لم يكن يعرف تامر محمود عبدالوهاب أحد المعتصمين من أهالي مخيمات دار السلام والنهضة أمام ماسبيرو أن نهايته ستكون الموت غرقاً علي ضفاف نيل ماسبيرو.. وأمام أعين والدته العجوز وزوجته اللتين ألجمت المفاجأة لسانهما وهو يظهر ويختفي في المياه مستغيثاً بهما إلي أن ابتلعته مياه النيل ولم تطف جثته حتي الآن.. تعالت صرخات الأم والزوجة.. تجمع المارة وراكبو السيارات والمعتصمون.. أثار الحادث غضب المتظاهرين فقطعوا طريق الكورنيش من الجهتين ابتداء من كوبري 6 أكتوبر إلي نزلة كوبري 51 مايو ومنعوا عبور السيارات.. نصبوا الخيام في نهر الطريق مقررين عدم فتحه مرة أخري إلا بعد أن تتم الاستجابة لمطالبهم. القصة المؤلمة بدأت فصولها عندما استيقظ تامر »63 سنة« من النوم أثناء افتراشه أمام مبني ماسبيرو في اعتصامهم المفتوح، حوالي الساعة التاسعة صباحاً ونزل إلي شاطئ النيل لغسل وجهه والاستحمام.. بينما كانت زوجته بجواره تغسل ملابسهما.. وفجأة انزلقت قدمه وسقط في المياه، ولأنه لا يجيد السباحة، فقد فارق الحياة بعد أن فشلت محاولات إنقاذه. قام المعتصمون بالاستعانة بشرطة المسطحات المائية المتواجدة بالنيل. وحتي مثول الجريدة للطبع لم يتمكن الغواصون من الوصول إلي الجثة التي جرفتها المياه إلي مكان غير معلوم وتواصل فرق الإنقاذ جهودها لانتشال الجثة وسط حالة من الحزن والأسف لأسرته التي انهارت تماماً.. قالت أم المجني عليه »صباح اسماعيل أبو العلا« 56 سنة والدموع تتساقط من عينيها ل»الأخبار«: ذنب ابني إيه يموت كده!! كل ذنبه انه اعتصم معانا علشان حقه في شقة صغيرة يعيش فيها هو وأولاده.. احنا مش عايزين غير كده.. ثم أصيبت الأم بهستيريا البكاء ولم تستطع أن تنطق بكلمة أخري.. ثم قامت الأم بإلقاء »رغيف عيش« في المياه كنفحة علي روح ابنها وأخذت تدعو له. ولم تكن حالة زوجة المجني عليه سماح محمود جابر »43 سنة« أفضل من الأم فقد تملكتها الصدمة غير دارية بما يحدث حولها وصرخاتها تدوي في المكان فقد غاب عائلها وتركها وطفلتها مريم البالغة من العمر 3 سنوات.. وفي انتظار نجلها الثاني حيث إنها حامل في الشهر الثامن.. ومن ناحية أخري انتقلت أجهزة الأمن إلي منطقة ماسبيرو لتأمين المكان لمنع حدوث أية مشاجرات أو مشاحنات بين المعتصمين والمارة الذين أصيبوا بغضب شديد عقب الحادث.