قطع الأزهر قول كل خطيب في الجدل الدائر حول مستقبل مصر وعلاقة الدولة بالدين، قال الأزهر كلمته في وثيقة مرجعية بعد نقاش عميق مع ممثلي النخبة الليبرالية وبعضهم من غلاة العلمانية، وتضمنت الوثيقة العديد من النصوص التي يمكن اعتبارها بحد ذاتها دستورا للمصريين باختلاف أطيافهم حيث وقع علي الوثيقة مسلمون ومسيحيون، فقهاء ومثقفون، رجال ونساء. عواجيز وشباب، ولم يبق بعد صدور هذه الوثيقة إلا الالتزام الجاد بما ورد فيها من نصوص تنهي باعتقادي هذا الجدل المحتدم حول طبيعة الدولة المصرية بعد52 يناير، حيث تدعم الوثيقة تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد علي دستور ترتضيه الأمة بحيث تكون سلطة التشريع لنواب الشعب بما يتوافق مع المفهوم الإسلامي الصحيح ، وأن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخري الاحتكام إلي شرائعهم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية، واعتماد النظام الديمقراطي التعددي، واحترام الأديان السماوية، واعتبار المواطنة مناط المسئولية في المجتمع، وضرورة اجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين واستخدامه لبعث الفرقة بين المواطنين، مع اعتبار الحث علي الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة في حق الوطن، وتأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وضمان الممارسة الحرة لجميع الشعائر الدينية دون أية مُعوِّقات، واحترام جميع مظاهر العبادة بمختلف أشكالها، دون تسفيهٍ لثقافة الشعب أو تشويهٍ لتقاليده الأصيلة، وكذلك الحرص التام علي صيانة حرية التعبير والإبداع الفني والأدبي في إطار منظومة قيمنا الحضارية الثابتة، واعتبار الأزهر الشريف هو الجهة المختصة التي يُرجع إليها في شئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة، مع عدم مصادرة حق الجميع في إبداء الرأي متي تحققت فيه الشروط العلمية اللازمة. أظن أنه من غير اللائق بعد هذه الوثيقة أن نعود إلي الجدل حول هذه القضايا، وأظن أنه من الواجب - كما دعا أصحاب الوثيقة من العلماء والمثقفين ذ أن تقوم كل الأحزاب والجماعات بالتوقيع علي هذه الوثيقة وتلتزم بالعمل بما ورد فيها، وأظن أنه أصبح لزاما علينا جميعا أن نترك حالة الجدل العقيم لننتقل إلي مرحلة البناء الديمقراطي الذي يبدأ بالانتخابات البرلمانية في سبتمبر تمهيدا لوضع دستور يلتزم بما ورد في هذه الوثيقة من مبادئ.