شهدت الأسواق مؤخرا تراجعات محدودة في أسعار بعض السلع، إلا أن هذه التراجعات تباينت فى نسبها واماكن تطبيقها، فقد شهدت الأسواق فى الريف والصعيد تراجعات محدودة فى أسعار الخضراوات واللحوم بينما الأسواق فى المدن احتفظت بمعدلات الاسعار.. الامر الذى أثار العديد من التساؤلات حول دور الدولة فى ضبط الأسواق وهل آن لها التدخل لحماية المستهلكين من جشع بعض التجار. الحل العاجل فى البداية يؤكد د. محمد أبو شادى وزير التموين الأسبق ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية الشرطة أن ضبط الأسواق وخفض اسعار السلع يتطلب العمل وفق سياستين طويلة وقصيرة الاجل، أوضح أن السياسة قصيرة الاجل والتى تمثل الحل العاجل لأزمة ارتفاع الأسعار تتمثل فى طرح المزيد من السلع فى منافذ الدولة بأسعار أقل من مثيلاتها بالسوق مع التوسع فى هذه المنافذ لتغطى جميع انحاء الجمهورية وبالتزامن مع ذلك تقوم الدولة بتفعيل دور جمعيات التعاون الاستهلاكى التى تستهدف تقديم خدمة وليس تحقيق ربح ويصل عدد فروعها فى المحافظات نحو 3 آلاف فرع، أكد أنه فى هذه الحالة سيتم الضغط على الأسواق لخفض الأسعار حتى تتمكن من منافسة المنتجات المعروضة بأسعار مخفضة فى هذه المنافذ. أضاف ان السياسة طويلة الاجل تتضمن العمل على زيادة انتاج السلع الاساسية وخفض معدلات الاستيراد لضمان استقرار اسعارها خاصة أن الاستيراد يخضع لأسعار الصرف التى قفزت بعد قرار تحرير سعر الصرف، أوضح أن الدولة عليها إنهاء الازمات التى تؤثر على الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية. قال وزير التموين الأسبق إن اللحوم والدواجن فى مصر تعانى مشكلتين رئيسيتين هما غلاء الاعلاف نظرا لاستيراد كميات كبيرة فى حين يمكننا استغلال المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة فى انتاجه والمشكلة الثانية هى الامراض المتوطنة التى تتسبب فى نفوق أعداد كبيرة. اما الثروة السمكية فيؤكد أبو شادى ان الدولة لو أحسنت استغلال المسطحات المائية التى تبلغ نحو 14 مليونا و500 ألف كيلو متر بالإضافة إلى المزارع السمكية التى تم إنشاؤها لن تكون هناك أية أزمات فى توفير الأسماك بالأسواق المحلية، . كما أكد ابو شادى اهمية تفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وتشديد عقوباته لتشمل الحبس وليس الاكتفاء بالغرامة لانها ليست رادعة بالشكل الكافي، وقال إن ذلك لا يتعارض مع سياسة السوق الحر التى تتبعها مصر حيث إن عقوبة الاحتكار فى الولاياتالمتحدةالامريكية إلى الحبس بمدة تصل إلى 10 سنوات. من جانبه قال د. مختار الشريف خبير الاقتصاد ان تدخل الدولة فى الأسواق عن طريق تطبيق تسعيرة جبرية لم يعد مقبولا كما انه لم يعد متبعا فى أى دولة بالعالم، وقال إن الدولة يمكنها إحكام السيطرة على الاسواق من خلال زيادة المعروض من السلع، وخفض تكاليف النقل بما ينعكس على سعر السلعة للمنتج النهائى وتحسين اساليب التخزين لخفض الهادر من السلع حيث يصل الهدر فى الخضراوات والفاكهة إلى نحو 40% نتيجة سوء التخزين الأمر الذى يدفع التجار لزيادة أسعار السلع لتعويض خسائرهم على حساب المستهلك النهائي. أوضحت الخبيرة الاقتصادية بسنت فهمى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن ضبط الأسعار فى أى مجتمع يبدأ من سلاسل المحال التجارية الكبرى وليس من الأسواق الشعبية، حيث إنه من الصعب السيطرة على الباعة المتجولين أو الأسواق الشعبية حيث إن هذا البائع لا يملك التحكم فى السعر لأنه مثله مثل المستهلك يجبر على بيع السلعة بسعر معين وفقا لما يأتى إليه من تجار الجملة. الحالة المادية وأضافت أنه من الصعب توحيد سعر السلعة الواحدة فى أماكن مختلفة لكن يبقى وضع السعر عليها هو الخطوة الأهم أمام المستهلكين لأنهم إذا وجود أن هناك اختلافا فى السعر يستطيعون الاختيار وفقا لحالتهم المادية وبالتالى الشراء من أى مكان يريده، كما أن المحال التجارية ستقوم بالتالى بعمل عروض مختلفة لجذب المزيد من المستهلكين وهو ما يزيد الفرص أمام المواطن للشراء من المكان الذى يحقق له سعرا وجودة أفضل، وأشارت إلى أنه من الصعب للغاية تحديد هامش ربح للتجار ولكن العمل بنظام وضع السعر على السلعة كما هو معمول به فى كل دول العالم سيكون الأساس الذى تنطلق منه الدولة للسيطرة على الأسواق. بينما أكد د. شريف دلاور، الخبير الاقتصادي، أن هناك نوعا من الترشيد حدث فى طبيعة الاستهلاك فى الأسرة المصرية بسبب ارتفاع أسعار معظم السلع خلال الفترة الماضية، حيث إنه على سبيل المثال فى اللحوم لو أن الأسرة اعتادت على شراء 2 كيلو أسبوعيا أصبحت تشترى الآن كيلو أو نصف كيلو فقط، كما أن هناك أنواعا كثيرة من السلع أصبحت الأسرة تفكر كثيرا قبل شرائها خاصة لو كانت سلعا كمالية. وأوضح أن هذا الترشيد تسبب بشكل كبير فى تقليل معدلات وطبيعة الاستهلاك وهو ما أدى بدوره إلى وجود وفرة فى المعروض من السلع وبالتالى لم يجد التجار أمامهم إلا تخفيض الأسعار بشكل تدريجي، وأضاف أنه يمكن أن تشهد الأسعار مزيدا من التراجع خلال الفترة المقبلة بسبب استمرار الأسر فى الترشيد، وشدد على ضرورة خلق منظومة متكاملة لإحكام الرقابة على الأسواق ووضع ضوابط واضحة لجميع المتعاملين بالسوق بدءا من بائع التجزئة وانتهاء بالتجار والمصنعين.