التكامل مع دول حوض النيل خاصة السودان يجب ان يتحول من مجرد تصريحات واحلام الي عمل حقيقي علي أرض الواقع لصالح شعب مصر وشعوب هذه الدول. لابد ان تستفيد مشروعات التعاون من المقومات والامكانات سواء من ناحية الموارد الطبيعية أو البشرية. وليس جديدا الحديث هنا عن مساحات الاراضي الشاسعة الخصبة القابلة للنمو الزراعي داخل السودان والتي تتوافر لها مياه الري اللازمة. وعلي مدي سنوات مضت سمعنا عن مشروعات مصرية سودانية مشتركة في هذا المجال ولكن الامر اقتصر علي الكلام دون عمل فعلي باستثناء ما يتعلق منها بمجهود واجتهادات فردية ليس لعائدها تأثير حقيقي علي مظاهر التعاون الخلاق بين البلدين الشقيقين المتجاورين. ظل الاحساس بسلبية خطوات هذا التعاون المنشود مسيطرا عليّ إلي أن أتيحت لي بالصدفة معلومة مبشرة عن مشروع ضخم بدأت اجراءات ظهوره الي الحياة . تلقيت هذه البشري من خلال مكالمة تليفونية جرت بالمصادفة مع المهندس حسن كامل رئيس شركة السكر والصناعات التكميلية المصرية التي تعد من أهم دعائم النشاط الاقتصادي الانتاجي في مصر.. ومملوكة كلية للشعب المصري. المشروع يقام في ولاية النيل الابيض علي بعد 051 كيلو مترا من العاصمة السودانية الخرطوم ويستهدف انتاج 054 الف طن سكر سنويا و511 ميجاوات من الطاقة الكهربائية و54 مليون لتر من الوقود الحيوي »الايثانول« واكثر من 001 الف طن اعلاف . يقام هذا المشروع علي 561 الف فدان تمتد لمسافة 05 كيلو مترا وبعرض 02 كيلو مترا علي الضفة الشرقية للنيل الابيض. خصصت هذه الارض الصالحة تماما لزراعة قصب السكر والعديد من المحصولات الزراعية الأخري. ويهدف المشروع الذي يساهم فيه الجانب السوداني وشركة السكر المصرية وبنك الاستثمار القومي الي احداث تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة في وسط السودان. ويقول المهندس حسن كامل انه ووفقا للدراسات والاتفاقات فإن هذا المشروع الذي سيقام علي شكل مجمع صناعي زراعي متكامل صديق للبيئة سوف يتكلف 1.1 مليار دولار من خلال المساهمة في رأس المال بمبلغ 043 مليون دولار وتمويل وقروض خارجية ب 067 مليون دولار. وتشير دراسات الجدوي الاقتصادية الي ان المشروع سيحقق عائدا استثماريا مجزيا بالاضافة الي ما هو متوقع من مردود استراتيجي في دعم العلاقات بين مصر والسودان وبالتالي دول حوض النيل. ويقول رئيس شركة السكر والصناعات التكميلية انه جار حاليا استكمال التصميمات ومتابعة مراحل التصنيع وانه قد تم قطع شوط طويل في تركيب الغلايات واقامة القواعد الخرسانية التي ستقام عليها. من المتوقع ان يبدأ التشغيل للمشروع في بداية العام القادم متأخرا شهرين عن موعده بسبب تعرض الباخرة التي كانت تحمل بعض معداته لعملية قرصنة عند شواطئ الصومال . ويعتمد تنفيذ المشروع كلية علي الشركة المصرية من حيث زراعة القصب والتوريد للمصنع من أجل عملية التصنيع. وتمشيا مع سياسة مصر في الانفتاح علي دول حوض النيل فقد تقرر اتاحة فرص لدراسة الماجستير والدكتوراه في صناعة السكر بمعهد بحوث تكنولوجيا هذه الصناعة بجامعة اسيوط لعشرة من الدارسين من ابناء دول حوض النيل. لا جدال أن ظهور مشروع مصنع السكر الذي يقام حاليا بالاراضي السودانية بمساهمة مصرية سوف يمثل اساسا قويا للسير قدما في تنفيذ العديد من مشروعات التكامل الزراعي مع السودان الشقيق ودول حوض النيل .