ارتفاع تكاليف الأدوية، والتكلفة الباهظة للعمليات الجراحية، واستعصاء بعض الأمراض علي الشفاء السريع، دفع العديد المرضي الذين ملوا الصبر إلي البحث عن طريق بديل يوقف أنين مرضهم، فوقعوا في شباك بعض العطارين، الذين أوهموهم بالدواء الشافي تحت مسمي »الطب البديل»، الذي أكد بعض الأطباء وأصحاب الاختصاص أن العلاج بالأعشاب نصب ودجل وقتل خلف الستار لأنه قد يتسبب في أمراض خطيرة علي رأسها السرطان والفشل الكلوي. »الأخبار» رصدت تزايد الإقبال علي وصفات العطارين، بحثا عن »الشفاء الرخيص» في ظل ارتفاع أسعار الأدوية، ونقص العديد من أصنافها، وسألت الأطباء والخبراء عن مخاطر استخدام وصفات الأعشاب بديلا للوصفات الطبية. شارع الأزهر واحد من أكثر المناطق التي تمتلئ بمحلات العطارة الشهيرة، التي تشهد إقبالا كبيرا طوال العام، لكن الفترة الأخيرة شهدت إقبالا مضاعفا، بحسب ما أكده العاملون في تلك المحلات، وبخاصة مع ارتفاع أسعار الكثير من الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، ونقص العديد من أصنافها، الأمر الذي دفع الكثير من الفئات غير القادرة إلي الاستفادة من وصفات العطارين بديلا لروشتات الأطباء. طلبنا من البائع وصفات أولها لعلاج فيروس سي والثانية لوقف تساقط الشعر والثالثة منشطات طبيعية، والتي تعد أكثر الوصفات طلبا ورواجا بسوق العطارة حسب قول البائع، الذي يقرر الوصفات بتلقائية واعتياد وسرعة ودون النظر إلي أية تفاصيل كسن المريض أو معاناته من أمراض أخري أو لا أو التساؤل عن وجود أي خلل وراثي والكتابة علي ورقة صغيرة أمامه لوصفات دوائية تمثلت في أعشاب فيروس سي بمبلغ 30 جنيها، وزيت شمر بمبلغ 30 جنيها لعلاج تساقط الشعر، وكريم بمبلغ 5 جنيهات، لينهي البائع »الدكتور» حديثه بمقولة: »ادفع يا أستاذ وتعالي استلم». تخرج من المحل حاملاً بضائع صغيرة تكلفتها 65 جنيهًا لعلاج مشاكل طبية لا تعلمها ولا البائع يعلمها ولكنه يوهم زبائنه بأنه إذا تناول أعشابه صباحا مع كوب لبن فسيشفي من فيروس سي، الذي يتكلف علاجه شهريًا مئات الجنيهات علي أقل تقدير. واصلنا جولتنا علي »عطارات» أخري أغلبها يدعي وجود العلاج لكن يرفض الدخول في تفاصيل وقلة بسيطة تكتفي ببيع الأعشاب الطبيعية »مواد العطارة المتعارف عليها». إقبال كبير وأكد محمد طارق، مسئول عن محل عطارة شهير بحي الأزهر، أن الأعشاب المعالجة موجودة وفعالة والإقبال عليها من قبل الجمهور كبير، وكل عشب وله استخدامه فهناك ما يقوي عضلة القلب، وهناك ما يتم استخدامه لتنظيم ضغط الدم والدورة الدموية، وغيرها في الكثير من الأمراض. وشدد علي ضرورة تحضير الوصفات بواسطة دكتور أعشاب وليس عطاراً ممارساً للمهنة، ضاربا المثل بمحل العطارة المسئول عنه وأن صاحب المحل دكتور متخصص، وقرأ الكتب القديمة ودرس الأعشاب وتخصص فيها واستخلص وصفات معالجة ونشر بعضها في كتاب. ويري عبد الفتاح العطار، صاحب محل عطارة منذ 35 عاماً، أن علاج الأعشاب للأمراض »كلام فاضي»، قائلا: »نحن نعالج المغص والكحة وبس حاجة كبيرة مينفعش».. وأضاف أن رواج سوق العطارة في علاج الأمراض سببه غياب الوعي والثقافة وتفشي الجهل. وأضاف أن أصحاب محلات العطارة الذين يروجون لهذا النوع من الأعشاب بائعو وهم و»نصابين». علاج عشوائي من جانبه، أكد د. محمد علي عز العرب، رئيس ومؤسس وحدة أورام الكبد بمعهد الكبد واستشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي، أن العلاج بالأعشاب غير علمي وعشوائية يعاني منها المواطن خاصة في الأوساط الفقيرة والقري الفقيرة ذات التعليم البسيط.. وأشار إلي أن الأعشاب المتواجدة في الأسواق غير آمنة مادام لم تتم تعبئتها بشكل صيدلي مناسب وصحيح وممنهج. وأضاف أن تلك الأفكار تنتشر بكثرة خاصة في الأونة الأخيرة استغلالا لعقول البسطاء وظروفهم الاقتصادية ومحاولة إيحائهم بأن هناك طباً بديلاً، وهو أمر عار تماما عن الصحة، وأوضح أن الأعشاب حاليا تتواجد علي الأرصفة في الشوارع وتباع داخل عربات المترو، ولا توجد رقابة علي تداولها في الأسواق. وبين أن بعض الأعشاب قد تتسبب في الفشل الكلوي، بسبب احتوائها علي مواد يصعب علي الكلي والمسائر الإخراجية الطبيعية بالجسم التخلص منها، الأمر الذي يودي بحياة المريض في النهاية.. ووصف بعض الأعشاب بالعشوائية القاتلة، فهي ليست آمنة وقد تؤدي إلي الموت لعدم إدراجها بشكل صيدلي سليم واحتمالية وجود الشوائب والفطريات، مثل فطر اسبرجيلوس السبب الرئيسي في سم الأفلاتوكسين المسبب لسرطان الكبد القاتل. بدوره، رفض د. رشوان شعبان، الأمين المساعد بنقابة الأطباء، إطلاق مسمي الطب البديل علي تجارة الأعشاب والوصفات، قائلاً: »ده كلام ملوش معني، ده اسمه الطب أبو ديل مش البديل». وأشار إلي أن ممارسة الطب تستلزم دراسة متأنية علي مدار سنوات، ثم تدريب عملي في تخصص محدد، متسائلًا عن مدي معرفة العطارين بعلوم وظائف الأعضاء وعلوم الأنسجة حتي يعطوا وصفات علاجية. وعن جذم البعض بأنهم عالجوا أنفسهم من خلال وصفات، أكد شعبان أن الأمر لا يتعدي كونه إيحاء من المريض أو أنه متآمر معهم للتأكيد علي مصداقية. تساقط الشعر وأكد د. هاني الناظر، استشاري الأمراض الجلدية، ورئيس المركز القومي للبحوث سابقًا، أن كثيراً من الوصفات المستخدمة من جانب العطارين لعلاج مشكلات الجلد والشعر تؤدي إلي مشكلات صحية كبيرة، فعلي سبيل المثال لا يوجد علاج لتساقط الشعر الوراثي إلا بعملية زرع الشعر، ولا يمكن إعطاء المريض أي دواء دون النظر إلي حالته فربما يكون السبب مرضاً في فروة الرأس أو أنيميا أو خللاً بوظائف الكبد أو الكلي، أو استخدام كريمات فرد الشعر.. وحذر من أن بعض الزيوت قد تنتج مضاعفات كالحساسية أو زيادة تساقط الشعر.