الحياة بصفة عامة والحياة السياسة خاصة زاخرة بالأقزام والعمالقة وهم إما يصنعون أنفسهم وإما يصنعهم الآخرون. أتعجب كل مرة من النهج الذي ننتهجه كمصريين عندما يكتب شيء ضد مصر أو نسمع تعليقاً حول مصر أو يصدر تقرير يتناول الشأن المصري... في كل مرة نثور ونستاء. نصدر تصريحات مضادة، نكذب التقارير بشكل مبالغ فيه وكأننا متهمون ندافع عن أنفسنا من تهم لم نرتكبها لكن تناولنا لها يعطيها أهمية اكبر من حجمها. في الحقيقة نحن نصنع نجوماً من هؤلاء الأقزام ونلفت الإنتباه إلي أمور لا تستحق هذه الضوضاء. ومن المهم أن نشير هنا أنه معنا وبداخلنا، مع الأسف،من هم مصريون مثلنا يقصدون تضخيم مثل هذه المقالات أو التقارير وتداولها علي نطاق واسع لأن ذلك يخلق لهم دوراً أو يعود عليهم بمنفعة ما. أي أن المصلحة الشخصية هنا هي المحرك الرئيسي وليس مصلحة الوطن أو الرغبة في تناول موضوعي للأمور. هذا بالإضافة إلي أن البعض ينجرف إلي التصدي والدفاع متصوراً أن ذلك واجب وطني يحقق الصالح العام. ذلك الصالح العام يحتاج - في رأيي المتواضع - أسلوباً آخر في التعامل ليكون لكل حدث ما يناسبه من رد فعل. إن عملقة الأقزام تضرنا أكثر مما نعلم ولابد أن يكون تناولنا مع الأحداث العالمية التي تمس مصر بشكل مختلف. وبمزيد من الثقة في النفس. المواجهة الرشيدة لهذه الحالات ليس التعامل معها كمشكلة موسمية نهتم بها قليلاً فترة ثم ننصرف عنها. الحاجة ماسة إلي اعلام خارجي ذكي يقوم علي خطة علمية عملية مدروسة للتعريف بحقيقة الأوضاع في مصر بصورة دائمة مستمرة دون انتظار مقال أو تصريح يسيء لمصر ودعوة وسائل الإعلام لتناول الإشاعات والأكاذيب المضللة بهدوء وبالحجم الذي تستحقه. إن أكثر ما يحزنني في هذا الأمر أننا عندما ننبري للدفاع عن مصر ونطلق الحناجر في الأفق لرفع الشبهات عنا إنما نسيء لأنفسنا أكثر مما نتخيل. علينا ان نستمع لما يقولون وفي الإستماع فوائد جمة به نتعرف علي مواقفهم ونستفيد منها في رسم سياسة الإعلام الخارجي أو نصحح ما يستدعي تصحيحاً. مصر دولة قوية ويجب أن نثق في أنفسنا أكثر من هذا، أقول هذا الأمر ليس لأنني مصري عاشق لتراب بلدي ولكن لأن الإحتكاك بالعالم واللقاء مع برلمانات العالم وزملاء لنا مؤخراً في البرلمان الأوروبي علي سبيل المثال أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن مصر دولة لها أهمية كبيرة بالنسبة لهم جميعاً يعمل لها ألف حساب. لماذا لا ندرك نحن هذه الحقيقة ونتعامل مع الوطن بالوزن والإحترام الذي يستحقه. لقد مررنا بظروف صعبة للغاية وكاد دور مصر ووزنها أن يختفي سواء دورها في المنطقة أو دورها الإقليمي أو دورها الدولي ولكننا اليوم في وضع مختلف تماماً وأؤكد لحضراتكم أن العالم كله يستمع إلي مصر ويحسب لها ألف حساب.ألم يأن الآوان أن ندرك نحن هذه الحقيقة؟... هناك الكارهون وهناك الخونة وهناك المأجورون، كل هؤلاء لن يكفوا عن محاولة الإساءة إلي مصر أو النيل منها ودورنا ليس أن نثنيهم عن ذلك لكن علينا تطوير ادائنا في تناول مثل هذه المحاولات الخبيثة وأن ندرك أننا بلد قوي لن تؤثر فيه مذكرة أو تقرير أو مقالة. هذا ما نستطيع أن نفعله، فهل من أمل في ذلك؟. كلمة أخيرة الإعلام المصري عليه دور كبير في هذا المجال. يجب أن يطور اداءه ويكون شديد الحرص والحذر في تناوله لهذه الموضوعات. نجوم الفضائيات وعظماء النت يجب ألا يكونوا هم مصدر المعرفة للمواطنين.انهم بذلك يتعاونون بقصد أو بدون قصد مع من لا يريدون الخير لمصر. ان العالم لا يحترم إلا القوي ونحن بلد قوي فلا تصغروا من شأنه. • عضو مجلس النواب