه الهدية منذ البداية عيب واحراج للهادي!. ثم انها ما كانت لتهديه اليه، لولا انه وزير، وبالتالي فالهدية للمنصب لا للشخص!!.. الا تدفعنا هذه الحكاية لكي نقارن بين هذا السلوك وما نسمعه الان من وزراء ومسئولين كبار تتم محاكمتهم، لانهم لم يفرقوا بين الشخصي والعام، وتضخمت ثرواتهم عن طريق مثل هذه الهدايا والعطايا!. ومن هذا الاطار ايضا اتذكر حكاية ارويها بتفاصيلها في ثنايا الكتاب وهي متعلقة بالوزير الاسبق زكريا توفيق عبدالفتاح وزير التجارة والتموين والتجارة الداخلية، عندما طلبت ابنته »هالة« عشرة جنيهات فأعطاها لها، وطلب ابنه »طارق« مثلها فأخذ ما طلب، وبعد ايام عاد طارق ليطلب عشرة جنيهات اخري، فقال له ابوه: انا يا ابني مرتبي صغير، ولا استطيع ان اعطي لك اكثر مما اعطيت!! تصوروا هذا وزير يتحدث عن صعوبة توفير عشرة جنيهات، ووزراء تبلغ الان ثرواتهم بالمليارات، الكتاب يسرد جزءا مهما من تاريخ مصر من خلال التركيز علي شخصيات لعبت ادوارا مختلفة في صنع هذا التاريخ، فمنهم رؤساء الوزراء، والوزراء شخصيات عامة اقتربت منهم لحظة تحملهم المسئولية، والاهم انني كنت قريبا جدا من اللحظات التي يري فيها المسئول نفسه في مواجهة »العزل« من منصبه سواء بالمواجهة المباشرة مع القيادة السياسية او بالدلائل التي تشير الي موعد اقتراب اللحظة الفارقة بأن ينتقل الي خانة وزير سابق وهنا اتذكر ما حدث للفنان بدر الدين ابوغازي وزير الثقافة عقب ثورة التصحيح في مايو 1791، الذي اخبرني بشعوره بقرب مغادرته للوزارة، رغم مرور شهور قليلة علي توليه المنصب، وذلك عندما كنت احضر معه حفل تكريم سيدة الغناء العربي ام كلثوم، وعندما سألته لماذا هذا الشعور، اجاب: لانني اعترضت علي استيلاء رئاسة الجمهورية علي متحف محمد محمود وإلحاقه بمنزل السادات!. اتعجب من الزمن الذي كانت مصر تمتلك وزيرا يعترض بدافع المصلحة العامة، وان تتحول الامور الي ان يصبح لدينا فقط »وزراء الموافقة«، الذين تكشف فسادهم وظهر جليا لا اريد ان اكون حاجزا بين القارئ وفصول الكتاب الغنية بروايات عن تاريخ مصر المحروسة ولكني ارجو ان يمد الله في عمري حتي يظهر هذا الكتاب الي النور وان يضيف ولو قليلا الي تاريخ مصر التي نعشقها جميعا!!. عمار يا مصر!! الاثنين: برغم الضباب الذي يلوح الان في فضاء مصر، وبرغم الاضطراب الذي نعاني منه، وبرغم البلطجة والفوضي التي انتشرت وسادت في الأونة الاخيرة.. الا ان شعاع الشمس وضوء القمر مازال ينير سماء مصر برغم ذلك.. ولتسمحوا لي ان اتحدث عن تجربة شخصية خاصة بي وبعائلتي اعادت الامل لنا في انتصار الحق علي الباطل وسيادة العدل وان طال به المدي!!.. علي مدي ما يقارب الشهر واسرتي تعيش حالة من القلق النفسي والهوان والاعتداء الصارخ علي حرمة بيتي وذلك بسبب قيام ملاك العمارة »السابقين« ببناء دور »سابع« في مكان لا يسمح فيه الا بدور ارضي واربعة ادوار اخري بسبب طبيعة المكان ومواجهته للمتحف المصري الكبير.. وبرغم توجهنا لهم بالكلام نحن سكان العمارة وهم من علية القوم وجميعهم في مراكز مرموقة.. ولكن لا حس ولا خبر!! عانينا من الهدم والبناء ووقوع الاسمنت المسلح علي رءوس زوجتي وبناتي واصوات »اللورد« حتي الساعة الثالثة صباحا.. وما كان منا الا اتباع الطرق القانونية علي امل ان يأخذ القانون مجراه وان كانوا اصحاب حق فليأخذوه واذا كنا نحن اصحاب الحق فلنأخذه.. وكانت مكالمتي للدكتور علي عبدالرحمن الاستاذ الجامعي والعالم الكبير محافظ الجيزة بردا وسلاما علي قلبي وكنت اود ان اذهب اليه بنفسي ولكن ظروفي الصحية منعتني.. لقد وعد الرجل فأوفي، وقام رجاله المخلصون اللواء اشرف شاش رئيس الحي، ومأمور قسم الهرم »مجدي عبدالله«.. اما اللواء عابدين يوسف مدير امن الجيزة ومساعده محمود عبود ورجال الشرطة العسكرية فقد قاموا باستيفاء الاوراق في اسرع وقت واصدروا قرار الازالة لمخالفته للقانون!! تنفست انا وسكان العمارة الصعداء ورفعنا ايدينا بالشكر لرب العالمين الذي انصف القانون والحق.. والشكر كل الشكر لرجال مصر الشرفاء الذين يعملون في ظروف بالغة الصعوبة.. قلوبنا معهم ودعواتنا وامنياتنا بالنجاح والصحة في عملهم ولا استطيع ان اقول الا »عمار يا مصر«!!. الماء في رأس سدر أغلي من البترول الثلاثاء: هل تصدقون ان لتر الماء في رأس سدر يصل ثمنه الي حوالي ثمانية جنيهات؟ هذه حقيقة وليست خيالا فمحافظة جنوبسيناء تبيع المياه الحلوة من خلال الشركة القابضة للمياه بهذا السعر، وعندما سألت قالوا ان المحافظة تعتبر من يؤجر شاليها او يمتلك شقة فهو من الاثرياء وعليه ان يدفع، المواطن المصري المتوسط الحال الذي اشتري شقة مساحتها 08م لكي يذهب اليها هو وعائلته لمدة اسبوع او اسبوعين علي الاكثر في العام للهروب من عناء وجهد عام بالكامل تعتبره محافظة جنوبسيناء من الاثرياء، يعني تعالوا نحسبها لو واحد ومراته واولاده الثلاثة ذهبوا للبحر واخذوا »دش« عادي يعني فسوف يدفعون 003 جنيه مصري علي الاقل.. اي والله 003 جنيه في »حمام« للعائلة هل يعقل هذا يا محافظ جنوبسيناء.. بلاها مصيف وبلاها مشتي ولنجلس في بيوتنا ونحترم أنفسنا!!.